للمرة الأولى منذ اندلاع نزاع الصحراء الغربية في العام 1975، برزت فكرة توطين اللاجئين الصحراويين الذين تؤويهم مخيمات تندوف في جنوب غربي الجزائر في بلد ثالث. وقال وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري في اختتام محادثاته مع المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأممالمتحدة أنطونيو غوتريس إن بلاده تولي أهمية كبيرة لاحصاء الأشخاص المقيمين في تندوف وتحديد المنتسبين إلى أصول صحراوية، كي تتمكن المفوضية من القيام بدورها. وأضاف الفاسي الفهري أن مهمتها تكمن في فتح حوار مع سكان المخيمات «حول مدى رغبتهم في البقاء هناك أو الالتحاق بالمغرب أو الاستقرار في مكان آخر في الخارج». وكان بيان للخارجية المغربية صدر عشية زيارة المفوض الدولي إلى الجزائر أشار إلى أن احصاء اللاجئين الصحراويين إجراء أساسي لحمايتهم ومقدمة للبحث في الحلول الدائمة «بخاصة عودتهم النهائية والطوعية إلى وطنهم الأم أو دمجهم المحلي، أو معاودة توطينهم في بلد ثالث». وأفيد أن رئيس الوزراء المغربي عباس الفاسي شدد في محادثاته مع غوتريس على درس الخيارات الثلاثة ومن ضمنها ترحيل اللاجئين إلى بلد ثالث قبل عودتهم إلى المغرب. كما عرض الطرفان تطورات قضية الصحراء وآفاق المبادرة المغربية حول منح الإقليم حكماً ذاتياً موسعاً. لكن رئيس الوزراء المغربي ركّز على مؤاخذات تشمل «تحويل المساعدات الإنسانية لغير أهدافها»، في إشارة إلى تقارير لمنظمات حقوقية ودولية حول الاتجار ببعض المواد التي تُرسل إلى اللاجئين الصحراويين خارج المخيمات التي تؤويهم في تندوف. إلى ذلك طلب وزير الخارجية الفاسي الفهري من مفوضية اللاجئين المساعدة في تحريك ملف الصحراويين في تندوف «ليس فقط من أجل القيام بمهمتها الإنسانية، ولكن أيضاً من أجل مساعدتنا في التوصل إلى حل نهائي للوضع السائد في المخيمات»، موضحاً أن الأوضاع هناك «ليست معروفة لدى الجميع» وانها تعرف انتهاكات لحقوق الإنسان ولا يُسمح للمقيمين بمغادرتها. بيد أن رئيس الديبلوماسية المغربية اتهم الجزائر بأنها «تتحمل المسؤولية السياسية والقانونية» في استمرار وضع وصفه بأنه «غير مقبول إنسانياً». وسبق للسلطات المغربية أن رددت الاتهامات نفسها التي كانت محور جدال قانوني وسياسي في أروقة المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وترد الجزائر بأنها تستضيف الصحراويين على أراضيها في انتظار حل النزاع عبر تقرير المصير. وأوضح غوتريس، من جهته، أن الجزائر طلبت زيادة حجم المساعدات الممنوحة للاجئين الصحراويين لكن المفوضية أجابت بأن تحقيق الزيادة مرتبط باحصاء المقيمين في المخيمات، معرباً عن أسفه لعدم إجراء ذلك الاحصاء. يُذكر في هذا الصدد أن جبهة «بوليساريو» تعرض لأرقام تتجاوز 160 ألفاً، فيما يرد منشقون عنها عادوا إلى المغرب بأن العدد الحقيقي لا يتجاوز 50 ألفاً. وأعرب غوتريس عن أمله في زيادة عدد الأشخاص الذين يستفيدون من عمليات تبادل الزيارات التي تتم بين الصحراويين في تندوف وأقاربهم في المحافظات الصحراوية التي تخضع للمغرب، مشيراً إلى أن الطرفين، المغرب و «بوليساريو»، اتفقا في وقت سابق على تنظيم رحلات متبادلة عبر الطرق البرية إضافة إلى الطرق الجوية، وهي الوسيلة الوحيدة المعتمدة حالياً لتبادل الزيارات بين الصحراويين في العيون، كبرى مدن الصحراء، وتندوف حيث يعيش اللاجئون الصحرايون في الجزائر.