تصاعد التوتر في منطقة أبيي المتنازع عليها بين دولتي السودان وجنوب السودان بعد شروع قبيلة دينكا نقوك الأفريقية في إجراءات استفتاء أحادي لتحديد مصير المنطقة، بينما هددت قبيلة المسيرية العربية باستفتاء مماثل إذا تمسكت الدينكا بموقفها. وسيصل إلى المنطقة اليوم فريق من مجلس السلم والأمن الأفريقي، بالتزامن مع زيارة الرئيس عمر البشير لجوبا عاصمة الجنوب، فيما قتل وأصيب العشرات بهجمات مسلحين في ولاية جونقلي المضطربة في شرق جنوبي السودان. وأعلنت قبيلة دينكا نقوك تشكيل مفوضية شعبية تشرف على إجراء استفتاء على تبعية منطقة أبيي في 28 الشهر الجاري، على أن تعلن نتائجه نهاية الشهر، وذلك على رغم موافقة حكومة جنوب السودان على إرجاء الاستفتاء. وتستمر عملية التسجيل يومين يبدأ بعدها التصويت على خيارين: البقاء ضمن شمال السودان أو الانضمام إلى دولة الجنوب. وفيما قال وزير الإعلام في جنوب السودان مايكل مكواي إنه «من المستحيل إجراء الاستفتاء في تشرين الأول (أكتوبر) الحالي حتى لو جرى تسخير كل أموال العالم له»، داعياً إلى «التعامل بشكل واقعي وعلمي وعملي»، اعتبر القيادي في «الحركة الشعبية» لوكا بيونق، أن قمة الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت يمكن أن تساهم في تراجع دينكا نقوك عن تنظيم الاستفتاء، خصوصاً في حال نجح الرئيسان بتشكيل مفوضية الاستفتاء وفق المعايير المطلوبة، وقبول الخرطوم اقتراح الوسيط الأفريقي ثابو مبيكي في شأن الحل النهائي للأزمة. لكن القيادي في قبيلة المسيرية محمد عبدالله ودابوك اتهم قادة في حزب «الحركة الشعبية» الحاكم في الجنوب وحكومة الجنوب من أبناء قبيلة دينكا، وعلى رأسهم إدوارد لينو ولوكا بيونق ودينغ ألور، بالوقوف وراء التحركات لإجراء الاستفتاء في أبيي. وهدد بإمكان إجراء قبيلة المسيرية استفتاء أحادياً مماثلاً في حال تمسك الدينكا بموقفها. ولفت إلى أن الحل لن يتم إلا من خلال توافق قبيلتي الدينكا والمسيرية، وليس الحكومتين أو الحزبين الحاكمين في السودان وجنوب السودان. معارك في جنوب السودان على صعيد آخر، أعلنت بعثة الأممالمتحدة في جنوب السودان أن الهجمات على عدة قرى في ولاية جونقلي المضطربة في شرق جنوبي السودان أوقعت «عدداً كبيراً من القتلى والجرحى»، موضحة أنها تحقق في هوية المهاجمين. وحمّلت سلطات جنوب السودان المقاتلين الموالين للزعيم المتمرد المناهض للحكومة ديفيد ياو ياو مسؤولية عمليات القتل، وأكدت سقوط 78 قتيلاً وأكثر من 80 جريحاً وخطف 40 شخصاً بينهم عشرون طفلاً، فضلاً عن تدمير بعض القرى، في الهجمات التي وقعت الأحد في قرى دائرة تويك إيست. إلى ذلك، اشتعلت الأوضاع في حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم في السودان على نحو يهدد بانقسام جديد في صفوفه بعد رفض 31 من قياداته وكوادره من «تيار الإصلاح» قراراً بتجميد عضويتهم، واعتبروه باطلاً، وتعهدوا بالاستمرار في الدعوة إلى الإصلاح والمبادرات السياسية. وقررت لجنة تحقيق داخلية برئاسة رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر تجميد عضوية عشرات القيادات والكوادر والناشطين، أبرزهم رئيس الكتلة البرلمانية للحزب ومستشار الرئيس السابق غازي صلاح الدين والعميد محمد إبراهيم عبد الجليل، المشهور ب «ود إبراهيم»، الذي قاد محاولة للانقلاب على الرئيس نهاية العام الماضي، و9 برلمانيين ومسؤولين سابقين. ونصح غازي صلاح الدين، أبرز موقعي مذكرة إلى الرئيس عمر البشير تطالب بالإصلاح، قيادة «المؤتمر الوطني» الحاكم بتوظيف الأحداث الأخيرة لإجراء مراجعات داخلية ونقد للذات، وأكد عدم الانجرار إلى معارك جانبية.