على رغم انتهاء أزمة احتجاز الرهائن على أيدي مسلحي «حركة الشباب» الصومالية في متجر «ويست غيت» في نيروبي عاصمة كينيا، لا تزال شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصاً موقع «تويتر» Twitter، مستمرة في التعامل مع هذه الأزمة. ويركّز جمهور «تويتر» على 85 سؤالاً يصرّ مغرّدو كينيا على الحصول على إجابات عنها من حكومة بلادهم، تتعلّق بملابسات الحادث وتناقضاتها ومدى النجاح في إدارة هذه الأزمة، والأهم هل انتهت فعليّاً؟ وعندما كانت تلك الأزمة في ذروتها المسلّحة، استخدم الجمهور بكثافة موقع «تويتر» للتدوينات المُصغّرة، كمصدر للمعلومات والتوجيهات والاستفسارات وغيرها. وإبّان الأزمة عينها، أعلن حساب «حركة الشباب» على «تويتر» أن الدعم المالي والتدريب باتا متوافرين لإطلاق عملية «جهادية» جديدة، وسأل متابعيه أن يختاروا مكانها: كينيا أم الصومال؟ وادّعت «الشباب» أن عملية «ويست غيت» جاءت ردّاً على ما وصفته ب«الاحتلال» الكيني لأراضي الصومال، في إشارة ضمنيّة إلى مشاركة قوة من 4 آلاف كيني في عمليات «الاتحاد الأفريقي» في الصومال. واستخدمت الحركة وسم «حماية الإسلام» (باللغة السواحليّة) #LindaUislamu لتذييل بعض منشوراتها على «تويتر»، في محاكاة ساخرة من وسم لوزارة الدفاع الكينية يصف عملياتها في الصومال باعتبارها «حماية الدولة»LindaNchi# تغريد «الشباب» واحد أم متعدّد؟ بدّد حساب «حركة الشباب» ما أُشيع عن أن عملية نيروبي نُفّذت بقيادة بريطانية هي أرملة منفذّ هجمات لندن في يوليو (تموز) 2005، وهو ما تناقلته كثير من الصحف الأوروبية تحت عنوان «لغز الأرملة البيضاء». كما نفى حساب الحركة أن يكون الجناة حاولوا الفرار بعد تشديد الحصار عليهم في مبنى «ويست غيت»، لافتاً إلى أن هؤلاء يسعون للشهادة ولا يهربون من الموت، وهو عكس ما نقلته قناة «سي إن إن» الأميركية عن استخدام أولئك المسلّحين أنفاقاً للخروج من المبنى، قبيل سيطرة القوات الكينية عليه. وعند بداية الأزمة، سمّى حساب نُسِبَ في حينه إلى «حركة الشباب» رجلاً وصفهم بأنهم نفّذوا العملية، بينهم أميركيون وأوروبيون، مُشيراً إلى أن أعمارهم هي في مستهل العشرينات. ونقلت وزيرة الخارجية الكينية أمينة محمد إلى قناة تلفزيونيّة أميركية هذه المعلومات بالذات، التي نفتها الحركة سريعاً على لسان الناطق باسمها حمزة محمد. وأثناء سنوات ماضية، تعرّضت حسابات عدّة تابعة ل»حركة الشباب» للتوقيف بقرار من إدارة «تويتر» بسبب مخالفة قواعد النشر، أو وصول بلاغات مُكثّفة من الجمهور ضدّها. وتتابع مراكز بحثية في الغرب شبكات إلكترونيّة يعتقد أنها تابعة لتنظيمات جهاديّة، أشهرها مراكز «سايت» و«ميموري»، لغايات تشمل رصد مؤشرات لهجمات محتملة أو حملات داعية إلى العنف ضد الغرب أواليهود. وبرزت تناقضات في التغريدات الجهادية أثناء عملية «ويست غيت»، إذ أعلن مقرّبون من «حركة الشباب» أن المسلمين أُخرِجوا من ذلك ال«مول» قبل بدء الهجوم، لكن روايات الناجين التي تناقلها مستخدمو تويتر أفادت بأن المهاجمين طلبوا من المسلمين الهرب أثناء وقوع الهجوم وليس قبله. وباستخدام حسابها على «تويتر»، روت لينزي هيلسوم، وهي مراسلة ل «القناة الرابعة البريطانية»، أن مواطنة كينية اتصلت بصديقها المسلم المحاصر في «ويست غيت»، فالتقط الهاتف أحد المهاجمين وأبلغها بوفاة صديقها ودعاها للقدوم لتسلّم جثته باعتبار القتيل مسلماً. كُلّنا واحِد ساعد «تويتر» في التعرّف الى صاحبة صورة شهيرة لأم في ال»مول» تظاهرت بالموت مع طفليها، لتضليل الجُناة. والتقاها التلفزيون الكيني لاحقاً. كما طلبت «قناة كينيا الوطنية» («إن تي كيه» NTK) التلفزيونية عبر حساباتها على «تويتر» التعرّف على صور لمُسعفين ومُتطوعيّن ساهموا في إنقاذ بعض المُتسوقيّن في «ويست غيت» بهدف إجراء حوارات معهم لاحقاً، منهم عبدالله حاجي الذي أكتُشفَ أنه نجل وزير دفاع سابق وصفه مستخدمو «تويتر» في كينيا بأنه «بطل وطني». واستخدم الكينيون والمتعاطفون معهم وسم «كُلّنا واحِد» بالإنكليزية لإظهار تضامنهم مع كينيا. ودَعَتْ حسابات رسمية كينية المواطنين لعدم استخدام التقسيمات الإثنية والدينية عبر الانترنت، وعدم الإساءة إلى الصوماليين في كينيا. إذ تستضيف كينيا أكبر معسكر للاجئين عالميّاً وهو مخصّص للصوماليين. والطريف أن أكبر عدد من المتبرعين بالدم لمُصابي هجوم «ويست غيت» جاء من هذا المعسكر، وفق ما غرّدت به ميليسا فلمينغ، وهي من مفوضية الأممالمتحدة للاجئين، عبر «تويتر». ووجد بعض مستخدمي «تويتر» العرب والمسلمين، غطاءً سياسيّاً يبرّرون به هذه العملية الإرهابية، زاعمين أنها ردّ على استهداف القوات الكينية لمُجمّع لنازحين صوماليين. لكن متابعة الرابط الإلكتروني الذي يفترض أنه يثبت «الاستهداف» المزعوم، وهو رابط جرى تداوله بكثافة، يقود إلى خبر يرجع إلى العام 2011 عن قصف أوقع 10 بين قتيل وجريح، بل أن نيروبي تقول إنهم كانوا مسلّحين! وفي تصرّف لافت، استخدمت الحكومة الكينية مواقع التواصل الإجتماعي لنشر تنويهات ومناشدات ومعلومات مهمّة كحسابات «تويتر» المتّصلة بشرطة نيروبي وإدارة الأزمات ووزارة الداخليّة. وعمدت إدارة «تويتر» إلى تدقيق هذه الحسابات سريعاً منذ اليوم الأول للأزمة. وكذلك أعلنت الحكومة للمرّة الأولى عن حساب جديد لوزارة الداخليّة على شبكة «فايسبوك». ويستخدم كثير من الكينيين خدمات الهواتف الذكيّة ومواقع الانترنت، خصوصاً مع قصور شبكات الهاتف التقليدية. في سياق مماثل، استخدمت الحكومة الكينية و«منظمة الصليب الأحمر» حساباتهما على «تويتر للإشارة إلى أماكن التبرّع بالدم، ولفت المواطنين إلى ضرورة الابتعاد عن منطقة المبنى التجاري وغيرها. ما بعد الأزمة عقب انتهاء العمليّة عسكريّاً، أعلنت الحكومة الكينية عبر «تويتر» السماح للمواطنين بالقدوم لتسلّم سياراتهم التي علقت في أماكن قريبة من الحادث. كذلك أعلنت عن أرقام هاتفيّة تفيد من فقد القدرة على الوصول إلى سيارته. وتبادلت وزيرتان صومالية وكينية عبارات المساندة عبر «تويتر» أثناء الحادث. وبعد انتهاء العملية رسميّاً، انتقد ناشطون على الانترنت ما وصفوه بأنه سوء استخدام من «الصليب الأحمر» لتبرعاتهم، بمعنى تخصيص نصيب كبير منها لغير مساعدة الجرحى مباشرة. وسأل كثيرون عن مصير 39 مفقوداً، ومدى تسرّع القوات الكينية في دكّ جزء من مبنى «ويست غيت» ما عرّض حياة كثيرين للخطر. كما نشر مُدوّن معروف رسالة تطلب فيها وزارة الخارجية من موظّفيها تقديم مساعدة مالية لأسرة ديبلوماسي فقد ابنه في حادث «ويست غيت»!