بفيلم «عطش» للمخرج الفلسطيني توفيق أبو وائل، انطلقت مساء الاثنين الماضي، فعاليات المهرجان الأوروبي- الفلسطيني لأفلام المياه، بمشاركة أكثر من عشرين فيلماً وثائقياً وروائياً تتناول مواضيع تتعلق بالمياه، تجوب مدن رام الله، والقدس، وغزة، ونابلس، والخليل، وبيت لحم، بمبادرة من الاتحاد الأوروبي وسلطة المياه الفلسطينية، وبدعم من القنصلية الفرنسية العامة في القدس، والكثير من المؤسسات الرسمية والأهلية الأوروبية. ويتناول فيلم «عطش» حكاية عائلة مكونة من خمسة أفراد، ولديهم معزاتان وحمار، ويعيشون جميعاً في منطقة نائية، بعيداً من قريتهم، ويكسبون قوتهم من خلال إنتاج وبيع الفحم الذي يصنع من الأشجار المحيطة... وفي وقت يعود فيه الأب والابن وحدهما إلى قريتهما الأصلية لا تغادر الأم والبنات البيت منذ عشر سنوات، قبل أن يلتقيا مجدداً بعد قرار الأب إيصال المياه إلى المنطقة التي تقطنها العائلة عبر «تحويلة» غير قانونية، لكن الصعوبات تجعل الوالدين يرتدان عن الفكرة، بينما يواصل الشاب المهمة، في سعي لإيصال المياه إلى المكان الذي نقلوا إليه عنوة بقرار من الأب، لأسباب مجتمعية تتعلق بما يمكن تسمية ب «شرف العائلة»، فالمياه المتدفقة بحرية على أرضهم الجديدة تعيد إحياء الرغبة الغريزية للحرية التي قمعوها داخلهم في السنوات الماضية. ويرى المخرج توفيق أبو وائل، أن إقامة مهرجان لأفلام المياه فكرة رائدة، بخاصة أن الفلسطينيين يعانون مشاكل كبيرة في الحصول على المياه التي هي من حقهم، لافتاً إلى أن الفيلم قد لا يكون يتحدث عن مشكلة المياه بشكل مباشر، لكنه يتعامل معها برمزية، لافتاً إلى أنه تم تصوير الفيلم في مدينة أم الفحم، داخل الخط الأخضر، وبالتحديد في قطعة أرض صادرها جيش الاحتلال، قبل أن يقيم عليها قرية فلسطينية افتراضية لأغراض تدريبات جيش الاحتلال على اقتحام المناطق الفلسطينية، مشيداً بفكرة المهرجان التي وصفها ب «الرائدة». بين السياسة والسينما شادي عثمان، مسؤول الإعلام والاتصال لدى الاتحاد الأوروبي في القدس قال: «عام 2013 هو العام العالمي للتعاون في مجال المياه وفق ما أعلنته الأممالمتحدة، وبناء على ذلك كانت الفكرة لدى الاتحاد الاوروبي وسلطة المياه الفلسطينية ومؤسسات عدة أوروبية رسمية وغير رسمية بالقيام بفعل ثقافي حول موضوع المياه في فلسطين، فكان هذا المهرجان، الذي يتواصل حتى السابع من الشهر المقبل». ومن بين الأفلام المعروضة فيلم «الحنين إلى غور الأردن» لمؤسسة «لايف سورس»، الذي يعالج تأثيرات السياسات الإسرائيلية في غور الأردن، أو الأغوار الفلسطينية، وبخاصة ما يتعلق بتدمير الآبار الفلسطينية والأنابيب، وحتى خزانات تجميع المياه، وفي فيلم «كل يوم نكبة» يناقش المخرج الفلسطيني محمد العزة مأساة المياه في مخيم عايدة للاجئين قرب بيت لحم حيث تتدفق المياه عبر الأنابيب مرة واحدة أسبوعياً. أما المخرجة البرازيلية أيارا لي، وكانت واحدة من المتضامنين مع قطاع غزة المحاصر عبر سفينة مرمرة التركية، وكادت تلقى حتفها هناك، فرسمت في فيلمها «صيادون في مرمى النار» لوحة مدهشة حول أوضاع الصيادين في غزة، ومكافحتهم المتواصلة ضد الحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال على «لقمة عيشهم»، فيما ناقش فيلم «الدم مقابل قطرة ماء» للسويسري باتريك بورغ، موضوع «شح المياه، والمعاناة في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان»، بينما انحاز المخرج أحمد حماد في فيلمه «حلم فلسطيني» إلى ذلك الحلم الفلسطيني بالجلوس على شاطئ البحر، والاستمتاع بطقوسه، وصيد السمك، وهو ما تم التعبير عنه في مبادرات عدة يمكن اختصارها بشعار «بدنا بحر». وبين الأفلام اللافتة، فنتازيا إياد الحوراني، وهو إنتاج سينمائي فلسطيني ألماني مشترك، يقوم على فكرة تجول أحد الشبان الفلسطينيين بملابس البحر في شوارع رام الله، وذلك تلبية لحلم ترجمه بالقول والصورة: «إذا لم نستطع الذهاب إلى البحر، فعلى البحر أن يأتي إلينا»، في تصوير لمنع الفلسطينيين من الوصول إلى شواطئهم المحتلة منذ عام 1948 في يافا وعكا وحيفا وغيرها، وكذلك منع أهل الضفة الغربية من زيارة البحر في غزة إلا بتصاريح نادراً ما تصدر عن سلطات الاحتلال، فصدور تصريح لزيارة غزة أصعب من صدور تصريح لزيارة يافا ومدن البحر الفلسطينية الأخرى، وكلاهما صعب. وفي وقت وصف فيه د. شداد العتيلي، رئيس سلطة المياه الفلسطينية، الوضع المائي في فلسطين بالكارثي، بقوله: «ميتنا تحت اجرينا وممنوع نستفيد منها»، ووصف المشروع بالريادي بخاصة أن الاحتلال «ترعبه الصورة كما ترعبه الحقيقة»، أشار إلى أن الأفلام الفلسطينية والأوروبية المشاركة في المهرجان لها دور كبير في التعبير عن الأهمية الاجتماعية والسياسية والثقافية للمياه. أما جون جات راتر، ممثل الاتحاد الأوروبي في الأراضي الفلسطينية، فأشار إلى أن المهرجان الأوروبي- الفلسطيني لأفلام المياه «فرصة ممتازة للاحتفال بالشراكة الدائمة بين الاتحاد الأوروبي والفلسطينيين في ما يتعلق بالتعاون في مجال المياه، بخاصة مع قناعتنا بأن الحصول على مياه الشرب الآمنة، وخدمات الصرف الصحي أمر أساسي لحياة كريمة تحترم حقوق الإنسان... في فلسطين يؤثر كل من النقص الشديد للمياه ونوعية المياه سلباً في حياة الكثير من الفلسطينيين». وتشارك في المهرجان، أفلام من: هنغاريا، وألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وسويسرا، وإسبانيا، والبرازيل، والبرتغال، وبلجيكا، والدنمارك، وبوليفا، والمكسيك، والأوروغواي.