كشفت مصادر ديبلوماسية ل «الحياة « أن الموفد الدولي إلى الصحراء كريستوفر روس لا يحمل أي اقتراحات جديدة خلال زيارته منطقة الشمال الأفريقي التي بدأها من المغرب. وأضافت أن روس يرغب في إعادة بناء الثقة بهدف استئناف جولة جديدة من المفاوضات المباشرة العالقة منذ فترة، ولهذه الغاية يريد الإصغاء إلى أكبر عدد من الفاعليات السياسية ونشطاء المجتمع المدني والتنظيمات الحقوقية. وبدأ روس من الرباط جولته المكوكية التي ستقوده في نهاية الأسبوع الجاري إلى مخيمات تيندوف جنوب غربي الجزائر, ثم العودة إلى الرباط قبل مواصلة محادثاته في الجزائر وموريتانيا. وكان روس اجتمع مع رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران, ووزير الخارجية الجديد صلاح الدين مزوار ومع وزير الداخلية محمد حصاد. كما اجتمع إلى رئيس مجلس النواب كريم غلاب والمستشار محمد الشيخ بيد الله ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي نزار بركة. وأفادت مصادر ل «الحياة « أن روس سيقوم بزيارة خاصة إلى مدينة فاس التي سبق أن عمل فيها مسؤولاً عن المركز الثقافي الأميركي، كما تشمل زيارته الميدانية مدينتي الداخلة والسمارة للمرة الأولى. ومن المقرر أن يلتقي مع نشطاء من التيار الانفصالي ومع فاعليات تدعم التوجه الوحدوي. ولاحظت المصادر أن انفتاحه على نشطاء من غير المسؤولين الرسميين يهدف إلى البحث في إمكان توسيع المفاوضات لتضم شخصيات متحدرة من أصول صحراوية، بهدف حشد الدعم لخيار المفاوضات التي ترعاها الأممالمتحدة. واقترح روس في وقت سابق توسيع آليات المفاوضات بهدف معاودة بناء الثقة ولقيت مبادرته استحساناً. إلى ذلك، قللت المصادر من فرص إحراز تقدم كبير على مسار التسوية، في ظل التباعد القائم في المواقف بين الأطراف الرئيسية، وفيما أبدت السلطات المغربية تمسكها بخطة الحكم الذاتي التي لا تمانع في إدخال تعديلات عليها، ما زالت جبهة بوليساريو والجزائر متمسكتين بالعودة إلى صيغة الاستفتاء. ويقول المسؤولون المغاربة أنه تم تجاوز خيار الاستفتاء، وأن صيغة الحل السياسي التي صادق عليها مجلس الأمن تحتم البحث في مخرج جديد. وأقرت اللجنة الرابعة في الأممالمتحدة أول من أمس توصية تدعو دول المنطقة إلى التعاون الكامل مع مساعي الأممالمتحدة، لجهة تنفيذ حل سياسي وفاقي. وحضت الأطراف المعنية على التزام الواقعية والحوار وحسن النية في المفاوضات من دون إغفال «الجهود والتطورات المبذولة» في إشارة إلى خطة الحكم الذاتي التي وصفتها قرارات مجلس الأمن بالجدية والصدقية. ويرى أكثر من مراقب أن زيارة روس إلى المنطقة، تأتي في سياق إعداد تقرير جديد إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، حول تطورات النزاع في ضوء دعوة المجلس تسريع مفاوضات واقعية، من دون شروط مسبقة. لكن الأوضاع الإقليمية، بخاصة على صعيد الفتور الذي تجتازه العلاقة بين الرباطوالجزائر وانهيار الآمال في معاودة تفعيل الاتحاد المغاربي تلقي بظلالها على المساعي الدولية. وكان وزير الخارجية الجزائري رمضان العمامرة دشن بداية توليه منصبه نشاطه بالاجتماع إلى الموفد روس في نيويورك فيما ساد الأجواء بين الرباطوالجزائر توتر ملحوظ. وطلبت الجزائر من المغرب في وقت سابق التعاطي مع الأمر الواقع لجهة «تقبل» الموقف الجزائري من قضية الصحراء، ما يشير إلى استمرار تباعد المواقف. وقال العاهل المغربي الملك محمد السادس في آخر خطاب لدى افتتاح البرلمان الجمعة الماضي، أن قضية الصحراء تجتاز وضعاً صعباً، وأن الأمور «لم تحسم بعد» ودعا النواب والأحزاب والنقابات والمجتمع المدني إلى اليقظة أو التعبئة، في إشارة إلى استمرار المواجهات حول هذه القضية المستمرة منذ أربعة عقود، من دون رؤية الضوء في نهاية النفق. ويراهن روس على ديبلوماسية الانفراج واقتحام مناطق الظل خطوة خطوة، على رغم استمرار العراقيل أمام تكريس حل سياسي وفاقي للنزاع.