يهدّد عدد من مالكي حافلات نقل الركاب وسيارات الأجرة في اليمن باستخدام وقود الغاز عوضاً عن البنزين، بعد قرار الحكومة أخيراً رفع سعر البنزين بنسبة 70 في المئة. فالقرار الذي رفع سعر صفيحة البنزين من 11 دولاراً إلى قرابة 19 دولاراً، لم يطل مادة الغاز التي ما يزال سعر صفيحتها بحدود 5 دولارات. وأثار تحذير وزارة النقل مالكي حافلات النقل من أي زيادة تتجاوز 20 في المئة على تعرفة نقل الركاب، حالة سخط كبيرة بين السائقين الذين حاولوا فرض زيادة توازي نسبة الزيادة الحكومية على أسعار الوقود. وسجلت خلافات بين السائقين والركاب وصلت إلى حد قيام سائق حافلة في محافظة تعز بقتل راكب رفض دفع أجرة تفوق التعرفة التي عممتها وزارة النقل. ويسأل مجاهد الوصابي، سائق حافلة: «كيف ترفع الحكومة سعر البترول 70 في المئة، وتلزمنا بزيادة 20 في المئة على الركاب؟». ويضيف: «القرار ظالم... وإذا لم تتراجع الحكومة عن ذلك فلن يكون أمامنا إلا بيع الحافلات، أو تحويلها للعمل على الغاز بدلاً من البنزين، على رغم أثر ذلك على العمر الافتراضي للمحركات». وتقنية تحويل محركات السيارات من العمل باستخدام مادة البنزين إلى الغاز، انتشرت في اليمن عام 2001 عبر إحدى شركات القطاع الخاص، بعد قرار حكومي آنذاك برفع أسعار البنزين 40 في المئة. حينها، شهدت الفكرة إقبالاً كبيراً من مالكي السيارات، وبخاصة حافلات النقل، لكنها لم تكن حلاً مثالياً، كونها تكلّف مالك السيارة 600 دولار لإضافة خزان الغاز، وإدخال بعض التعديلات على المحرك. الأسوأ من ذلك هو أن الغاز يقلّل من أعمار المحركات، كما يقول المهندس أنور محمود، مالك إحدى ورش صيانة السيارات. ويضيف: «رخص سعر الغاز يغري مالكي السيارات وحافلات النقل، لكن فاتورة الصيانة تكون مرتفعة... المحركات تتعرض لأضرار مختلفة، وهذا أمر طبيعي، لأنها مصممة أصلاً للعمل بالبنزين». ويقول عبدالله المطاع، سائق باص: «نحن في ورطة، فإما أن نستمر في استخدام البنزين الغالي، وهذه مصيبة بموجب تسعيرة النقل المحددة من الحكومة، أو نحوّل باصاتنا إلى الغاز، وهذا هو الحل»، ويتابع: «بالنسبة لي سأتحمل تكلفة شراء نظام الغاز وتركيبه، على رغم أن تكلفة الصيانة السنوية ستكون أعلى"، واصفاً الحكومة بأنها «فاشلة». على خلاف حال المطاع، يبدو أحمد اللكمي أكثر ارتياحاً وهو ينتظر دوره في إحدى محطات الوقود الخاصة بتعبئة الغاز للسيارات. يقول اللكمي: «قبل أربع سنوات حوّلت سيارتي للعمل بالغاز، والحكومة لم ترفع سعره منذ ذلك الحين، والآن دخلي أفضل من السابق». وكانت الحكومة أقرّت في 30 تموز (يوليو) الماضي رفع أسعار الوقود، لتجنب مأزق انهيار الأوضاع المالية في البلد، وخوفاً من احتمال عجزها عن صرف مرتبات موظفي الدولة، ابتداء من أيلول (سبتمبر) المقبل. وقوبل قرارها بموجة غضب شعبيه، وأحرق متظاهرون إطارات السيارات في شوارع عدد من المدن. وأشارت الحكومة إلى أن فاتورة الدعم كانت تكبّد الدولة ما يعادل ثلاثة مليارات دولار، وأن 80 في المئة من هذا الدعم يذهب للفئات غير المستحقة، واستثنت في قرارها مادة الغاز، لأهميته بالنسبة للمواطنين، على رغم أن فاتورة دعمه تبلغ قرابة 700 مليون دولار سنوياً.