خرج منتظر الزيدي من سجن ما كان يجوز أن يدخله بعد أن رمى جورج بوش بحذائه معبراً عن رأي العراقيين والعرب والمسلمين، ومعظم الأميركيين والأوروبيين، والناس أجمعين في إدارة أميركية متطرفة فاشلة.على مدى ثماني سنوات عجاف لم ينجح جورج بوش بشيء غير تجنب حذاء الزيدي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، ولو أن الزيدي لم يشتمه وهو يرميه بالحذاء لما كان بوش تنبه ولأصابه الحذاء في رأسه. لن أطيل فكلنا يعرف القصة واكتفي اليوم ببيتين من الشعر تلقيتهما في حينه: لدي سؤال بحجم العراق/ وطول الفرات ومد النظر لماذا وأنت سليل النخيل/ تهين حذاءك يا منتظر وأكمل بقصص أخرى: - سائق تاكسي باكستاني في نيويورك أعاد اليّ ذكريات بيروتية كادت سنوات العمر أن تمحوها من الذاكرة. المهاجر محمد بوتا مسحراتي نشرت «نيويورك تايمز» تحقيقاً جميلاً عنه في نهاية الأسبوع، جاء فيه أنه يمثل الجيل السابع من عائلة مسحراتية، وهو يعلّم ابنه الشاب المهنة لأنه يريدها أن تستمر في عائلته. لم أعرف في حياتي سوى مسحراتي واحد عندما كان بيتي في شارع مدام كوري، قرب الصنوبرة المشهورة، وفي حين أنني لم أعد أذكر اسمه، إلا أنني أذكر طبله، وهتافه «يا نايم وحد الدايم» خصوصاً أنه كان على خلاف مع جار لا يكرمه بشيء، ولا يستطيع المسحراتي تجاهله لأن في البناية أسراً مسلمة أخرى كريمة معه، فكان يقف ويدق الطبل ويهتف ويصرخ حتى يتأكد من أنه أزعج الرجل ويكمل جولته. لا أذكر أن أحداً منا شكا يوماً من ازعاج المسحراتي، حتى وهو يقول لنا إنه يستهدف الجار، ولكن الباكستاني في نيويورك أقل حظاً منه، فأدب الضيافة عند الأميركيين لا يشمل أن يوقظوا في الثالثة صباحاً، والمسحراتي بوتا يسجل ما تعرض له من اهانات وكيف منعته الشرطة من دخول أحياء بعينها حتى لم يبق له سوى منازل المهاجرين المسلمين مثله ومتاجرهم. وأكمل اليوم بقصص من هنا وهناك: - ليس في سيلفيو بيرلوسكوني ميزة واحدة تؤهله أن يرأس وزارة ايطاليا، أو حتى مالطا، إلا أنه في الحكم للمرة الثالثة بفضل سيطرته على نصف الميديا الايطالية، راديو وصحافة وتلفزيونات، وهو إن كان يصلح لشيء فمجرد أن يكون مثلاً على نفوذ الإعلام في هذا العصر، لأن هذا العجوز المتصابي وسط فضيحة جنسية متواصلة، بل متفاقمة، منذ شهور، وكان يفترض أن يسقط كبيت مبني على الرمل، وأن يكون سقوطه عظيماً، إلا أنه لا يزال في الحكم، ويؤيد اسرائيل ليعرف القارئ العربي نوع حكمه، ويهاجم خصومه، حتى رجل أعمال يعترف في محكمة بأنه زوده بحوالى ثلاثين فتاة ليل ومنهن من تناولت أجراً مقابل «خدماتها». هو يذكّرني بشيء سمعته من كوميدي أميركي أيام بيل كلينتون وفضيحة مونيكا لوينسكي فقد قال إنه يفترض أن الرئيس يغتصب الشعب كمجموع لا فرداً فرداً. وبيرلوسكوني قال مهاذراً في مؤتمر صحافي له أخيراً إنه يريد أن يرد على أسئلة المراسلين، وأن يأخذ أرقام هواتف المراسلات. - العائلة كلها، الزوجة والأولاد، تتهمني بأنني قليل الملاحظة، فلا أذكر تفاصيل من نوع لون شعر أو شكل فستان، أو تصفيفة شعر، ومع ذلك فقد لاحظت في الأشهر الأخيرة موضة كعب الحذاء الحريمي العالي جداً، حتى لا يعود كعباً بل مصعداً يصل الى الطبقات العليا. وقلت في نفسي إن هذا لا يمكن أن يكون مريحاً، وأمس قرأت نتائج استطلاع أظهر أن 80 في المئة من النساء يعانين من مشاكل في القدمين، وأن 37 في المئة منهن اعترفن بأنهن على استعداد لشراء حذاء غير مريح خضوعاً للموضة. ما هي الموضة للرجل؟ موضة البدلة الغربية التي أرتديها عمرها عقود وستستمر عقوداً أخرى. - أخيراً خبر أثلج صدري هو أن الأثرياء الجدد من الصينيين تقدموا على الأثرياء الروس والعرب في حجم الإنفاق في متاجر لندن ومطاعمها وفنادقها وملاهيها. هذا سباق لا مانع أن يكون العرب فيه «الطش» أي في المركز الأخير، مع خشيتي أن نعود الى «التقدم» لأن غياب العرب سببه بقاؤهم في بلادهم لصوم رمضان، لا نباهة مفاجئة. خبر «رويترز» عن الانفاق في لندن تركني في حيرة فقد كنت أعتقد أن المتسوقين من اليابان، ولكن الوكالة تقول إنهم من الصين، وأنا لا أستطيع التفريق بين صيني وياباني لأنهم لي مثل حمام الحرم، وليس في هذا عنصرية، فأنا أفضلهم على معظم الشعوب الأخرى لتهذيبهم.