تواصلت المشاورات أمس بين الفرقاء السياسيين في تونس من أجل استئناف الحوار الوطني، الذي عُلّق الإثنين الماضي بسبب فشل الأحزاب الحاكمة والمعارضة في التوصل إلى اتفاق حول شخصية تتولى تشكيل حكومة الكفاءات المرتقبة للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي قبل ثلاثة أشهر. وعقدت المنظمات الراعية للحوار الوطني (اتحاد الشغل واتحاد رجال الأعمال وهيئة المحامين ورابطة حقوق الإنسان) اجتماعاً في ما بينها في مقر الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) للنظر في إمكانية استئناف الحوار الوطني نهاية هذا الأسبوع. وأكدت مصادر من داخل الحوار الوطني إلى «الحياة» أن الرباعي الراعي للحوار يتوجه إلى استئناف المحادثات بين الموالاة والمعارضة بعد ضمان تخلي كل طرف عن مرشحه وبخاصة تخلي حركة «النهضة» الإسلامية التي تقود الائتلاف الحكومي عن مرشحها الوزير السابق أحمد المستيري. وكان الأمين العام لاتحاد الشغل حسين العباسي التقى أول من أمس، قيادة حركة «النهضة» وقيادة «الجبهة الشعبية» (تحالف اليسار والقوميين) في انتظار لقاءات أخرى سيعقدها مع أحزاب «نداء تونس» و «الجمهوري» و«التحالف الديموقراطي» و«المسار الاجتماعي» و«التكتل» (شريك في الائتلاف الحاكم) بهدف الحصول على ضمانات بنجاح الحوار الوطني في حال استئنافه. من جهة أخرى، قرّر حزب «التكتل» تعليق نشاط كتلته النيابية في المجلس الوطني التأسيسي احتجاجاً على ما اعتبره «انقلاباً على الديموقراطية في المجلس»، وذلك على خلفية إدخال تعديلات على النظام الداخلي للمجلس التأسيسي اعتبر أنها «تمس دور المجلس ودور المعارضة فيه». وكانت كتلة حركة «النهضة» (أكبر كتلة في البرلمان) وبعض الكتل القريبة منها أدخلت تعديلات على النظام الداخلي يسمح لها بتمرير القوانين دون اعتبار للنصاب القانوني للمجلس، كما يسمح لها بعقد الجلسات العامة والمصادقة على الميزانية ومشاريع القوانين بحضور 109 من أصل 217 من أعضاء المجلس ومن دون حضور رئيس المجلس، الأمر الذي اعتبرته المعارضة «انقلاباً برلمانياً يهدف إلى إفشال الحوار الوطني والتحكم في الحكومة المقبلة». إلى ذلك، نفذ القضاة التونسيون أمس إضراباً عاماً احتجاجاً على ما اعتبروه «تدخلاً من السلطة التنفيذية في عمل القضاة»، مطالبين وزير العدل نذير بن عمو (مستقل) بالتراجع عن التعيينات القضائية الأخيرة. وصرحت رئيسة نقابة القضاة التونسيين روضة العبيدي، إلى «الحياة» بأن إضراب القضاة «جاء دفاعاً عن استقلالية القضاء واحتجاجاً على ما وصلت إليه وضعية القضاء».