واصل الجيش اللبناني أمس تنفيذ خطته الأمنية الجديدة لضبط الوضع الأمني في مدينة طرابلس، فانتشرت وحداته بقوة في منطقتي جبل محسن وباب التبانة، وصادف انتشاره صعوبات لبعض الوقت، إذ أطلق قناص النار على جندي في جبل محسن، ثم أطلقت مجموعات مسلحة في باب التبانة النار على وحداته في أحد الشوارع، فجرح جنديان آخران إصابة أحدهما بليغة. لكن الجيش واصل تدابيره معززاً ب42 ملالة وعشرات الآليات الأخرى وناقلات الجند في المنطقتين مروراً بشارع سورية الفاصل بينهما. وأملت مصادر وزارية بأن يستقر الوضع الأمني في المدينة بدءاً من صباح اليوم، وأكدت أن لا عودة الى الوراء في إنهاء الوضع الشاذ فيها مهما كلف الأمر. وإذ رد الجيش على مصادر النيران التي استهدفته، فإن إطلاق النار الذي أخّر استكمال انتشاره بعض الوقت جاء بعد اتصالات أجريت أول من أمس مع المجموعات المسلحة كي تتراجع من الشوارع، إلا أن بعض هذه المجموعات رفض التجاوب، خصوصاً أن وحدات الجيش بدأت بإزالة الدشم والمتاريس. واتهم مسلحون من باب التبانة مسلحين من بعل محسن بإطلاق النار على الجيش. وفيما تابع رئيس الجمهورية ميشال سليمان خطة الانتشار الجديدة، ناقش رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع رئيس البرلمان نبيه بري الإجراءات المتخذة في المدينة، وتوافقا على وجوب بقاء الجيش فيها، وفي باب التبانة، وعدم سحبه مهما كان السبب. وتحدث الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله، لمناسبة الذكرى ال25 لتأسيس مستشفى الرسول الأعظم، وتناول قضية الإفراج عن مخطوفي إعزاز، معتبراً أن «الخلاصة هي أننا شعب يحترم مواطنيه... ونحن نتشارك العمل لإطلاق المطرانين المخطوفين» (يوحنا إبراهيم وبولس يازجي). ودعا الى تشكيل إطار لمتابعة قضية المفقودين والمسجونين في سورية. وتمنى «عدم المزايدة في هذا الملف لأنها لا تعيد سجناء أو مخطوفين». وإذ تمنى إيجاد حل لمسألة اختفاء الإمام موسى الصدر، تناول نصرالله الأزمة السورية وارتباط ما يجري في لبنان بها، فأشار الى أن «الوضع الميداني تطور لمصلحة الجيش السوري وإلى سقوط فرضية العدوان العسكري على سورية»، معتبراً أن «الحديث عن عقد مؤتمر جنيف – 2 يفتح أفق الحل السياسي فيها». وقال: «هناك دولة إقليمية ما زالت غاضبة جداً مما يجري في المنطقة، وهي المملكة العربية السعودية لأنه لم يمشِ الحال وهذا ليس سراً. وقد استُجلب عشرات الآلاف من المقاتلين، من الشيشان والقوقاز والعالمين العربي والإسلامي وجرى تموينهم بالسلاح والمال وهناك كلام عن 30 بليون دولار حتى الآن بالإضافة الى ضغط سياسي وإعلامي وعزل وحصار وكل شيء، ولم يتمكنوا من ذلك ونحن في عالم الممكن». وإذ شدد على أن لا حل عسكرياً في سورية، قال إن «الجبهة المقابلة قامت بكل ما تستطيع فعله لإسقاط سورية ولم تستطع والمنطقة لا تستطيع أن تبقى مشتعلة لأن هناك دولة غاضبة وتريد تعطيل الحوار وتأجيل جنيف – 2، وكل من يعارضون الحل السياسي في سورية يشربون من بئر واحدة، ومن يعارض الحل يريد المزيد من الخراب على سورية وكل دول المنطقة، فلسطين وقضيتها. واغتنام فكرة الحوار الحالي في سورية فرصة لكم، لأن الزمن الآتي ليس لمصلحتكم على الصعيد السياسي والميداني». وإذ رأى أن قوى 14 آذار راهنت منذ البداية على انتظار تغيير الوضع في سورية واتهمها بتعطيل الوضع المحلي نتيجة هذه المراهنة، قال إن «الجميع وصل الى خلاصة أن لا حل عسكرياً، ولا داعي لأحد أن يكابر والحل هو سياسي وبالحوار، وهذا يستند الى دعم دولي». وطالب قوى 14 آذار بوضع رهانها جانباً، «لأن المزيد من الانتظار سيحسن من ظروف ومكانة وموقع الفريق الآخر»، ناصحاً «فريق 14 آذار بقبول نتائج ما جرى في سورية»، ومعلناً أن «مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري يرحب بكل العائدين، لأن من يرغب في العودة عن طريق مطار دمشق يعني أنه يريد البقاء في الخارج». وخاطب الفريق الإقليمي والمحلي الذي راهن على إسقاط النظام السوري بالقول: «فشلتم، ولنذهب الى الواقعية. ولماذا تعطلون الحكومة؟». وإذ دعا الى اجتماع الحكومة الحالية للبتّ في ملفي النفط والوضع الأمني وفي طرابلس، اتهم السعودية وقوى 14 آذار بالضغط لمنع اجتماع الحكومة. ودعا الأخيرة الى القبول بصيغة 9-9-6 للحكومة الجديدة، ودعا الى تحريم القتال في طرابلس وعلى الجيش والقوى الأمنية. وتحدث عن سيارات مفخخة موجودة في بعض الأماكن. وخاطب قوى 14 آذار قائلاً: «لا تؤخروا تأليف الحكومة، فمزيد من التأخير سيحسن ظروف وموقع الفريق الآخر ومكانته، وحين تحدث (رئيس كتلة نواب الحزب) محمد رعد عن ذلك لم يكن يهددكم، بل كان ينصحكم». وأضاف: «أنتم تواضعوا ونحن تواضعنا حين قبلنا بتسعة وزراء». واعتبر أن حكومة كهذه إذا كانت تفترض إمكان تعطيل عبر الثلث المعطل لربع القضايا المطروحة عليها أفضل من التعطيل الكامل القائم. من جهة أخرى، ترأس الرئيس سليمان عصر أمس اجتماعاً للجنة التحضيرية للحوار الوطني، حيث تم البحث في مراحل عمل اللجنة في ضوء التطورات الراهنة سياسياً وأمنياً بما يتوافق مع إعلان بعبدا الذي أقرته هيئة الحوار الوطني. وقالت مصادر مطلعة إن سليمان ما زال يفكر بدعوة هيئة الحوار الوطني الى الاجتماع، لكن لا تحديد لموعد حتى الآن في انتظار تبلور المواقف السياسية أكثر. وأكدت أن التوجه الرئاسي هو أن ينطلق الحوار من المقررات السابقة ومن إعلان بعبدا وما نفذ منه وما لم ينفذ. وعلى صعيد آخر، توقعت مصادر رسمية أن يلتقي الموفد الدولي - العربي الى سورية الأخضر الإبراهيمي في طريق عودته من دمشق عبر بيروت كبار المسؤولين اللبنانيين وفي طليعتهم الرئيسان سليمان وميقاتي. وهو كان التقى أمس في طريقه الى دمشق، في مطار رفيق الحريري، منسق نشاطات الأممالمتحدة في بيروت ديريك بلامبلي. على صعيدآخر، صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه بيان أعلن أن مديرية المخابرات أحالت على القضاء الموقوف أحمد محمد علي، الذي كان قد أوقف السبت الماضي، لإقدامه على تهريب أحد المتهمين الرئيسيين في تفجيرات طرابلس. والموقوف تردد أنه أحد مرافقي الأمين العام للحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد المؤيد للنظام السوري.