ظلت قصة حنين (6 سنوات) ابنة الأسير الفلسطيني المحرر عام 1999 جبر وشاح، عالقة في ذهنه أثناء زيارتها له في سجن غزة المركزي، وقال: «شعرت أني غير مرغوب فيّ لديها». تنقّل وشاح في السجون الإسرائيلية من سجن غزة المركزي إلى عسقلان إلى بئر السبع إلى الرملة والجلمة، وأخيراً إلى سجن نفحة الصحراوي، الأشد قسوة وحراسة أمنية، لمدة 14 سنة، لأنه مارس العمل المسلّح ضد القوات الإسرائيلية عام 1985، متعرّضاً للضرب بالعصا أثناء التحقيق معه في زنزانات العزل. حال وشاح لا تختلف عن حال 5 أسرى محررين آتين الى لبنان من فلسطين ليعبروا عن معاناتهم في مؤتمر صحافي عقدته «لجنة عائلات لبنان تساند عائلات فلسطين» في دار نقابة الصحافة، فالأسير المحرر أبو العبد السكافي روى كيف توفيت ابنة ابنه المعتقل منذ 15 سنة بعد إصابتها بصدمة أدت إلى شللها على الفور، لأن أحد السجانين لم يدعها تزور والدها. وروى وشاح قصة زيارة ابنته له، قائلاً: «كان نظام الزيارة عبر الشبك الحديدي، حيث تتلامس أطراف اليد. وكان أحد أهم إنجازات الإضراب الذي قمنا به هو إمكان احتضان أبنائنا ما دون 8 سنوات إلى الجانب الآخر من الشبك الحديدي لمدة 5 دقائق، وفي ذلك اليوم أتت ابنتي حنين».وتابع: «عندما احتضنتها انفجرت بالبكاء، وأدركتُ لاحقاً أن السبب كان خوفها حين رأت أمها من خلف شبك الحديد الفاصل بيننا، اذ تخيلت أنها أيضاً مسجونة». ورأى أن «هدف الأسر في السجون الإسرائيلية هو تحطيم الأسير وإخراجه من السجن إما ملفوفاً بكفن أو عالة على مجتمعه»، مشيراً إلى «وجود قسم الهندسة البشرية الذي يضم عشرات من كبار علماء النفس والجريمة والأطباء الذين يضعون الخطط الإسرائيلية لتحطيم إنسانية الإنسان الفلسطيني». ويمثل وشاح واحداً من مئات الأسرى الفلسطينيين الذين تلقوا خلال فترة اعتقالهم علاجاً غير مناسب لأمراضهم، ما تسبب بتضاعف معاناته الصحية، وتعد حال وشاح النفسية وأمثاله أخف وطأة من أسرى فلسطينيين تركتهم إدارات السجون الإسرائيلية من دون دواء مناسب فتوفوا أثناء اعتقالهم أو عقب الإفراج عنهم. وروى نائل الخليل البالغ حوالى 55 سنة، كيف أن صديقه في السجن شعر بآلام شديدة داخل السجن قبل أربع سنوات من تحرره فذهب إلى العيادة الطبية في السجن وشرح للطبيب ما يجري معه، فأعطاه مسكناً لآلام القلب والمعدة، وتكرر الأمر أكثر من مرة، وفي كل مرة كان الطبيب يغير نوع الدواء. وذكر كيف أن «عدم تحسن حاله مع هذه الأدوية دفعه عقب الإفراج عنه لإجراء فحص طبي شامل، أظهر إصابته بمرض في القلب وحاجته إلى عملية قلب مفتوح». واعتبر عبد الناصر فروانة، الأسير المحرر منذ سنوات ومدير دائرة الإحصاء في وزارة الأسرى في السلطة الفلسطينية، أن «ملف الإهمال الطبي في السجون الإسرائيلية يمثل أكثر الملفات ألماً وصعوبة وتهميشاً». وقال فروانة إن «الأسرى، وخصوصاً أصحاب الأمراض الخطيرة، يعيشون أوضاعاً مأسوية في السجون الإسرائيلية». وأشار إلى أن «كل الإحصاءات الرسمية تشير إلى أن إسرائيل ما زالت تحتجز في سجونها حوالى 5000 أسير فلسطيني غالبيهم من الضفة الغربية موزعين على 17 سجناً ومعسكراً أبرزها نفحة، ريمون، عسقلان، بئر السبع، هدائيم، جلبوع، شطة...». وأكد أن «من بين الأسرى يوجد مئتا طفل تقل أعمارهم عن 18 عاماً ولم تراعَ حاجاتهم، و16 أسيرة و15 نائباً منتخباً». وأكد «وجود 1500 أسير يعانون من أمراض مزمنة ومختلفة في السجون الإسرائيلية»، لافتاً إلى أن «هذا العدد مرشح للتصاعد للضعف على الأقل إذا أجريت فحوص طبية حقيقية لجميع الأسرى». ونبه إلى وجود 24 أسيراً يعانون مرض السرطان إلى جانب أسرى من ذوي الحاجات الخاصة.