لا تزال روحانية السماوات المجللة بالملائكة تهبط سكينة وسلاماً مع استمرار العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، على قلوب قاصدي المسجد الحرام، المتعلقين بأستار الكعبة المشرفة، والمتناثرين حولها، طمعاً في العتق من النار، ومشهد الأمم المستقبلة لقبلة المسلمين، يملأ النفس إجلالاً وتعظيماً لرب البيت العتيق. وتمتزج الدموع الصاعدة إلى السماء والرحمات المتنزلة منها، لتغسل القلوب بيقين العفو، من رب كتب على نفسه الرحمة، وكتب على عباده شهراً للرحمة، أوله رحمة وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، يشهد ليلة القدر التي يتطلع لها المسلمون لتسجيل ما «خير من ألف شهر» في موازين أعمالهم التي يتوقون للقاء ربهم بها. ولا يكتمل مشهد الروحانية في المكان، من دون توافر سبل الأمن والراحة للمعتمرين والزوار، حيث تواصل القطاعات الحكومية ذات العلاقة تقديم أرقى الخدمات لقاصدي بيت الله الحرام، فيما تشهد المنطقة المركزية في العاصمة المقدسة حركة دؤوبة لا تهدأ ليلاً ولا نهاراً، فازدانت بهم أم القرى، بين من يواصل أداء مناسك العمرة، وبين رافع قلبه إلى السماء، أو خاشع بوجهه إلى الأرض رهبة من رب السماء، فيما تنتشر في الساحات المحيطة بالمسجد الحرام موائد الإفطار التي يقدمها المستودع الخيري في مكةالمكرمة تحت إشراف لجنة الرفادة والسقاية التابعة لإمارة منطقة مكة. وأبدى عدد من الزوار والمعتمرين ل «الحياة» سعادتهم بوجودهم في رحاب بيت الله العتيق، وفي هذه الأيام المباركة، مؤكدين أنهم ينعمون بالأمن والأمان والراحة والاطمئنان وسط خدمات مقدمة وميسرة في جميع المجالات. وأوضح مدير المستودع الخيري محمد مرزا عالم أن مجموع الوجبات التي سيتم تقديمها للزوار والمعتمرين خلال شهر رمضان المبارك في الساحات المحيطة بالمسجد الحرام وداخل الحرم يتجاوز مليون وجبة. وقال: «في داخل المسجد الحرام تقتصر الوجبات على التمر والقهوة فقط، إذ تعاقد المستودع مع إحدى الشركات السعودية المتخصصة في تقديم الأغذية على توليها إعداد وتجهيز هذه الوجبات بأرقى الطرق الصحية وتقديمها طازجة يومياً». وأكد أن هذه الموائد تشهد إقبالاً كبيراً من الزوار والمعتمرين ومن الفقراء والمساكين. وقال: «يبدأ الإعداد والتجهيز لها بعد أذان العصر مباشرة، إذ يبدأ شباب المستودع في نشر السفر بطريقة منظمة، ومن طرح موائد الإفطار، فيما يتم رفع مخلفاتها بطريقة سريعة، وقبل إقامة صلاة المغرب، لتهيئة الساحات والمواقع للمصلين الذين يؤدون صلاة المغرب والعشاء والتراويح».