حمّل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو الفلسطينيين المسؤولية عن تعثر المفاوضات بداعي «عدم تزحزحهم عن مواقفهم»، فيما قلّل وزير دفاعه موشيه يعلون من تحذيرات وزير الخارجية الأميركي جون كيري لإسرائيل بأن فشل المفاوضات بينها وبين الفلسطينيين قد يتسبب في اندلاع انتفاضة ثالثة. وكان كيري عاد إلى إسرائيل صباح أمس من عمّان للقاء ثالث خلال يومين مع نتانياهو عقد في مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب وطغى عليه، كما بدا من تصريحاتهما، الملف النووي لا الفلسطيني. وربط نتانياهو في تصريحاته عقب الاجتماع بين الملفيْن بقوله إن ما يقوله عن ايران صحيح أيضاً في الملف الفلسطيني، مضيفاً: «هنا أيضاً لن أساوم أبداً على أمن إسرائيل ومصالحها الحيوية حتى أمام كل الضغوط العالمية، ولن ينجح أي مقدار من الضغط في أن يدفعني أو يدفع حكومة إسرائيل للتنازل عن المصالح الأمنية والوطنية الأساسية لإسرائيل»، مشيراً الى أن الإسرائيليين يعرفون ذلك ويدعمون هذا الموقف. ودعا إلى ممارسة الضغط «في المكان الصحيح، أي على الفلسطينيين الذين يرفضون التزحزح عن مواقفهم». وقال وزير الدفاع في تصريحات لوسائل إعلام عبرية إنه «لا ينبغي التخوف من التهديدات باندلاع انتفاضة ثالثة»، محملاً الفلسطينيين مسؤولية عدم التقدم في المفاوضات، ورافضاً الربط بين الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي مع الأوضاع في المنطقة أو مع الملف الايراني. واستبعد حلاً للصراع في المدى المنظور، وقال: «لا يوجد أي مؤشر في الجانب الفلسطيني يقود إلى تسوية ... لذلك يبدو أننا لن نحل الصراع على أساس اعتقادنا، وسيتم التوصل إلى حل مع مرور الوقت». ودعا إلى وقف الربط بين الملف الايراني والنزاع الفلسطيني - الاسرائيلي، وربط كل شيء بهذا الصراع، مضيفاً أن المنطقة ليست مستقرة ليس بسبب هذا الصراع. وأضاف: «هناك من يرى أن الصراع هو على الأراضي فقط، وأنه بدأ عام 1967 وسينتهي عند حدود ذلك العام، لكنني لم أسمع أياً من القيادة الفلسطينية، بمن فيه (الرئيس محمود عباس) أبو مازن يقول إنه مستعد لاعتبار أي تسوية نهايةَ الصراع ونهاية المطالب، والاعتراف بإسرائيل الدولة القومية للشعب اليهودي». وغمز من التدخل الأميركي في الحض على التوصل إلى تسوية بالقول: «هناك عملية سياسية نحن معنيون بها، ومن جهة أخرى هناك من يعرف ويشرح لنا ما هو الحل، ويعرف كيف الوصول إليه خلال فترة قصيرة». وأضاف: «ندير صراعاً مفتوحاً ومتواصلاً ... لكن الفلسطينيين يتحدثون عن الشيخ مونس (تل أبيب) ومجدل (أشكلون) ... نحن خرجنا من قطاع غزة وهم يواصلون مهاجمتنا، إنهم يربون الجيل الناشئ على أن حيفا وعكا هما ميناءان فلسطينيان، وغير ذلك». وتابع أنه لا يرى مجالاً لأي تسوية حيال هذه الأوضاع، «ولا يبدو أننا سنتوصل على أساس اعتقادنا ... لا أعني أننا نريد مواصلة السيطرة على الفلسطينيين إنما لديهم استقلال سياسي، وجيد أن يكون أمر كهذا ... نحن مع تطوير الاقتصاد والحكم في السلطة الفلسطينية وفرض القانون والنظام والتعليم ... لكن يبدو إننا إزاء حالة لا حل لها في الوقت الراهن، إنما مع مرور الوقت ... علينا إدارة الأمور بذكاء، ولا ينبغي أن نخشى تهديدات باحتمال اندلاع انتفاضة ثالثة». ولم تتفق معه رئيسة طاقم المفاوضات وزيرة القضاء تسيبي ليفني التي قالت للإذاعة العامة إن تحذيرات كيري نابعة عن اهتمامه بمصلحة إسرائيل و «هو يعتقد أن اتفاق سلام بيننا وبين الفلسطينيين هو أمر مصيري بالنسبة الى إسرائيل وأمنها، ويحذر في الوقت ذاته من أن الهدوء السائد اليوم هو هدوء موقت». وكان وزير الخارجية الأميركي كرر خلال مقابلة مشتركة أجراها معه تلفزيون «فلسطين» والقناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي مساء أول من أمس انتقاده إعلان إسرائيل أعمال بناء جديدة في المستوطنات في موازاة إطلاق الدفعة الثانية من الأسرى الفلسطينيين الأسبوع الماضي. وكرر نفيَه ما أشاعته مصادر قريبة من نتانياهو من أن الفلسطينيين وافقوا على معادلة «الأسرى في مقابل البناء»، وشدد على أن الاتفاق الذي سبق استئناف المفاوضات قضى بإطلاق أسرى في مقابل تجميد الفلسطينيين توجههم إلى الأممالمتحدة ومؤسساتها في الوقت الحالي. واعتبر إرفاق إسرائيل الإفراج عن الدفعة الثانية من الأسرى في مقابل الإعلان عن بناء 5000 وحدة سكنية في مستوطنات القدس والضفة الغربية «يبعث برسالة تقول إن نتانياهو غير جدي حيال عملية السلام». وحذر كيري من أبعاد تعثر المفاوضات، مضيفاً أن البناء الجديد في المستوطنات يحول دون تقدمها. وتابع أنه في حال بقيت المفاوضات متعثرة «فإن العالم العربي والفلسطينيين سيبدأون بدفع الأمور باتجاه آخر، وأعتقد أن آخر ما تريده إسرائيل هو العودة إلى العنف، لذلك عليها أن توقف الاستيطان والتفكير بهذا الواقع». وتساءل: «هل تريد إسرائيل انتفاضة ثالثة؟ إذا لم نجد الطريق لصنع السلام، ستتزايد عزلة إسرائيل وتتصاعد حملات نزع الشرعية عنها».