لا تزال الإعلامية فاتن علوان، مراسلة فضائية «الحرة» في الأراضي الفلسطينية، تتذكر ذلك الموقف «المحرج» في بداياتها، خلال حصار الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وتقول: «كنت مراسلة لفضائية البحرين من فلسطين، وكان محتوى التقرير المتلفز الذي أعمل عليه، هو الوصول إلى الرئيس عرفات بينما كان محاصراً، أو بمعنى أدق محاولة الوصول، ولم أكن أتوقع أن ينتهي الأمر بطلب من الرئيس الراحل بمقابلتي بشكل شخصي، بل وتناول طعام الغداء معه. كان مظهري «مبهدلا»، فكنت ارتدي بلوزة رياضية وشعرت بكثير من الحرج فحتى مهنياً ومن ناحية بروتوكولية لا يليق مقابلة زعيم أو رئيس بمظهر «سبور» فكيف إذا كان أبو عمار بكل رمزيته». وتقول علوان إنها لا تزال تحتفظ بصورتها معه وهي بتلك «البلوزة المبهدلة» التي تكشفت بعدما خلعت ثياب الميدان ومعداته من واق وخوذة وغيرهما. أما الإعلامية إيمان عريقات، مراسلة «بي بي سي» العربية في فلسطين، فلا تزال تذكر لباس البدايات، وتقول: «كنت مراسلة التلفزيون القطري وارتكبت الكثير من الأخطاء مثل ارتداء قمصان ملونة، أو مزركشة بالورود او خطوط رفيعة، وهو بالتأكيد غير مناسب للكاميرا، لكن الآن بت اكثر حرصاً ومعرفة بتنسيق مظهري وهذا يأتي مع الوقت». وتضيف عريقات: «طوال فترة عملي، وتنقلي بين الفضائيات، لم تفرض عليّ أي مؤسسة سابقة او حالية أي زي، لكن الأمر يتعلق بالخبرة، فبحكم خبرتي المتواضعة في هذا المجال، كنت أنا من يحدد طبيعة اللباس، بمعنى ان ما أرتديه خلال المواجهات بالتأكيد سيكون مريحا وملتزما بشكل كامل، خاصة لأننا نكون مستعدين لكل السيناريوهات من سقوط على الأرض، او سلوك طرق وعرة، وبالتالي علينا ان نرتدي ما يتناسب مع ذلك». وتحاول مراسلات القنوات التلفزيونية في بلد كفلسطين مرشح لأي مفاجأة, اختيار ملابسهن بشكل يناسب أي خبر قد يطرأ. وتقول عريقات: «لباسنا يتعلق بطبيعة الخبر: حزين،سعيد، ثقافي، سياسي، مواجهات أو فعاليات سياسية». وتشدد الصحافيات على الأسس التي يعتمدن عليها عليها في اختيار الملابس خلال العمل: اولا يجب ان يكون اللباس أنيقاً ومريحاً أي أن يسهل الحركة والتنقل, وأن تكون الألوان مريحة لعين المشاهد بالنسبة لمرسلات التلفزيون, كذلك تحاول غالبيتهن الابتعاد عن الألوان «الفاقعة» لكونها لا تتناسب مع طبيعة الأخبار في فلسطين وأماكن العمل. وتشير علوان إلى أنها لم تعان من طريقة اختيارها ملابسها منذ بدايات عملها الصحافي، وتقول: «آداب الملابس كانت جزءا من دراستي فنتعلم كيف يكون اللباس جزءاً من احترام الجمهور، وكيف يجب الا يشتت انتباه الجمهور عن المضمون والمعلومة». وتضيف: «على سبيل المثال يجب عدم ارتداء اقراط اذنين كبيرة أو اكسسوارات ظاهرة جداً. كذكل يجب احترام ثقافة البلد الذي نعيش فيه ونغطي أخباره. فأنا في بلد محافظ، وجمهوري محافط، وانطلاقا من احترام اختلاف الجمهور، لا البس لباساً فاضحاً أو غير لائق، أو قمصانا عليها كتابات أو رسومات لشخصيات أو ألعاب». مذيعات بلباس السهرة وترى علوان أن «لا فرق بين صحافي مخضرم وآخر جديد في ما يتعلق باللباس، الأمر يعتمد على مدى احترام المراسل لجمهوره». وترى أن «الجيل الجديد لم يتعلم هذا الجزء المهم من عالم الصحافة، وهو ما يتعلق بالبروتوكولات الادبية لتكون ضيف الشعب أو الشعوب في كل مكان عبر الشاشة الصغيرة. وهذا ينطبق على المذيعات والمراسلات خارج فلسطين أكثر من داخلها، اذ بتنا نرى مذيعات يقدمن نشرات أخبار بملابس السهرة». أما الموقف الذي تعرضت له الإعلامية الشابة ديما دعنا التي عملت مقدمة برامج في فضائية «معاً» الفلسطينية، فيتعلق بتناسق الألوان ما بين المقدم والخلفية (الكروما). فبسبب ضيق الوقت، وعدم تناسق لون سترتها مع الخلفية، لتقارب الألوان كثيراً، اضطرت لشراء معطف آخر من محل ملابس قريب من مقر القناة، كلفها قرابة 100 دولار أميركي. وتختصر دعنا اختيارها للملابس بالقول: «لا لباس محدداً من قبل القناة لكن هناك الواناً محددة تمنع جودة البث. اللباس القصير والفساتين غير مناسبة برأيي، لأن المذيعة تنقل رسالة، وليست عارضة ازياء، لكن هذا لا يمنع أن تكون أنيقة في اختيار ملابسها التي يجب أن تكون محتشمة نوعا ما». وترفض دعنا بشدة ارتداء التنانير والفساتين حتى في يومياتها، وتنحاز إلى السراويل. لكنها ترى ان لكل شيء حقه: «البنطلونات في المكان اللازم واللباس الأنثوي في المكان المناسب». وتؤكد انحيازها للأحذية الرياضية، وتقول ضاحكة: «بوط الرياضة أعشقه، ومعه أشعر بأني أنثى بكل تفاصيلي». أما عريقات فتقول: «لباسي ليس لباساً ذكورياً، لكنه انسب لطبيعة عملنا والتنقل السريع بين المناطق. بكل تأكيد الفساتين والتنانير عملة نادرة في دولاب ملابسي». وتضيف ضاحكة أيضا: «نحن حسن صبي يعني».