تشغل جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب حيّزاً مهماً من اهتمامات سلطات دول العالم، نظراً إلى خطورتها على أمن الدول والمجتمعات. وشددت ندوة «المستجدات في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وإدارة الأخطار المتعلقة بها»، التي نظمها اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع هيئة التحقيق الخاصة لمكافحة تبييض الأموال في مصرف لبنان والاتحاد الدولي للمصرفيين العرب في فندق «كورال بيتش» في بيروت، على ضرورة تعديل جذري لتقنيات الرصد. وأعلن رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب جوزف طربيه، أن جرائم تبييض الأموال وتمويل الإرهاب «أخطر أنواع الجريمة المنظمة»، لافتاً إلى «تشكيل التجمعات المهنية الدولية لهذا الغرض، ولعل أبرزها كان مجموعة العمل المالي (FATF) ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF)». وذكّر بأن لبنان «ساهم في تأسيس المجموعة الأخيرة، وأُنشئت هيئة التحقيق الخاصة التي (أوكلت) رئاستها إلى حاكم مصرف لبنان المركزي الذي يتمتع باستقلال عن السلطات المختلفة، ما انسحب على عمل الهيئة التي اكتسبت صدقية على الصعيدين الداخلي والخارجي انعكست إيجاباً على القطاع المالي في لبنان». وشدّد طربيه على ضرورة أن «تعدّل السلطات الرقابية بالتعاون مع المصارف والمؤسسات المالية جذرياً تقنيات الرصد المتبعة، لأن العصابات العاملة في تبييض الأموال وتمويل الإرهاب تسعى إلى استخدام تقنيات متطورة في وسائل الدفع والخدمات المصرفية». وأوضح أن المصارف والمؤسسات المالية «لجأت أيضاً إلى ابتكار الإجراءات الاحترازية للحد من الأخطار الناجمة عن هذه الجرائم». ولفت إلى تعميم المصرف المركزي الذي «يفرض تأسيس وحدة امتثال أو التزام في كل مصرف، فضلاً عن التنسيق الفاعل بين هيئة التحقيق الخاصة والسلطة القضائية وقوى الأمن الداخلي في مكافحة هذا النوع من الجرائم». وتحدث أمين سر هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان عبد الحفيظ منصور، عن المعايير التي وضعتها مجموعة العمل المالي (FATF) أي «التوصيات ال 40» لمكافحة تبييض الأموال، ومن هذه التوجيهات «اعتماد المقاربة المبنية على الأخطار لتعزيز الإجراءات المتبعة في حالات الأخطار العالية، رفع مستوى متطلبات الشفافية المتصلة بالأشخاص المعنويين وتحديداً في الملكية والسيطرة، تعزيز التعاون الدولي بين السلطات لتبادل المعلومات». وأشار الى «تنسيق عالٍ بين «الهيئة» وجهات تنفيذ القانون والمصارف والقطاع المالي، والجهات الخارجية ووحدات الإخبار المالي، ونتج من ذلك تضاعف في حجم عمل الهيئة، وتجلى ذلك العام الماضي في ارتفاع ملحوظ في عدد الإبلاغات (434) وطلبات المساعدة (156)، وعلى صعيد التحقيقات ورقابة الامتثال (225 عملية تدقيق ميداني)، وأدت التحقيقات إلى رفع السرية المصرفية في 24 قضية وإحالتها على النيابة العامة». وأعلن عضو لجنة الرقابة على المصارف في مصرف لبنان عضو الهيئة المصرفية العليا أمين عواد، أن لبنان «طبق اتفاق «بازل - 2» الذي نص على ضرورة أن تقارب المصارف كل أنواع الأخطار، خصوصاً تلك المتصلة بالائتمان والسوق والتشغيل»، مشيراً إلى أن «الفئة الأخيرة جديدة طلبت لجنة «بازل» التنبه إليها ومعالجتها ومراقبتها ورصد رأس مال خاص بها». ولفت إلى أن المصرف المركزي وبعد تجاوز حجم القطاع المصرفي ثلاثة أضعاف الاقتصاد وتوسع عملياته في الخارج، «طالب المصارف بالتشدد في تطبيق نظام مراقبة العمليات المالية والمصرفية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، خصوصاً احترام القوانين والأنظمة المطبقة على مراسليها في الخارج، والتعامل معهم وفق القوانين والإجراءات والعقوبات المقررة من المنظمات الدولية الشرعية أو السلطات السيادية في بلاد هؤلاء المراسلين». وإذ ذكر أن مصرف لبنان «فرض على المصارف والمؤسسات المالية إنشاء دائرة الامتثال»، أشار إلى أن «حاكمية مصرف لبنان تطلب في أحيان كثيرة إعداد مهمات مشتركة بين لجنة الرقابة وهيئة التحقيق لتغطية كل جوانب العمليات».