أحيا أطفال سعوديون يوم عيد الأضحى واحداً من أعرق طقوس سكان المناطق الساحلية في الخليج العربي، وذلك بإلقاء سلة من الخوص مزروعة بالقمح أو الشعير في البحر، على وقع أهزوجة تعبر عن الأمنيات بالسلامة لحجاج بيت الله الحرام. ويعتقد أن تاريخ «الدوخلة» يعود إلى عصور سحيقة في تاريخ الخليج العربي، ويربطها مهتمون في التاريخ بانتهاء مواسم الحصاد. وفي القرون الأخيرة أصبحت مرتبطة بالحج، وتمني عودة الحجيج إلى ذويهم سالمين بعد أن يتمّوا مناسكهم في المشاعر المقدسة. وتطلق عليها أسماء متعددة باختلاف المناطق، ك «الأسعنة» و«الحية (حجة)» و«الحية بية». وكادت «الدوخلة» تنقرض، بيد أن شباناً في بلدة سنابس التابعة لمحافظة القطيف في شرق السعودية أعادوا إحياءها قبل نحو 10 أعوام ضمن «مهرجان الدوخلة الشعبي». وما إن يحل ظهر يوم العيد حتى تستحيل زرقة مياه شاطئ البلدة إلى اللون الأخضر، إذ يلوح آلاف الأطفال والشبان والفتيات ب«الدوخلة»، ويلقونها في مياه البحر على وقع أهازيج شعبية متوارثة. ويصدح الأطفال بالأهزوجة التي يقول مطلعها: «دَوْخلتيْ حجّي بيْ... لا مِن يجي حبيبي.. حبيبي راح مكةْ.. ومكة المعمورةْ... فيها السلاسل والذهب والنورة»، فيما تحمل أياديهم «الدوخلة» التي هي عبارة عن سلة من الخوص يزرع فيها القمح أو الشعير في مطلع شهر ذي الحجة من كل عام، لتلقى في البحر أو عين الماء يوم العيد على وقع الأهازيج التي تتمنى السلامة للحجاج. وانطلق مهرجان «الدوخلة» في نسخته التاسعة بحضور فاق 6 آلاف زائر على وقع أوبريت «أرض السندباد» الذي يختزل تاريخ جزيرة تاروت الممتد إلى 5 آلاف عام في نصف ساعة، ومن خلال 5 لوحات تنطلق من أسطورة «عشتار» التي هي رمز الجمال والخصب عند البابليين، ونفاها ملك بابل إلى هذه الجزيرة لتبني فيها معبداً حمل اسم «عشتروت»، ومنها أخذت الجزيرة اسمها. وقال مخرج أوبريت «أرض السندباد» ياسر الحسن ل «الحياة»: «إن فكرة الأوبريت موجودة في ذهني منذ فترة، واستغرق البحث التاريخي مني زهاء الشهر، إضافة إلى شهر آخر من التدريب للوصول إلى ما ظهر الآن بمشاركة ثلاثة شعراء»، لافتاً إلى أن عدد المشاركين في الأوبريت بلغ 50 شخصاً من بينهم 27 طفلاً. ويضمّ مهرجان «الدوخلة» الذي يشارك في تنظيمه 1200 متطوع من الشبان والفتيات فعاليات عدة، بينها القرية التراثية والقهوة الشعبية، إضافة إلى 4 مسرحيات، يشارك فيها ممثلون خليجيون. وكذلك فعاليات المسرح الخارجي ومعرض القرآن الكريم الذي يحوي أكثر من 700 مخطوطة أثرية وفنية عن القرآن، وكذلك معرض السلامة المنزلية ومعرض الورش الفنية وخيمة ثقافية وأخريان علمية وصحية، وأيضاً النحت على الرمال والرسم الثلاثي الأبعاد والسيرك وقرية الألعاب» وتحتل القرية التراثية مساحة 3200 متر مربع. وتضم صناعات وحرفاً محلية، مستوحاة من التراث الشعبي، وألعاباً وبرامج تراثية.