غطرسة أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله في خطاباته تزيد كل ما توجه إلى جمهوره. فقد اعتبر أمس أن قتال قواته ضد الشعب السوري هو قتال رابح لمقاومة زعمت أنها تقاتل العدو الإسرائيلي وهي تقتل أبناء شعب عربي فتح لهم أبوابه وقلوبه عندما قصفت القوات الإسرائيلية مناطقهم في 2006. أين هذا التواضع الذي صوره نصرالله في قبول صيغة 9-9-6 يفرضها هو الذي يسيطر على الأوضاع في لبنان. فهو يقرر إسقاط الحكومات من حكومة سعد الحريري إلى حكومة نجيب ميقاتي. وهو الذي كان أفشل اتفاق الدوحة الشهير بطلب من رئيسيه بشار الأسد وعلي خامنئي. أين التواضع الذي يدعيه نصر الله. ومن الصدف أن تكون هذه الكلمة الجديدة عشية صدور ملف القرار الاتهامي عن المحكمة الخاصة بلبنان والرئيس رفيق الحريري حيث قتل 21 شخصاً آخرين وأصيب 226 شخصاً. ويقدم الملف عرضاً عن الأعمال الإجرامية لكل من المتهمين بمقتل الحريري: فسليم جميل عياش متهم بتنسيق الاعتداء والقيام مع مصطفى بدر الدين بتنسيق عملية مراقبة الحريري قبل التفجير. وساعد في الإعداد لعملية الإعلان المزور عن المسؤولية بهدف حماية المتآمرين الفعليين. وقام بشراء الشاحنة التي استخدمت لتنفيذ الاعتداء. أما المتهمان حسين حسن عنيسي وأسد حسن صبرا فشاركا قبل الاعتداء في اختيار شخص مناسب عرف في ما بعد باسم أحمد أبو عدس للقيام بعملية الإعلان زوراً عن المسؤولية وبعد الاغتيال مباشرة شاركا في نشر تصريحات تعزو زوراً إلى آخرين المسؤولية عن الاعتداء وفي التأكد من تسليم ولاحقاً بث شريط الفيديو الذي أعلنت فيه المسؤولية زوراً إلى مكتبي «الجزيرة» و «رويترز» في بيروت. وشارك عنيسي بمفرده في عملية إخفاء أبو عدس. فأين تواضع «حزب الله» في رفضه تسليم المتهمين للقضاء الدولي عندما طلب ذلك وتغطية جرائم لبنان الكبرى. كم سمعنا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يردد أنه لا يعرف أين هؤلاء المتهمون. فيبدو أنهم مفقودون ربما وهم يقاتلون الشعب السوري إلى جانب إخوانهم الذين يرسلهم نصرالله ليقتلوا في حرب نظام ضد شعبه إلى جانب القوات الإيرانية التي يقودها قاسم سليماني. فأين هذا التواضع الذي يدعيه سيد حزب يقتل رئيس حكومة لبناني دافع عنه في المجتمعات الدولية ومنع رؤساء العالم من وضعه على لائحة الإرهاب وأراد التحاور معه وإبعاده عن النظام السوري. وها هو الآن هذا الحزب يغطي قاتليه وقاتلي الشعب السوري ويدعي بالتواضع وهو يسيطر بأسلحته على قرار البلد ويخيف الناس بضاحية جنوبية مغلقة أمام للدولة ويشن هجوماً على دولة عربية مثل السعودية حيث يعمل مئات ألوف اللبنانيين على أرضها. إن المواطن اللبناني الذي لا ينتمي إلى أي قوة سياسية يشمئز إزاء هذا التصرف ببلد هش يزيده «حزب الله» توتراً وانقساماً وتهديداً. إن الرئيس الإيراني حسن روحاني زعم لنظيره الفرنسي خلال لقائهما في نيويورك أن إيران تريد استقرار وأمن لبنان وأن «حزب الله» يقوم بخطوات إيجابية مع فتح الضاحية الجنوبية أمام فرق الجيش اللبناني. مزاعم إيرانية جاء خطاب نصرالله ينفيها. فإيران صانعة قرار الحزب والنظام السوري. ولدى سقوط النظام السوري الذي قد يأخذ بعض الوقت ستزداد قبضة إيران و «حزب الله» في لبنان مع تراجع السياسة الأميركية في كل المنطقة وإصرار أوباما على إجراء صفقة مع إيران حول سلاحها النووي من دون مبالاة بباقي ملفات إيران في المنطقة من العراق إلى سورية ولبنان وفلسطين. أما التفكير الفرنسي في عقد حوار سان كلو للمصالحة بين الأطراف اللبنانية فهو محاولة مشكورة ولكنها مستحيلة النتيجة قبل تغيير الأوضاع في سورية وحسم الأمور لأن غطرسة «حزب الله» ستتصدى لأي حوار حقيقي.