«هيئة الطرق»: مطبات السرعة على الطرق الرئيسية محظورة    هل اقتربت المواجهة بين روسيا و«الناتو»؟    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    الشاعر علي عكور: مؤسف أن يتصدَّر المشهد الأدبي الأقل قيمة !    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    «السقوط المفاجئ»    الدفاع المدني: هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    أرصدة مشبوهة !    حلول ذكية لأزمة المواقف    التدمير الممنهج مازال مستمراً.. وصدور مذكرتي توقيف بحق نتنياهو وغالانت    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    المؤتمر للتوائم الملتصقة    دوري روشن: الهلال للمحافظة على صدارة الترتيب والاتحاد يترقب بلقاء الفتح    خبر سار للهلال بشأن سالم الدوسري    حالة مطرية على مناطق المملكة اعتباراً من يوم غدٍ الجمعة    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    عسير: إحباط تهريب (26) كغم من مادة الحشيش المخدر و (29100) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    الأمن العام يشارك ضمن معرض وزارة الداخلية احتفاءً باليوم العالمي للطفل    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    أمير القصيم يستقبل عدد من أعضاء مجلس الشورى ومنسوبي المؤسسة الخيرية لرعاية الأيتام    مدير عام فرع وزارة الصحة بجازان يستقبل مدير مستشفى القوات المسلحة بالمنطقة    ضيوف الملك: المملكة لم تبخل يوما على المسلمين    سفارة السعودية في باكستان: المملكة تدين الهجوم على نقطة تفتيش مشتركة في مدينة "بانو"    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    «المسيار» والوجبات السريعة    أفراح آل الطلاقي وآل بخيت    رسالة إنسانية    " لعبة الضوء والظل" ب 121 مليون دولار    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة للمدينة المنورة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبيي.. مدينة أم فتيل حرب؟
نشر في المدينة يوم 11 - 11 - 2010

يقترب موعد الاستفتاء لانفصال جنوب السودان عن شماله، وهو لا يحمل بشائر خير للسودانيين، حيث يرى معظم المراقبين أن المواطنين الجنوبيين العاديين المدفوعين بالنخب السياسية الجنوبية، وبعض نخب الشمال ذات التوجه الانفصالي سيصوّتون للانفصال لا محالة، وبنسبة تفوق الثمانين بالمائة.
ومع اقتراب هذا الموعد يتصاعد النزاع على منطقة أبيي الغنية بالنفط، بما يهدد بعودة الحرب الأهلية التي انتهت باتفاق السلام الموقع في عام 2005 بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية.
وللتأكيد على أهمية أبيي في خارطة النزاع بين البلدين يجيء الاستفتاء المقبل في 9 يناير 2001م من شقين: شق يتم فيه التصويت على بقاء الجنوب كله ضمن السودان الموحد، أو ذهابه دولة مستقلة من دول شرق إفريقيا، أمّا شق الاستفتاء الآخر فهو مختص بأبيي وحدها، فإمّا أن يصوّت مواطنوها على بقائها ضمن السودان الشمالي، كما كانت منذ أن ضمها المستعمر الإنجليزي إليه عام 1905، أو تنضم للجنوب بحسبان أن معظم سكان أبيي من الجنوبيين، حيث تقطنها قبيلة “الدينكا نقوك” الموزعون في مدينة أبيي وما جاورها من قرى في تسع عموديات (مشيخيات).
الدينكا والمسيرية
تقع أبيي غرب منطقة كردفان في السودان، وتحدها شمالًا المناطق التى تسكنها قبيلة المسيرية، وجنوبًا بحر العرب القريب منها. ويعيش فيها مزيج من القبائل الإفريقية مثل “الدينكا” والعربية مثل المسيرية والرزيقات، ويدّعي كل طرف سيادته التاريخية على المنطقة ويصف الآخرين بالغرباء. وتعتبر أبيي منطقة تداخل بين قبيلة “المسيرية الحمر” الشمالية وقبيلة “الدينكا نقوك” الجنوبية وهي أحد أكبر فروع قبيلة الدينكا الأم التي ينتمي إليها زعيم الحركة الشعبية الراحل جون قرنق، وهو تداخل يعود تاريخه إلى منتصف القرن الثامن عشر. وقد ظلت المنطقة تتبع إداريًّا المناطق الشمالية، لكنها تحوّلت الآن إلى منطقة نزاع بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية التي تريد ضمها إلى الجنوب.
وتقول وجهة نظر الحكومة إن أبيي هي منطقة تمازج بين القبائل العربية والإفريقية، نافية كونها خالصة لطرف دون الثاني.
أمّا الحركة الشعبية لتحرير السودان فتقول إن أبيي كانت تابعة للجنوب قبل سنة 1905، ولكنها ضمت من قبل الحاكم العام البريطاني للشمال لمديرية كردفان بقرار إداري، وتطالب بإعادتها إلى الجنوب.
وتشير الحركة إلى أن العلاقة بين مجموعة الدينكا والعرب في تلك المنطقة عرفت تغييرًا في فترة حكومة انقلاب نوفمبر 1958م العسكري بقيادة الفريق إبراهيم عبود قائد الجيش السوداني الأسبق، حيث حاول عبود إنهاء مشكلة الجنوب عبر العمل العسكري، إضافة إلى جهود الأسلمة والتعريب هناك، وحينها بدأ عدد من أبناء دينكا أبيي في الالتحاق بالحركات المسلحة الجنوبية.
وتعد مسألة الحدود غير الواضحة في أبيي الغنية بالنفط، مصدرًا لأي نزاع داخلي محتمل في المستقبل.
منطقة إدارية
أصبحت منطقة أبيي حسب بروتوكول عام 2004م تتمتع بوضعية (منطقة إدارية خاصة)، وذلك ضمن اتفاقية السلام الشاملة المبرمة عام 2005م بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية، والتي أنهت الحرب الأهلية الثانية في السودان. فما هي منطقة أبيي؟ ولماذا الخلاف حولها؟
كلمة أبيي في لغة الدينكا تعني الشجرة، وأبيي الغنية بالنفط خصوصًا في حقل هجليج، أصبحت موطنًا للدينكا نقوك منذ أوائل القرن الثامن عشر بعد أن كانت تسكنها مجموعات من قبل قبيلة الداجو الذين تمت إزاحتهم من المنطقة. والدينكا نقوك أحد فروع قبيلة الدينكا التي تعتبر أكبر قبيلة في السودان شماله وجنوبه. وللدينكا الذين يسكنون في جنوب السودان فروع أخرى عديدة.
لكن المسيرية وهي قبيلة عربية ذات أصول عربية (سودانية) وتسكن في كردفان وحاضرتها هي مدينة المجلد كانت تجيء سنويًّا بقطعانها في مواسم الجفاف للرعي في منطقة أبيي الغنية، ويمكثون لعدة شهور في منطقة أبيي الغنية بالحشائش.
وأدّى التداخل القبلي بين المسيرية والدينكا نقوك إلى تعايش سلمي ومصاهرة على مر العقود كما سكن بعض من أفراد المسيرية ومجموعات سكانية أخرى قليلة من سكان شمال السودان بمنطقة أبيي، وكانت الخلافات بين المسيرية والدينكا نقوك والقبائل العربية الأخرى كالرزيقات يتم حلها بواسطة الإدارة الأهلية.
ولقد تضرر التعايش السلمي بين المسيرية الرحل والدينكا نقوك كثيرًا بسبب الحرب الأهلية الأولى في السودان بين الشمال والجنوب (1956-1972م)، وعلى الأخص عام 1965م الذي شهد عمليات عنف كبيرة في منطقة بابنوسة في كردفان بشمال السودان راح ضحيتها 72 من أفراد قبيلة الديكا نقوك الذين يفدون بماشيتهم أيضًا لجنوب كردفان طلبًا للمرعى.
هذه الصراعات بين الدينكا والمسيرية قادت الكثيرين من أفراد قبيلة الدينكا نقوك للانضمام لحركة (الانيانيا) الجنوبية المتمردة على الحكم المركزي في الخرطوم، وهي الحركة التي كان يقودها جوزيف لاقو في تلك الفترة ساندت قبيلة المسيرية بالمقابل الجيش السوداني في قتاله ضد المتمردين.
أنهت اتفاقية اديس ابابا في عهد الرئيس نميري الحرب الاهلية الاولى وأشارت في بند من بنودها فيما يتعلق بأبيي ضرورة إجراء استفتاء يخير الدينكا نقوك بين بقائهم إداريًا في الشمال أو تبعيتهم للإقليم الجنوبي الذي أنشئ حسب الاتفاقية، ولكن الاستفتاء المنصوص عليه في اتفاقية السلام الاولى لم يتم ونشأت من جديد مناوشات بين المسيرية والدينكا نقوك قادت لانضمام الدينكا نقوك من جديد لحركة (أنيانيا الثانية) عام 1975م.
النفط يزيد من لهيب الأزمة
تقع منطقة أبيي في “حوض المجلد” وقد جرت فيها استكشافات النفط في الفترة من عام 1970 على 1980م.
وأدّى اكتشاف شركة شيفرون للنفط في الحقول حول أبيي إلى سعي حكومة نميري لضم المنطقة إلى الشمال.
هذا التحول قاد إلى انضمام مقاتلي الدينكا نقوك الذين كانوا ضمن قوات (أنيانيا الثانية) إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة جون قرنق وذلك عام 1983م، بينما انضم المسيرية علنًا للجيش السوداني أوصبحوا يقاتلون بفرسانهم على ظهور الخيول في الصفوف الأمامية في تلك الحرب التي عرفت بالحرب الأهلية الثانية.
وأصبح الكثيرون من مقاتلي الدينكا نقوك قادة في الحركة الشعبية وتقلد بعضهم لاحقًا مناصب حكومية في الشمال والجنوب بعد اتفاقية السلام، وقاد القتال العنيف في منطقة أبيي إلى نزوح معظم مواطني عموديات (مشيخيات) الدينكا نقوك بأبيي وعددها تسعة عموديات إلى الجنوب من بحر العرب، وهذا ممّا زاد من مزاعم المسيرية في ملكية أراضٍ بالمنطقة بينما لا زال الدينكا نقوك يصرون على أن المسيرية لا يتمتعون في المنطقة إلاّ بما تتمتع به القبائل الرعوية من حق المرعى.
بحلول عام 2003م أصبحت حقول النفط في منطقة أبيي تشكل ربع انتاج السودان من النفط، وتم تمديد أنابيب نقل النفط من حقول الوحدة بهجليج بأبيي وما جاورها إلى بورتسودان.
كان بروتوكول مشاكوس الذي وقع بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية قد بين أن الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب هي حدود عام 1956م، وهو عام استقلال السودان. بهذا النص الوارد في اتفاقية مشاكوس تصبح أبيي تابعة لشمال السودان، وجزءًا من ولاية جنوب كردفان.
رأي للمسيرية
عبدالرسول النور أحد قادة حزب الأمة سابقًا وقد انسلخ من هذا الحزب هو أحد زعماء قبيلة المسيرية، تحدث في حوار مع إحدى الصحف السودانية عن موقف قبيلة المسيرية من استفتاء أبيي، وأشار إلى أنهم قدّموا حلولاً مناسبة من أجل طي ملف أبيي الذي وصفه بأنه يقف «على فوهة بركان»، إلاّ أن الدينكا رفضوا ما تقدمت المسيرية به.
وقال إن هناك تغيرًا واضحًا في الموقف من الولايات المتحدة الأمريكية حدث خلال جولة تفاوضهم مؤخرًا في اديس ابابا، حيث أصبحت تستمع باهتمام إلى مطالب المسيرية بعد أن كانت سابقًا تقف على طول الخط مع قبيلة الدينكا، موضحًا ان هناك تفهمًا تامًا من قبل الأمريكيين لتفاصيل الأزمة.
وقال النور إن الحركة الشعبية لن تغامر بإبطال اتفاقية بنيفاشا من أجل أبيي مؤكدًا أن أبناء أبيي من الدينكا نقوك يبتزون الحركة لأجل حل قضيتهم وسيواصلون ذلك، وأكد أن المسيرية يشجعون تولي كل قيادات دينكا نقوك الذين هم داخل الحركة الشعبية لحصصهم في السلطة سواء في الشمال أو الجنوب مقابل التنازل عن الاستفتاء في أبيي، وأن يأخذ الدينكا نقوك الجنسية المزدوجة.
استفتاء أبيي وترسيم الحدود
وقال النور إن الحركة الشعبية تواجه ضغطًا من أبناء دينكا نقوك الموجودين في الحركة وهم مجموعة كبيرة حاكمة ومشاركة في حكم الشمال وفي حكومة الجنوب، وحاكمة لأبيي، وقال إن ضغوطهم تهدف لدفع الحركة الشعبية لتحرير السودان (الحزب الحاكم في الجنوب) حتى تأخذ مواقف تعجيزية ولا يمكن أن تحل، إذ كيف يمكن أن يجرى استفتاء في موعده وبجدول زمني دون أن يتم ترسيم للحدود، أو الاتفاق على مفوضية استفتاء أبيي، ودون أن يحددوا مَن هو الناخب الذي يحق له التصويت في الاستفتاء، وهذا كله لم يتم والحل الوحيد لمثل هذه المطالب هو أن تحتل الحركة الشعبية المنطقة عسكريًا إن استطاعت، لأنه إذا نظرنا للمسألة من الناحية الإجرائية فكلها ناقصة ولم تكتمل.
وعن أبيي قال عبدالرسول إنها دار واحدة هي دار المسيرية، وعندما أسس مجلس ريفي دار المسيرية في عام 1953م انتخب المسيرية والدينكا رئيسًا لهذا المجلس؛ ولذا هي دار واحدة وهي دار المسيرية،
وأضاف إنه ليست هنالك دار دينكا نقوك بل هناك دار دينكا توج في بحر الغزال، ودار دينكا ملوال، ودينكا روينك، وهؤلاء في شمال بحر الغزال وغرب أعالي النيل. أمّا دار المسيرية فهي دار واحدة يعيش فيها المسيرية والدينكا والنوبة، وأي شخص سوداني آخر يعيش فيها ولكن هي دار واحدة.
واستطرد النور يقول إن هذه المنطقة هي الوحيدة التي تم استثناؤها من بروتوكول مشاكوس والتي تنص بشكل واضح على أن الحدود بين الشمال والجنوب هي حدود يوم 1/1/1956م، ومجرد استثناء منطقة هي أصلاً من الشمال حتى يتم الاحتكام فيها على أي بروتوكولات أخرى كان شيئًا خاطئًا وبالتالي المسيرية حرموا من أرضهم وأعطوا حقًا في المنطقة مثلهم مثل الدينكا باعتبارهم أصحاب حق، ولكن الدينكا يحاولون أن يجعلوا المسيرية مواطنين من الدرجة الثالثة أو الرابعة أو الأخيرة؛ بدليل أنهم يريدون أن يمنحوا حيواناتهم حق الرعي في المنطقة فقط.
وقال إنه حينها سيكون أي فرد من المسيرية يحتاج إلى حيوان ليكون كفيله لدخول المنطقة، كما أن الدينكا نقوك يريدون حرمان المسيرية من التصويت على مصير أبيي، بينما سيعطون هذا الحق لأبنائهم الذين يعيشون في استراليا وكندا، أو أولئك الذين يقيمون في أي مكان آخر و«بالطبع هذا لن يحدث» كما يؤكد عبد الرسول، فأمّا أن يصوت المسيرية ودينكا نقوك بمعايير مشتركة تنطبق على دينكا نقوك وعلى المسيرية وإلاّ سوف لن يكون هناك استفتاء أبدًا.
وجهة نظر المسيرية حول تحكيم لاهاي
يقول النور إن تحكيم لاهاي الذي نظر في قضية أبيي سابقًا تم بين الحركة الشعبية لتحرير السودان (الحزب الحاكم في الجنوب) والمؤتمر الوطني (الحزب الحاكم في الشمال)، وليس بين الدينكا والمسيرية، وهو لم يعط حقوقًا بل قال إن هناك منطقة فيها نزاع، وقال إن بروتوكول المحكمة الدولية ظلم المسيرية؛ لأنه سمّى دينكا نقوك في جانب وحدهم، ووضع المسيرية والسودانيين الآخرين في جانب آخر، رغم أن المنطقة هي دار المسيرية، وأبناء دينكا نقوك من أبيي ممّن هم في داخل الحركة الشعبية لم يدخلوا المنطقة إلاّ ببطاقة السلام، وبعد اتفاق نيفاشا، وعندها فقط دخلوا، وهم يعلمون أن هذه المنطقة هي المنطقة الوحيدة في المناطق الحدودية التي لم تدخلها الحركة الشعبية. فهذه المنطقة عندها أهل وحموها طيلة الخمسين عامًا، وهي أعوام الحرب، وهم قادرون على أن يدافعوا عن حقوقهم فيها.
عروض أمريكية للمسيرية والدينكا نقوك
وحول الوساطة الأمريكية قال النور إن الوسيط والسفير الأمريكي الذي جاء لدعمه اكتشفا أن ما بدأوا به كان ظالمًا للمسيرية وبدأوا يطرحون اقتراحات جديدة فمثلاً اقترحوا أن تذهب المنطقة للجنوب ويعطى المسيرية الجنسية المزدوجة، وتمنح مواشيهم الحق في أن تذهب حتى جوبا، ولكن المسيرية رفضوا هذا العرض، وقدموا عرضًا آخر وهو أنه ما دامت هذه المنطقة أصلها تتبع للشمال، وتدخل داخل حدود 1/1/1956م فالأولى أن تضم إلى الشمال، ويعطى دينكا نقوك الجنسية المزدوجة، ويعطوا أي حقوق إضافية يرغبون فيها،
ثم جاء الأمريكان بفكرة تقسيم المنطقة، حيث فهمنا أن التقسيم يعني أن من هو شمال البحر يذهب شماله، ومن هو جنوبه يذهب للجنوب، ولكن رفضت الحركة الشعبية ذلك. فكل الذي يريدونه هو أن تتبع هذه المنطقة للجنوب دون استفتاء، أو أن يمنع المسيرية من حق التصويت.
وقال إن الحركة الشعبية حذّرت من أنه في حال تصويت المسيرية في استفتاء أبيي فستذهب المنطقة للشمال؛ لأنهم يدركون أنهم الغالبية،
وأوضح أن الحركة الشعبية واجهت ضغوطًا من أبناء دينكا نقوك فخلال جولة المفاوضات شارك من الجانب الجنوبي د. لوكا بيونق وهو وزير شؤون الرئاسة، ودينق ألو وزير التعاون الدولي، وكذلك دينق أروب كوال رئيس إدارة أبيي، وهؤلاء الثلاثة من الدينكا نقوك، وجدّهم واحد، وأبناء عمومة، وهم حاكمون بالجنوب ومساهمون في حكم الشمال وحاكمون لأبيي، وفي حال لم تضم أبيي فهم سيكونون أجانب في الجنوب، وبالتالي سيكون هناك تهديد لمراكزهم.
وقال إن هناك أكثر من 17 قياديًّا في الحركة الشعبية من بيت واحد من الدينكا نقوك، وهم مؤثرون داخل الحركة الشعبية، بل ويقومون بابتزازها حفاظًا على مركزهم، ورأى أنه ستأتي مرحلة لابد من أن تنعتق فيها الحركة الشعبية من سيطرة أبناء أبيي.
الحل في اتفاق الشريكين
قال النور إن قوات الأمم المتحدة تكون دائمًا قوات فاشلة في أي مكان تذهب إليه، ولن تستطيع ضبط حدود الشمال والجنوب التي تمتد لحوالى ألفي كيلومتر، وأضاف إنه لو جاء الجيش الأمريكي كله فلن يستطيع تثبيت الأمن على الحدود، فالأمن لن يكون إلاّ باتفاق الشريكين واتفاق القبائل المتعايشة وهذا هو الحل الوحيد.
ورأى أن هناك الكثير جدًا من النقاط تلتقي فيها رؤية المؤتمر الوطني مع المسيرية، فالمسيرية ينظرون لأنفسهم على أساس أنهم صاروا أيتام اتفاقية نيفاشا، فمنطقتهم هي المنطقة الوحيدة التي تم استثناؤها من الشمال، وأصبح هناك محاولات لإعادتها بعد أن تم استثناؤها، وأضاف إن الأمريكان كانوا يعتقدون أن المؤتمر الوطني يحرض المسيرية لتصعيد أزمة أبيي، ولكن عندما قابلهم وفد المسيرية أصبحوا يرون أن المسيرية هم الذين يحضرون المؤتمر الوطني.
رؤية أمريكية للحل
نشرت جريدة الصحافة السودانية ترجمة لوثيقة خارطة الطريق التي سلمها المسؤول الأمريكي جون كيري للحكومة المركزية وحكومة الجنوب، وحوت الخارطة جملة شروط متعلقة بإحراز تقدم بشأن قضية دارفور والجنوب؛ لإجراء تطبيع كامل ورفع العقوبات الاقتصادية عن السودان،
وحددت الوثيقة يوليو المقبل موعدًا لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في حال التزام الحكومة المركزية بإجراء استفتاء سلمي للجنوب وأبيي.
ورفض ابراهيم غندور المسؤول بالمؤتمر الوطني التراجع عن موقف الحكومة في النزاع المتعلق بالاستفتاء في منطقة أبيي رغم العرض الأمريكي، وقال إن المشكلة مازالت قائمة وهو ما يعني أن من غير المرجح اجراء استفتاء أبيي في حينه،
وأضاف «ما من جائزة على وجه الارض، لا الرفع من قائمة الارهاب، ولا غيرها يمكن أن تقنع المؤتمر الوطني بحرمان المسيرية أو غيرهم من سكان أبيي من حق المشاركة في الاستفتاء».
من ناحيته، شدد عضو المكتب القيادي بالمؤتمر الوطني الدكتور محمد مندور المهدي على أن «عصا أمريكا لا ترهبنا ولا تغرينا جزرتها»،
ورهن قيام استفتاء أبيي بضمان مشاركة المسيرية فيه، في حين أكد مندور المهدي التزام المؤتمر الوطني بقيام الاستفتاءين في موعدهما باعتباره عهدًا قطعوه على أنفسهم ، لكنه قطع بأن استفتاء أبيي لن يقوم دون مشاركة المسيرية بجانب دينكا نقوك.
السودان يرفض
ورفض السودان التراجع عن موقفه في النزاع المتعلق بالاستفتاء في منطقة أبيي، رغم عرض أمريكي بشطبه من قائمة الدول الراعية للارهاب إن مضى هذا الاستفتاء، وتصويت آخر بشأن انفصال الجنوب في الموعد المقرر.
وكان مسؤولون أمريكيون قد قالوا إن الولايات المتحدة سترفع اسم السودان من قائمتها للدول التي ترعى الارهاب بحلول يوليو تموز 2011 إذا أجري استفتاء أبيي في موعده في التاسع من يناير المقبل، وهو نفس الموعد المقرر لاجراء الاستفتاء على انفصال الجنوب عن الشمال.
وأوضح ابراهيم غندور القيادي بحزب المؤتمر الوطني أن المشكلة مازالت قائمة، وهو ما يعني أن من غير المرجح إجراء استفتاء أبيي في حينه.
ويخشى كثيرون أن تتسبب أبيي التي كانت محور اقتتال بين الشمال والجنوب خلال انتهاك لوقف اطلاق النار عام 2008 في صراع جديد ان لم يحسم أمرها قبل استفتاء الجنوب الذي يتوقع معظم المحللين أن يسفر عن انفصال.
ترى الحركة الشعبية لتحرير السودان أنه يمكن التوصل لتسوية من خلال ضم أبيي للجنوب وإعطاء قبيلة المسيرية حقوق مواطنة وتقديم تعويض مالي للشمال لتخفيف الاثر الاقتصادي المترتب على انفصال الجنوب.
ويرى المؤتمر الوطني انه ما من سبيل لضم أبيي للجنوب دون استفتاء لكن حزب المؤتمر الوطني يتقبل فكرة التوصل لشكل من أشكال التسوية يكفل حقوق كل مواطني المنطقة.
وهكذا فإن أبيي تظل بمثابة برميل بارود قابل للانفجار في اي لحظة ما لم تتم تسوية وهذا مما سؤدي لاشتعال الحرب من جديد بين الشمال والجنوب.
-----------------------
نص وثيقة خريطة الطريق
نشرت صحيفة الصحافة ترجمة بقلم سيف الدين عبدالحميد لمقترحات «خارطة الطريق» التي نقلها رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأمريكي السيناتور جون كيري من الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى شريكي الحكم في السودان حزب المؤتمر الوطني و«الحركة الشعبية لتحرير السودان»، وسلمها إلى رئيس حكومة الجنوب، زعيم «الحركة الشعبية» سلفاكير ميارديت في جوبا الأحد الماضي، وإلى نائب الرئيس علي عثمان محمد طه في الخرطوم السبت الماضي، وفيما يلي نصها: إن حكومة السودان، وكما تمت مناقشته في سبتمبر 2010م في اجتماعات عقدت في الخرطوم وجوبا، وكما أوضح الرئيس لدى اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى حول السودان يوم 24 سبتمبر، يمكن أن تحقق علاقة حسنة مع الولايات المتحدة بإيفاء التزاماتها بموجب اتفاقية السلام الشامل، وتحسين التعاون حول الإرهاب، وإقرار السلام والاستقرار لمواطني دارفور. وقد قامت الولايات المتحدة سلفًا بالآتي لعكس رغبتها في علاقات أمريكية/ سودانية حسنة:
* غيّرت سياسة الترخيص نحو القطاع الزراعي في السودان، ومنحت رخصًا مختلفة معلّقة لبيع المعدات الزراعية ومعدات الري، وجميعها ستدعم الإنتاج الغذائي المحلي.
*شاركت في اجتماع للبنك الدولي حول مستقبل السودان، واقترحت مجموعة عمل خاصة من خبراء فنيين للنظر في القضايا المتعلقة بالإعفاءات المحتملة لديون السودان القومية. وستبعث حكومتنا هذا الشهر وفدًا رسميًا من وزارة الخزانة للالتقاء بالمسؤولين في الخرطوم لمناقشة مسار السودان لإعفاء الديون والقضايا الاقتصادية المتعددة الأخرى.
وإذا كانت حكومة السودان منسجمةً مع التزاماتها بموجب اتفاقية السلام الشامل فيجب الآتي:
1. أن يكون استفتاء جنوب السودان سلميًا، ويعكس إرادة الجنوبيين، وأن يجري في الوقت المحدد، وأن تحترم حكومة السودان النتائج، وأن يحسم الوضع المستقبلي لأبيي برضا الطرفين، وأن يكون منسجمًا مع أهداف ومبادئ اتفاقية السلام الشامل ونتائج قرار محكمة التحكيم الدولية الدائمة حول أبيي.
2. تتوصل حكومة السودان مع حكومة جنوب السودان إلى أن كل قضايا اتفاقية السلام الشامل المتبقية وقضايا ما بعد الاستفتاء التي تشمل إدارة أبيي مستقبلاً ستتم تسويتها دون اللجوء إلى الحرب وبهدف حل هذه القضايا في علاقة تعاونية وذات فائدة مشتركة.
3. تتوصل حكومة السودان وحكومة جنوب السودان لاتفاقية حول ترتيبات ما بعد الاستفتاء لتشمل الموارد الطبيعية والقضايا الاقتصادية (تشمل ترتيبات ما بعد الاستفتاء وعائدات النفط)، والمواطنة، والأمن، والمعاهدات الدولية، والقضايا القانونية الأخرى، ويتوصلان إلى اتفاقية حول عملية محدودة الأجل لإنهاء ترسيم حدود المناطق المتنازع عليها على طول الحدود الشمالية/ الجنوبية وترسيم الحد.
4. إذا صوت جنوب السودان للاستقلال، فإن القضايا الموضحة أعلاه تحسم بحلول يوليو 2011م لتساعد على إقرار استقلال سلمي ومكتمل لجنوب السودان.
5. لا تدخل حكومة السودان في أعمال عسكرية استفزازية، أو خلق زعزعة عبر الحدود، ويشمل ذلك التحركات العسكرية عبر الحدود، وتدفق الأسلحة واستخدام الوكلاء.
6. تعمل حكومة السودان على حماية الحقوق، وتضمن أمن الجنوبيين الذين يعيشون في الشمال.
7. تقوم حكومة السودان بتنفيذ التزاماتها فيما يتعلق بالمشورات الشعبية التي ستجرى في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وحالما نفذت الشروط السبعة أعلاه، فإن الولايات المتحدة ستقوم بالآتي:
1. ستنقل إلى الكونغرس الأمريكي في مطلع يوليو 2011م الوثائق الفنية لشطب اسم السودان من كونه دولة راعية للإرهاب (بافتراض أن حكومة السودان قد لبّت كل المعايير القانونية، وامتنعت عن دعم الإرهاب الدولي في الستة أشهر السابقة، وقدمت تأكيدات على أنها لن تدعم الإرهاب في المستقبل، وستدعم جهود مكافحة الإرهاب دعمًا فاعلاً).
2. تعمل على توسيع مظلة الترخيص، وتسمح بأصناف التجارة الإضافية والاستثمار الإضافي مع السودان، وستسمح الولايات المتحدة تحديدًا بالترخيص للآتي:
3. (1) الشحن العابر من السلع التجارية والإنسانية إلى المناطق المحددة من السودان عبر المناطق المحددة من السودان (وتشمل الصادرات إلى جنوب السودان عبر الشمال).
4. (2) المشاريع البيئية باستبعاد قطاع النفط التي قد تشمل الاستثمار أو الصادرات في موارد المحاصيل الغذائية والخشبية والنقدية، وتشمل قطاع الصحة العامة، والحفاظ على الحياة البرية، والموارد المائية.
5. (3) صادرات برامج اتصالات معينة، (4) برامج التبادل التعليمي والثقافي والرياضي والمعاملات ذات الصلة.
6. المشاركة مع المانحين والمؤسسات المالية العالمية لمواصلة المناقشات حول عملية تأمين إعفاء الديون المتعددة تماشيًا مع العمليات المتفق عليها دوليًا ومع المتطلبات التشريعية الأمريكية.
7. تعيين سفير أمريكي لدى السودان والسعي لموافقة مجلس الشيوخ.
ستكون موافقة الولايات المتحدة على رفع العقوبات الأمريكية المتبقية معتمدة على السلوك السوداني في دارفور، فالولايات المتحدة تنظر إلى حكومة السودان لتنفيذ إجراءات ملموسة حول قضايا تشمل دخول المساعدات الإنسانية وحرية الحركة لقوات حفظ السلام التابعة للبعثة الأممية/ الإفريقية «يوناميد» والدخول في محادثات السلام ووضع حدٍّ لاستخدام المليشيات العاملة بالوكالة واستهداف المدنيين. أخيرًا وكما نوقش في تنوير الجنرال غريشن لموقف الولايات المتحدة في سبتمبر فإن القانون الأمريكي الماثل يطلب من حكومة السودان معالجة الوضع في دارفور قبل أن تصل العلاقات بين السودان والولايات المتحدة طاقتها الكاملة. إن الولايات المتحدة لن تقوم بالآتي إلاّ بعد أن تغيّر حكومة السودان الأحوال في دارفور بتحسين الأمن والتعاون الكامل مع بعثة «يوناميد» وتقديم مساعدات إنسانية متاحة إلى دارفور وتنفيذ اتفاقية السلام الشامل والمساهمة في الجهود التي تحقق المساءلة والعدالة والمصالحة وتعزيز القانون الإنساني الدولي والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي:
1. العمل مع حكومة السودان للحصول على الموافقة على إعفاء الديون الدولية لشعب السودان شريطة تلبية الشروط ذات الصلة وتماشيًا مع العمليات المتفق عليها دوليًا ومع القانون الأمريكي، إن عملية إعفاء الديون ستتطلب خطوات متعددة وطويلة لكن الولايات المتحدة ستساعد حكومة السودان في مساعيها لإعفاء الديون طالما أن حكومة السودان تواصل التزامها بتعهداتها.
2. إضافة لذلك فإن الولايات المتحدة ستدعم حكومة السودان في سعيها للحصول على تمويل من المؤسسات المالية الدولية وفقًا للقانون الأمريكي والعمليات المتفق عليها عالميًا فيما يتعلق بإعفاء الديون ووفقًا للأحكام واللوائح ذات الصلة التي تحكم المؤسسات المالية الدولية ذات الصلة.
3. إلغاء العقوبات الاقتصادية التي تشمل إنهاء العقوبات الإدارية ذات الصلة بموجب الأوامر الإجرائية رقم 13067 ورقم 13412 والسعي لإلغاء العقوبات المفروضة بواسطة الكونغرس بموجب قانون السلام والمحاسبة لدارفور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.