بدأت الحكومة المصرية تطبيق قرار رفع الدعم عن بنزين «95 أوكتان» لتصل إلى معدلات الكلفة الفعلية، كما ستبدأ تطبيق قرار توزيع البنزين 80 و90 و92 عبر الكوبونات بداية نيسان (أبريل) المقبل من خلال توزيع حصص معينة للسيارات التي لا تتجاوز قوة محركها 1600 «سي سي». وتُعتبر مسألة ترشيد الدعم، الذي يمثل حوالى ربع الإنفاق الحكومي، حاسمة لحصول مصر على قرض قيمته 4.8 بليون دولار لمساعدتها في سد العجز المتفاقم في الموازنة، إذ بلغ الدعم الحكومي للمواد البترولية وحدها خلال السنة المالية الماضية نحو 115 بليون جنيه (18.8 بليون دولار). وقررت الحكومة رفع أسعار البنزين 95 أوكتان إلى 585 قرشاً بهدف اختبار رد فعل المواطنين تمهيداً لتطبيق رفع الدعم عن كل أنواع البنزين، لكن محطات الوقود شهدت تراجعاً في الإقبال على هذا النوع من البنزين. وأشار مصدر مسؤول في وزارة النفط إلى أن «المحطات تسلمت اللوائح الجديدة للأسعار لإدخالها في مضخات الوقود لمنع أي تلاعب، وحتى تكون قائمة الأسعار واضحة أمام المستهلك في المحطات». وكانت الحكومة أجّلت خطتها لرفع الدعم عن البنزين ترقباً للوضع في الأردن بعد الاحتجاجات التي شهدها أخيراً اعتراضاً على خطوة مماثلة. ويأتي القرار من دون درس أو مراعاة للوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه الجزء الأكبر من الشعب المصري، والذي يعتمد على ثلاث وظائف لسد حاجاته المعيشية. ولفتت الموظفة في شركة أدوية إيمان أبو الخير إلى أن «هذا القرار هو الثالث الذي تصدره الحكومة في مواجهة الشعب، فالأول كان القرار الذي لم ولن ينفذ والمتمثل في إغلاق المحال التجارية عند الساعة العاشرة مساء، والثاني هو بدء تطبيق نظام الكوبونات الخاص ببنزين 80 و90 و92 على أن يتم تنفيذه في نيسان المقبل، من دون أن تقدم أية تفاصيل حول طبيعة هذا النظام أو سُبل توزيع تلك الكوبونات على المواطنين أو الحد الأقصى لكل مواطن من حصة البنزين المدعوم، أو تأثير هذا القرار في الوضع الاقتصادي للشعب، وفي الأسعار المزمع أن تشهد قفزة تاريخية في حال تطبيقه». وتتراوح كمية البنزين المدعوم الذي ستوفره الحكومة للمواطنين بين 1800 و2500 ليتر سنوياً، أي أن حصة كل مواطن ستتراوح بين ستة وسبعة لترات يومياً، وفقاً للقرار الذي سيشمل السولار أيضاً، ما يعني أن الحد الأقصى يكفي المواطن لتجاوز مسافة تتراوح بين 60 و70 كيلومتراً يومياً في المتوسط، أي أن المواطنين الذين يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى أعمالهم سيتضررون بشدة من القرار، وكذلك الحال بالنسبة لسائقي سيارات الأجرة وحافلات النقل الجماعي. توزيع البنزين بالكوبونات وأكد وزير التخطيط والتعاون الدولي أشرف العربي أن الحكومة تدرس سُبل توزيع البنزين عبر كوبونات، والهدف هو رفع المعاناة عن الشعب. وقال «الحكومة تنوي تطوير الحافلات الحكومية عام 2013 بالتوازي مع رفع الدعم المزمع تطبيقه بداية نيسان المقبل». وستكون الحكومة أمام خيارين: إما التراجع نهائياً عن القرار، أو مواجهة ثورة غضب عارمة وثورة جياع، وفي حين أن التراجع عن القرار سيكون صعباً لأن قرض صندوق النقد الدولي منذ البداية مرتبط بخفض الدعم الحكومي للسلع الأساس ومنها البنزين والكهرباء والغاز الطبيعي، إلا أن الاستمرار في القرار يعني بداية النهاية للحكومة لأن الشعب الذي انتظر تحسّن أحواله بعد الثورة سيكتشف أن أوضاعه في ما يتعلق بأساسات الحياة، تتجه نحو الأسوأ.