استمر أعضاء مجلس الشورى لليوم الثاني على التوالي بتضييق الخناق على ما وصفوه بمنابع الفساد والغش التجاري، عبر سن وتعديل تشريعات تخدم هذا الهدف، مثل مشروع حماية المال العام، ومشروع لحماية المستهلك، ومقترحات لرفع رواتب ومكافآت موظفي الجمارك المتدنية. وكشف الأعضاء في جلسة أمس (الثلثاء)، أثناء مناقشة مشروع حماية المال العام، جوانب عدة في السطو على المال العام الذي لم تحميه الأنظمة والأجهزة الرقابية المشتتة، ومنها ما قاله الدكتور ناصر الشهراني عن عدم وجود قانون يحمي جنائياً من الاعتداء على الشركات المساهمة التي تمتلك الدولة فيها أقل من 25 في المئة في حال أقر النظام الحالي. وأكد الشهراني أن مشكلة المملكة في ما يتعلق بجرائم الاعتداء على المال العام عدم وجود جهة ضبط جنائي مستقلة وقوية قادرة على جمع المعلومات والتحريات الاستدلالات وإحالتها لجهات التحقيق. واعتبر العضو محمد المطيري أن قانون حماية المال العام يجب أن ينص على إقرار ذمة مالي لأي قيادي، وأن يكشف عن تضارب المصالح أثناء توليه المنصب، وأن يفعل دور مؤسسات المجتمع المدني والإعلام في نشر قضايا الفساد، في إشارة إلى عدم وجود هذه المواد في المشروع بصيغته الحالية. ولفت العضو محمد الرحيلي بحكم خبرته سابقاً كنائب لرئيس ديوان المراقبة، أن الاعتداء والسرقة من المستودعات الحكومية والمدارس وما فيها من أجهزة ومختبرات أمر سهل، مضيفاً: «هذه الأماكن قصيرة الأسوار وسهلة الأبواب». بينما رأى الدكتور جبريل العريشي أن إخضاع الموظف العام للتحقيق متى ما ظهرت عليه علامات الثراء فجأة يفتح الباب للشكاوى الكيدية، مقترحاً الاكتفاء بإقرار ذمة مالية له ولعائلته تسمح بالتحقيق بسرية من الجهات الرقابية متى ما أثار الشبهات، وألا يكون التشهير إلزامياً. وكان لأستاذ القانون عضو المجلس الدكتور فهد العنزي دور فاعل في سحب مشروع حماية المال العام من لجنة الموارد البشرية وإحالته إلى لجنة خاصة لوضع تصور قانوني شامل يحمي المال العام بصورة أوسع، إذ إنه بشكله الحالي غير واضح وبمفاهيم مخلوطة. وأكد العنزي أن حفظ الأموال العامة ينطبق على ما أمكن حيازته من عقارات ومنقولات وصكوك مالية ومنقولات وغيرها، «وينطبق على الكل، وليس الموظف الحكومي كما ورد في نص النظام الحالي»، مطالباً بوضع نظام يضع أنياباً وأسناناً ليعين مكافحة الفساد ويكون خاصاً بها. ومن جهة ثانية، اتفق الأعضاء المتداخلون في جلسة أمس، على أن الغش التجاري والسلع المقلدة أغرقت السوق السعودية لسببين، الأول ضعف الإمكانات البشرية والمادية لموظفي الجمارك، والسبب الثاني انعدام الأنظمة واللوائح المعروفة للجميع لحماية المستهلك. وشدد الدكتور مشعل السُلمي على أن غياب نظام صارم وعقوبات مغلظة يسمح للتجار باستيراد السلع الرديئة والمغشوشة وبيعها علناً، مستشهداً بإعلان القنصل الصيني في المملكة أن «التجار السعوديين يطلبون سلعاً رديئة، ويصرون على استيرادها». وطالب أربعة أعضاء بإعادة النظر في مكافآت ورواتب موظفي الجمارك، وتخصيص كادر وظيفي يعادلهم بنظرائهم في الخطوط السعودية وهيئة الغذاء والدواء والجوازات. فيما تساءل العضوان منصور الكريديس ومفلح الرشيدي عن ارتفاع حالات ضبط الممنوعات في الجمارك إلى ثلاثة أضعاف خلال سبعة أعوام، وعن تدني حصيلة الرسوم الجمركية على رغم ارتفاع صادراتها ووارداتها الجمركية. وانتهت الجلسة بالموافقة على ملاءمة دراسة إنشاء مشروع نظام لهيئة لحماية المستهلك ترتبط برئيس مجلس الوزراء، وتتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، ومن أبرز مهماتها التصدي للممارسات التجارية غير المشروعة ونشر الوعي الاستهلاكي، ومراقبة حركة الأسعار والعمل على الحد من ارتفاعها. إلى ذلك، طالب مجلس الشورى الهيئة الملكية في الجبيل وينبع بتكليف جهات محايدة للقيام بدراسات عن التلوث البيئي الناجم عن المشاريع الصناعية وطرائق الحد منها في مناطق الجبيل وينبع، والاستفادة من النتائج في التخطيط والتوسع العمراني. أعضاء يعتبرون «متعاطي المخدرات» متجاوزاً لحدود الله.. وآخرون يرونه «مريضاً» تباينت أراء أعضاء الشورى حول مقترح يمنح الموظفين المتعاطين حوافز للإقلاع عن المخدرات، ومنها مجال العودة للوظيفة واحتساب أعوام غيابه، ومنحه جزءاً من راتبه يصل إلى 50 في المئة. وتركز الاختلاف بين فريقين، اعتبر الأول بقيادة الدكتور فايز الشهري المقترح يفتح ثغرات تسمح للمخالف أن يستفيد للاحتيال على أنظمة والتقاعد، واعتبر المدمن مجرماً ويجب أن يعاقب شرعاً قياساً بشارب الخمر، وهو حد من حدود الله، مضيفاً: «النظرة المتساهلة في معاملة المدمن باعتباره مريضاً استوردت من ثقافة الحقوق المدنية والحريات الشخصية في الغرب، وتطبيقها في المملكة قد يؤدي إلى مشكلات كبرى». وأفاد الشهري بوجود عيادات تتعامل مع المدمنين بخصوصية، وتهتم بعائلته ولا حاجة للنظام. واعتبر خاتم المرزوقي أن المقترح لا يحقق العدالة الاجتماعية، إذ إنه يحفز لتعاطي المخدرات ولا يحد منها، وقال مدمن المخدرات الذي قرر أن يتعالج يمنح 50 في المئة من راتبه للمتزوجين أو 25 في المئة مدة مفتوحة، وهذا يفوق ما يتقاضاه مريض السرطان الذي يتناقص راتبه ابتداء من الشهر الثالث، حتى يتوقف بعد عام و3 أشهر. فيما رأى فريق المؤيدين للمقترح بقيادة عبدالرحمن العطوي ولبنى الأنصاري وعبدالرحمن السويلم أن المقترح إنساني ويخدم أهدافاً أكبر عبر رعاية أسرة المتعاطي، كما أن نظام المخدرات ينص على أن المتعاطي «مريض، وإذا عولج يجب أن يعاد لعمله»، إلا أن النظرة الإنسانية لم تنجح في إقناع غالبية الأعضاء، ليسقط بعدها المقترح على رغم تأييد 40 عضواً له.