دشن المنتدى الاقتصادي الأول لدول غرب المتوسط المعروف باسم «مجموعة 5 زائد 5»، عهداً مستجداً من التعاون والتكامل بين المجموعة و»الاتحاد من أجل المتوسط» الذي عهد اليه تنظيم المنتدى واستضافته في مقره في برشلونة. وشكّل المنتدى الذي شارك فيه للمرة الأولى أرباب عمل من دول غرب المتوسط الى جانب وزراء خارجية الدول الاعضاء العشرة، انطلاقة جديدة من المفترض ان تؤدي الى انعاش مجموعة دول غرب المتوسط والاتحاد اللذين كانا في حالة من الخمول. ومن ابرز ما آلت اليه اعمال المنتدى، ارساء تعاون بما يجعل مجموعة دول غرب المتوسط مثابة مختبر يحدد افكاراً ومبادرات في مجال تعزيز الروابط الاقتصادية بين ضفتي المتوسط الشمالية والجنوبية. ويتولى الاتحاد الذي يضم 43 دولة (28 دولة اوروبية و15 بلداً من جنوب المتوسط وشرقه)، إيجاد التمويل اللازم لها وتنفيذها بالتعاون مع منظمات دولية واقليمية ومن بلدان عدة ابرزها الدول الخليجية. وكانت فكرة تنظيم المنتدى ضمن اطار الاتحاد من اجل المتوسط، أقرت خلال قمة دول غرب افريقيا العشر التي عقدت هذا الشهر في مالطا، فيما أفادت مصادر حضرت المنتدى بأن هذا المفهوم الجديد للتكامل بين الهيئتين ما كان ليتبلور بهذه السرعة لولا نشاط الامين العام للاتحاد واندفاعه، السفير فتح الله سجلماسي الذي يجمع بين كونه مغربياً وجيد الاطلاع على كواليس المؤسسات الأوروبية كونه عمل سفيراً لبلاده في الاتحاد الأوروبي ثم في باريس. يذكر ان الأمانة العامة للاتحاد أنشئت في برشلونة عام 2010 بهدف تنفيذ مشاريع ومبادرات للتعاون الاقليمي في شتى المجالات، منها الطاقة والبيئة والتعليم والثقافة والمياه وغيرها، لكن أعمالها لم تقلع بسبب ريبة بعضهم وتخوفهم من ان تكون هذه الهيئة اداة تساعد على التطبيع مع اسرائيل. وجاءت الحرب الاسرائلية على قطاع غزه لتدخل نشاط الاتحاد في حالة تشبه الشلل، ما يعكسه شبه انعدام للمشاريع التي نفذت واقتصرت على مشروع لتحلية المياه في قطاع غزة. قفزة في عدد المشاريع وأشار مصدر الى ان الديناميكية الفائقة التي يتسم بها عمل سجلماسي ادت الى قفزة في عدد المشاريع وصلت الى 16 مشروعاً منذ توليه منصبه في آذار (مارس) 2012، يضاف اليها 3 مشاريع بدأ الاتحاد يعمل على تطبيقها هذه السنة. ومن بين هذه المشاريع واحد يتعلق بادارة الموارد المائية في لبنان وآخر يتعلق بتمكين المرأة ليكون لها دور في سوق العمل. و أقر المصدر بأن الاتحاد اعتبر بداية مجالاً للتطبيع، لكن الانطباع الذي بات سائداً هو انه مجال للمشاريع التعددية خصوصاً ان ما من مشروع نفذ مع اسرائيل كما ان هناك مبدءاً يحكم طريقة عمل الاتحاد ويسمح للدول العربية بعدم الدخول في مشاريع ضد مصلحتها. وأفاد مصدر آخر بأن منهجية الاتحاد متعددة الشكل والحجم وليس هناك حاجة لاشراك الاعضاء ال43 في العمل على مشروع، ما يتيح لهذه الدولة او تلك المشاركة في واحد او آخر على أساس طوعي. اما بالنسبة الى «5+5» وهي مجموعة مكونة من فرنسا والجزائر وايطاليا وليبيا، ومالطا وموريتانيا والمغرب وتونس واسبانيا والبرتغال، وتأسست في روما عام 1990، فانها على رغم اجتماعاتها المنتظمة على مستويات عدة عانت من الحساسيات بين عدد من الدول الأعضاء، ومن الأزمة الاقتصادية العالمية التي قلصت قدرات الدول الأوروبية على تقديم المساعدة لتنفيذ مشاريع تنموية. و لهذا أكد مصدر في الاتحاد ان تعزيز التعاون بين الهيئتين فرض نفسه كضرورة ملحة، خصوصاً ان جنوب المتوسط هو المنطقة الأقل تكاملاً ونمواً في العالم، وان هذا التعزيز يحتاج الى مشاريع ملموسة تحقق نتائج لصالح شعوب المنطقة وأوروبا. هذه الانطلاقة الجديدة شكلت محور تركيز في الكلمات المختلفة التي ألقيت خلال المنتدى ومن بينها الكلمة الافتتاحية التي ألقاها رئيس حكومة اسبانيا ماريانو راخوي، الذي قال ان هناك اليوم حاجة لترجمة التعاون بين ضفتي المتوسط عبر اطار موسع وآليات مشتركة، وان الاتحاد من اجل المتوسط يشكل ما يشبه العمود الفقري لهذا الأمر. اما سجلماسي فقال في كلمته ان الأمانة العامة التي يتولاها، تضع نفسها بتصرف الدول المتوسطية وستتولى متابعة عملية للقرارات والمشاريع التي تكلف بها، وانها عازمة على توسيع نطاق شراكاتها مع دول خارجة عن النطاق الجغرافي المتوسطي منها الدول الخليجية. ولفت وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في كلمته، الى ما وصفه بالمبادرة - السابقة، التي أدت الى اشراك اكثر من 200 من أرباب العمل في المنتدى. وطالب بأن تكون هناك لاحقاً مبادرات أخرى من هذا النوع، لأنها تجعل الأمور ملموسة أكثر بحيث يتسنى لأرباب العمل ان يقترحوا وينبهوا، ومعتبراً «الاتحاد من أجل المتوسط» الإطار الأمثل لذلك. ونوهت المداخلات المختلفة بأهمية اضفاء بعد أفريقي على نشاط الاتحاد، خصوصاً ان لدى دول الساحل معدلات نمو ومقدرات تطور جديرة باهتمام اوروبا.