تظاهر آلاف من أنصار المعارضة اتلونسية في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة أمس، لدفع الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية إلى الاستقالة، وذلك تزامناً مع اكتمال سنتين على أول انتخابات تأسيسية (البرلمان) بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وطغت على التظاهرات أنباء المواجهات العنيفة التي اندلعت في منطقة «سيدي علي بن عون»، إحدى أهم معاقل التيار «السلفي الجهادي»، وأسفرت عن سقوط ثمانية قتلى وأكثر من 10 جرحى في صفوف الحرس الوطني التونسي (الدرك). وفي وقت راهنت المعارضة على إعلان رئيس الوزراء علي العريض عزمه على الاستقالة تمهيداً لإطلاق حوار وطني، أُلغي خطاب مقرر له مساء أمس، في خطوة عزاها مراقبون إلى المواجهات بين القوى الأمنية والمسلحين المتشددين. واشتبكت وحدات الحرس الوطني (الدرك) مع مجموعة مسلحة، في منطقة «سيدي علي بن عون» في محافظة سيدي بوزيد (250 كلم عن العاصمة)، خلال دهم منزل أحد «المتشددين» المشبوهين بالتورط بأعمال إرهابية. وأسفر تبادل النار عن مقتل ثمانية عناصر من الدرك على الأقل، وجرح 10 آخرين إضافةً إلى عنصرين من المجموعة المسلحة التي قُدِّر عدد أفرادها ب12. وتُعتبر منطقة «سيدي علي بن عون» من أهم معاقل التيار «السلفي الجهادي» في البلاد ويقطن فيها الخطيب الإدريسي، الزعيم الروحي ل «الجهاديين» التونسيين. وتأتي هذه العملية بعد أسبوع على عملية مماثلة في منطقة «قبلاط» في محافظة باجة (شمال غربي البلاد)، أسفرت عن مقتل تسعة مسلحين واعتقال أربعة، في حين قُتل عنصران من قوات الحرس الوطني وجُرح ثلاثة من الجيش. في غضون ذلك، رفع المتظاهرون في العاصمة التونسية شعارات تندد بحركة «النهضة» ورموزها وتطالبها بالرحيل على خلفية اتهامها ب «التورط بالاغتيالات السياسية وتفشي ظاهرة الإرهاب». وتوجه عدد من أنصار «جبهة الإنقاذ» المعارضة إلى مقر رئاسة الحكومة، من أجل مزيد من الضغط، كما صرح عدد من قيادات المعارضة. وشاركت في التظاهرات أحزاب «نداء تونس» و «الجمهوري» و «المسار الديموقراطي» و «الاشتراكي» و «الجبهة الشعبية» التي تضم أحزاباً يسارية وقومية. وكان متوقعاً أن يتعهد العريض الاستقالة في غضون ثلاثة أسابيع، طبقاً ل «خريطة طريق» أقرتها أطراف الحوار الوطني، لكن تأجيل خطابه دفع «الاتحاد العام التونسي للشغل» و «الرباعي» الراعي للحوار إلى إرجاء إطلاقه كما كان مقرراً مساء أمس. في المقابل، أعربت «النهضة» في بيان عن «الأمل» بأن يمثل مرور سنتين على أول انتخابات تأسيسية «مناسبة لانطلاقة موفقة للحوار الوطني بين الفعاليات السياسية للتوافق حول خارطة طريق لتسريع عملية الانتقال الديموقراطي». ودعت الفرقاء إلى «تغليب لغة العقل والتنازل المتبادل من أجل المصلحة الوطنية، وتفويت الفرصة على جميع المتربصين بالتجربة الوليدة في الداخل والخارج»، مؤكدةً إصرارها على النأي بتونس عن الصراعات «الوهمية والمفتعلة». في مقابل ذلك، قال القيادي في «جبهة الإنقاذ» النائب سمير بالطيب، ان المعارضة «لا تثق بالائتلاف الحكومي، لذلك وجب مزيد من الضغط لدفع الحكومة إلى الاستقالة». وحمّل حركة «النهضة» مسؤولية فشل الحوار الوطني «في حال لم يعلن علي العريض تعهداً صريحاً باستقالة حكومته». وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية خانقة منذ اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي قبل ثلاثة أشهر على أيدي «متشددين». وتطالب المعارضة العلمانية باستقالة الحكومة التي تقودها «النهضة» وتحمّلها مسؤولية تردي الوضع الأمني والاقتصادي في البلاد.