جرى الحديث في مقالة الأسبوع الماضي عن أهمية توثيق تنفيذ العقود، وأن أهميتها بأهمية توثيق العقد ذاته، وفي هذه المقالة سأتناول الخطوات العملية التي يجدر اتباعها لتوثيق تنفيذ العقد. تبدأ هذه الخطوات من صياغة العقد ذاته، بتحديد آلية تنفيذ كلا طرفيه لالتزاماتهما، ومع مراعاة اختلاف طبيعة كل عقد إلا أنه يجدر الانتباه لأربع نقاط: زمن التنفيذ: وهل هو حال أو مؤجل أو مقسّط. ومكان التنفيذ: وهل هو عند أحد طرفي العقد أو عند طرف ثالث. ووسيلة التنفيذ: وهل هي محددة في شكل معين. وإذا كان بدفع مبالغ مالية: هل يشترط أن تكون بشيك أو حوالة أو نقد يقيّد بسند قبض أم غير ذلك. وأخيراً، الشخص المسؤول عن قبول التنفيذ، وخصوصاً حين التعامل مع الشركات المتعددة الأقسام أو الفروع، فالفطنة في هذه الحال تعين الشخص أو القسم الذي له حق إجازة التنفيذ وأنه وفق الالتزامات التعاقدية، فمن الوارد جداً أن ينفي المدير العام تخويل موظف ما بقبول بضائع أو أعمال من الغير أمام القضاء، على رغم أنه رآه يمارس ذلك وسكت عنه. بيان هذه النقاط الأربع في العقد، «الزمان والمكان ووسيلة التنفيذ والشخص المعني بقبول التنفيذ»، يسهل مهمة تتبع التنفيذ والتأكد منه، واتباعها يضمن توثيق التنفيذ، وييسر وجود الإثبات عليه. في غالب العقود يكون دفع الثمن أو المتبقي منه هو المرحلة الأخيرة من تنفيذ العقد، وعلى الدافع في هذا الحال التفرقة في شكل مُفصّل كتابياً بين المستحق إجمالاً وبين المسدد منه وبين المتبقي، ثم النص على قدر الحوافز أو غرامات المخالفات إذا وجدت. أما المستلم، فمهمته تنحصر في أخذ إقرار بالمتبقى له في ذمة الطرف الآخر عبر إرسال خطاب مُثبت الإرسال، فيه بيان للمبلغ الواجب دفعه، مع التنويه بأن عدم الرد عليه خلال مدة معينة يعتبر إقراراً بقدر المبلغ المستحق. القضاء يتقصى الإثبات، فاجتهد أن تؤسس حقوقك على أساس ثابت تشهد لها البينات، لا أن تكون تحت رحمة خصمك أقرّ بحقك أو أنكره. * القاضي بديوان المظالم سابقاً. [email protected]