يخصص عبدالجليل سالم، مبلغاً لما بات يعرف في أوساط عشاق السيارات ب «عيدية السيارة»، إلى جانب مصاريف «كسوة العيد» التي يخصصها لعائلته، فهو يرى أن السيارة «من ضمن أفراد العائلة، ويجب أن تأخذ نصيبها من زينة العيد، فهي تحظى باهتمام كبير في الليل، وملاحقة آخر ما توصّلت إليه زينة السيارات التي تدرُّ على المحال المتخصصة في هذا المجال مبالغ كبيرة». وتبدأ رحلة الزينة بغسيل السيارة في مغاسل اكتظت بالراغبين في تنظيف سياراتهم، حتى امتد عمل بعضها إلى ساعات الصبح الأولى، وبعد الانتهاء من الغسيل والتنظيف، تأتي مرحلة التزيين التي غالباً ما تتم أمام محال زينة السيارات التي وضعت حداً أدنى يقترب من 120 ريالاً للسيارة الصغيرة. فيما يصل الحد الأعلى إلى نحو 740 ريالاً، وهو مبلغ لا يتردد الكثيرون في دفعه لمجرد إضافة ملصقات غريبة. ولا يصف سالم، علاقته بسيارته ب»العادية»، بل تصل إلى أنه يعدها «واحدة من أفراد العائلة»؛ لذا لا ينساها من «كسوة العيد». ويقول: «أعشق السيارات بجنون، ومثلي مجموعة كبيرة من السائقين المغرمين بمركباتهم». وتعدّ عملية تزيين السيارات «عملاً احترافياً، لا يجيده الكثيرون؛ لذا يتميز أشخاص بهذه الحرفة». ويرجع سبب اندفاع الشبان لتزيين سياراتهم في المناسبات، ومنها العيد إلى «الرغبة الملحة في لفت الأنظار، فهي سمة موجودة ليست عند الشبان السعوديين فحسب، بل في جميع أنحاء العالم، فعملية تعديل السيارات وتزيينها تشغل تفكير المولعين بها، ففي شواطئ أميركا مثلاً، تجد أشكالاً غريبة لسيارات معدلة أو مزينة برسومات مدهشة». وتعكس السيارة شخصية صاحبها، كما يعبر عدنان الصالحي، الذي يرى أن «الراكب يعرف من المركوب». ويقول: «هناك مجموعة من الشبان يحبون تزيين سياراتهم، لمجرد ولعهم وحبهم لها، ولأنهم يجيدون هذا الفن، إلا أن البعض الآخر يضعون ملصقات غريبة مكتوبة باللغة الإنكليزية، ولا يعرفون معناها، إلى جانب صور غريبة بعيدة عن عاداتنا وتقاليدنا»، لافتاً إلى أن الهوس ب «المركوب» ليس وليد اليوم، فقديماً كان من يملك حصاناً، أو حتى حماراً، يعمد إلى تزيينه. والأخير يزين بصبغ رجليه ورقبته بالحناء». ويدافع سلمان الحمد، عن تعلقه بتزيين السيارات، معتبراًً ذلك «أمراً طبيعياً جداً، وفي بلدان أخرى تجده أمراً عادياً جداً، لكن البعض في مجتمعنا يدققون على كل شيء، وينظرون إليه باشمئزاز، وكل ما في الأمر أن مجموعة من الشبان أرادوا أن يعبروا عن شخصياتهم بطرقهم الخاصة». ويجتذب شارع الملك خالد في الهفوف (الملكي سابقاً)، الراغبين في تزيين سياراتهم من خلال محال الزينة المنتشرة بكثرة، والتي يزدحم بها الشارع. ويعمل في معظمها وافدون من إحدى الجنسيات العربية. وتشهد إقبالاً كبيراً حتى من أبناء دول خليجية مجاورة، يجدون فيها مبتغاهم إلى جانب الأسعار «الزهيدة» مقارنة بالأسعار في بلدانهم. ويقول جاسم محمد المري (قطري): «الأسعار هنا لا تقارن بأسعار في الدوحة، إلى جانب توافر عدد كبير من الخيارات. وحين أحضر إلى الأحساء، وقبل مغادرتي إلى قطر، أمرُّ الشارع الملكي، لأزين سيارتي التي تلفت الأنظار، وتنهال علي الأسئلة عن المكان الذي زينتها فيه». وعن سبب شغفه بتزيين سيارته، يقول المري: «الأمر مرتبط بالنفسية، فهناك أشخاص لم يغسلوا سياراتهم منذ أشهر، والأوساخ والأتربة والرائحة الكريهة منتشرة فيها، وأشخاص يجدون السيارة مكاناً للراحة والاستمتاع؛ لذا يعطونها اهتماماً كبيراً»، مضيفاً «لا يمكن أن نغفل أن هناك أشخاصاً متطرفون في حبهم لتزيين السيارات، وهؤلاء يمكن أن تعرفهم من الزينة المبالغة والأشكال الغريبة». ويطالب عمار النويصر، ب«تنظيم مسابقات ومهرجانات لمثل هذا النوع من التزيين، خصوصاً في يوم العيد، فهناك جمهور كبير محب لهذا النوع من الفن، وفي السنوات الماضية كان هناك تنظيم في قرى مختلفة، إلا أنه اختفى فجأة، وأظهر إبداعات في التزيين وصلت إلى حدود الإدهاش». ويؤكد على «إفساح المجال للشبان، ليعبروا عن أنفسهم. ولو كان هناك مسابقة مقننة وتشرف عليها جهة رسمية لظهر الإبداع الذي يتمتع به كثير منهم»، مضيفاً «هناك سيارات تحمل عبارات توجيهية، ومنها «لا للمخدرات»، و«الوقاية خير من العلاج»، إلى جانب عبارات الولاء للوطن، ورسومات بأيدٍ شبابية، غاية في الدقة».