استحالت زرقة مياه شاطئ بلدة سنابس في جزيرة تاروت التابعة لمحافظة القطيف إلى اللون الأخضر عصر أمس، حين لوّح آلاف الأطفال والشبان والفتيات ب«الدوخلة» وألقوها في مياه البحر، على وقع أهازيج شعبية متوارثة منذ مئات السنين، تحمل أمنيات بأن يكمل الحجاج نسكهم، ويعودوا إلى ديارهم «سالمين غانمين». ويأتي إلقاء «الدوخلة» في البحر ضمن فعاليات «مهرجان الدوخلة الشعبي». صدح الأطفال بالأهزوجة، التي يقول مطلعها: «دَوْخلتيْ حجّي بيْ... لا مِن يجي حبيبي.. حبيبي راح مكةْ.. ومكة المعمورةْ.. فيها السلاسل والذهب والنورة». فيما كانت أياديهم تحمل «الدوخلة»، وهي عبارة عن سلة من الخوص يزرع فيها القمح أو الشعير مطلع شهر ذي الحجة من كل عام، لتلقى في البحر أو عين الماء يوم العيد على وقع الأهازيج التي تتمنى السلامة لحجاج بيت الله الحرام. وسبق إلقاء «الدوخلة» في البحر الافتتاح الرسمي للمهرجان في نسخته التاسعة والذي يقام برعاية إعلامية من صحيفة «الحياة» على مدى 10 أيام. فيما لم يخل الطابع «الرسمي» للافتتاح من دون حضور جماهيري «حاشد» فاق ال6 آلاف زائر يتقدمهم محافظ القطيف خالد الصفيان. وانطلق المهرجان على وقع أوبريت «أرض السندباد» الذي اختزل تاريخ جزيرة تاروت الممتد منذ 5 آلاف عام في نصف ساعة عبر 5 لوحات، تنطلق من أسطورة «عشتاروت»، وهي رمز الجمال والخصب عند البابليين التي نفاها ملك بابل إلى هذه الجزيرة، لتحمل لاحقاً اسمها، ومنه إلى عهد النبوة، ودخول قبيلة بني عبدالقيس الإسلام في زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، مروراً في التراث البحري ووصولاً إلى العصر الحالي. والأوبريت من إخراج ياسر الحسن وتأليفه بمشاركة أمين اليوسف، والنصوص لعبدالعزيز اليوسف، والمواويل لحسن عبدرب الأمير. وشارك في الألحان طاهر جعفر وجعفر آل عادي. وتولى تنسيق اللوحات كل من محمد السبع ومحمد رؤوف. وقال مخرج أوبريت «أرض السندباد» ياسر الحسن في تصريح إلى «الحياة»: «إن فكرة الأوبريت موجودة في ذهني منذ فترة، واستغرق البحث التاريخي مني قرابة الشهر، إضافة إلى شهر آخر من التدريب للوصول إلى ما ظهر الآن، بمشاركة ثلاثة من الشعراء»، لافتاً إلى أن عدد المشاركين في الأوبريت بلغ 50 شخصاً، من بينهم 27 طفلاً. ويضم مهرجان «الدوخلة» فعاليات القرية التراثية والقهوة الشعبية، إضافة إلى 4 مسرحيات يشارك فيها ممثلون خليجيون، ومنها مسرحية «بتشاهي» و«مرشح ومشرشح» و«دنيا دينار». وكذلك فعاليات المسرح الخارجي ومعرض القرآن الكريم الذي يحوي أكثر من 700 مخطوطة أثرية وفنية عن القرآن الكريم، وكذلك معرض السلامة المنزلية ومعرض الورش الفنية وخيمة ثقافية وأخرى علمية وصحية، وأيضاً النحت على الرمل والرسم ثلاثي الأبعاد والسيرك وقرية الألعاب». وتحتل القرية التراثية مساحة 3200 مترمربع، وتضم صناعات وحرفاً محلية مستوحاة من التراث الشعبي، وألعاباً وبرامج تراثية، إضافة إلى المقهى الشعبي والتراث البحري وأكبر تجمع للأسر المنتجة. وحول فعاليات القسم النسائي قالت رئيسة القسم عرفات الماجد: «لدينا برامج ثقافية توعوية تراثية نسائية، وخيمة فعاليات، ومقهى نسائي شعبي، ومسرح نسائي خارجي، إضافة إلى الألعاب الترفيهية وخيمة للطفل».