ساد الهدوء في مصر أول أيام عيد الأضحى، على رغم تظاهرات محدودة لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في عدد من المناطق النائية، ولم يغب الاستقطاب المجتمعي عن المشهد، ففي محافظة السويس فوجئ المصلون في أحد مساجد حي فيصل في محافظة السويس، بصلاتين وخطبتين في ساحته إحداها لمؤيدي مرسي خارج المسجد فيما كان معارضوه يصلون خلف إمام آخر داخل المسجد. وكان مسجد حمزة بن عبدالمطلب، أحد أبرز المساجد في السويس، شهد أمس خطبتين وصلاتين منفصلتين بعدما فض أعضاء في جماعة «الإخوان المسلمين» الصلاة خلف الخطيب المعين من وزارة الأوقاف وتثبيتهم مكبرات صوت خاصة بهم خارج ساحته، الأمر الذي أدى إلى تداخل الخطبتين، فبينما كان خطيب وزراة الأوقاف، يتحدث عن الأضحية وقصة النبي إبراهيم مع ابنه النبي إسماعيل، كان خطيب أنصار مرسي يتحدث عما سماه الحرب على الإسلام والتمكين في الأرض، داعياً أنصاره إلى الثبات على موقفهم، لأنه شرط التمكين. وفي القاهرة سادت أجواء من الهدوء الحذر، فأغلقت قوات الجيش والشرطة بالمدرعات والأسلاك الشائكة، المنافذ المؤدية الى الميادين الرئيسية المتنازع عليها بين جماعة «الإخوان المسلمين» ومعارضيهم، وفي مقدمها ميدان التحرير ورابعة العدوية والنهضة، ما سمح بتمرير صلاة العيد من دون توتر. وكان ما يعرف باسم «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب» المؤيد للرئيس السابق المنتمي للإخوان المسلمين، محمد مرسي، أعلن الاثنين أن «صلاتنا ستكون في كل ميدان، كل ساحة، بلا تمييز أو احتكار»، لكن إغلاق السلطات الأمنية الميادين الرئيسية حال من دون حصول زخم كبير لتظاهرات الإخوان التي بدت عديمة الأثر في هذا اليوم، اذ نظم أنصار الجماعة مسيرات محدودة عقب صلاة عيد الأضحى خرجت من مساجد عدة في مناطق نائية في القاهرة وعدد من المحافظات المصرية، رفع خلالها المشاركون صوراً لرمز رابعة ورددوا هتافات تطالب بعودة الرئيس المعزول إلى منصبه وأخرى مناهضة للقوات المسلحة والشرطة. وعلى غرار القاهرة، شهدت معظم المدن والمحافظات المصرية إجراءات أمنية مشددة لحماية المصلين، وأقيمت صلاة العيد في هدوء واضح إذ لم تسجل أي اشتباكات بين أنصار الإخوان والأهالي. فيما كان الرئيس المصري الموقت عدلي منصور يؤدي صلاة العيد، في مسجد قيادة القوات الجوية في القاهرة بحضور رئيس الحكومة حازم الببلاوي، ونائبه الأول وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ووزير الداخلية محمد إبراهيم. وقال وزير الأوقاف الأسبق الدكتور الأحمدي أبو النور في خطبة عيد الأضحى أن تعريف المسلم هو من سلم الناس من لسانه ويده والمؤمن هو من أمنه الناس على دمائه وأمواله وأعراضه، وتابع قائلاً «وكأن الإسلام يقول لكل مسلم تحب أن يكون الناس مسالمين لك غير معتدين عليك متسامحين معك فلا بد أن تكون أنت كذلك مسالماً ومسامحاً»، موضحاً في الوقت ذاته أنه لا يتكامل إيمان الإنسان حتى يحب للناس ما يحب لنفسه. وقال إن من شعائر عيد الأضحى التضحية والفداء، وأنه يجب أن نذكر في هذا اليوم كل من يضحي في سبيل مصر وكل من يستبسل في الدفاع عنها. وأشار إلى أن الجيش المصري وجنوده يقدمون أرواحهم وطاقتهم رخيصة في سبيل الوطن والله على مر التاريخ منذ أيام صلاح الدين الأيوبي والظاهر بيبرس، وقال لهذا ينبغي أن يقدم لهم التحية لما يقدمونه من تضحية في سبيل الوطن، وختم أبو النور خطبته بالدعاء لمصر وشعبها. وكان القيادي الإخواني عصام العريان، هنأ الشعب المصري بمناسبة حلول العيد، وقال في تدوينة له على موقع «فايسبوك»، «كل عام وبلدنا الحبيب وشعبنا المصري العظيم إلى الله أقرب». وأضاف «نسأل الله أن يعيده علينا العام القادم وأوضاعنا الإجتماعية أكثر مودة، والسياسية أكثر حرية، والاقتصادية أكثر تقدماً، والعسكرية أكثر قوة. وغداً يحكي التاريخ عن فشل انقلاب عسكري دموي فاشي على يد شعب عرف معنى الحرية»، وهنأ العريان الرئيس السابق محمد مرسي قائلاً: «كل عام ورئيس جمهوريتنا المنتخب د. محمد مرسي بخير». وبدا أن أجازة العيد منحت رئيس الحكومة المصرية الفرصة لزيارة المنتجعات السياحية، إذ زار أمس حازم الببلاوي منتجع شرم الشيخ (جنوبسيناء)، حيث تفقد مراحل تطوير مطار شرم الشيخ، كما جاب المنتجعات الشاطئية والتقى سياحاً، وتفقد أحد كمائن الشرطة والقوات المسلحة في منطقة القرش، مؤكداً أن الأماكن السياحية مهيئة لاستقبال السياح العرب والأجانب. وحض الببلاوي، المواطنين على زيارة هذه الأماكن، و «استغلال فترة الأعياد في الحرص على التمتع بجو مصر وشواطئها التي لا يوجد ما يضاهيها في العالم». واستمرت أمس ردود الفعل حول قانون تتجه الحكومة المصرية لاستصداره يقيد التظاهرات في الشارع ويحظر الاعتصام، فعدا حزب النور السلفي، انتقد التيار الشعبي الذي يقوده المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي القانون الذي أعده مجلس الوزراء سعياً لإصداره من طريق الرئيس عدلي منصور، قائلاً إنه يقيد التظاهر ويحظر الاعتصام. وكتب المتحدث باسم التيار حسام مؤنس على صفحته على موقع تويتر «قانون للتظاهر يقيد أكثر مما ينظم ويحظر الاعتصام، وقانون الإرهاب يصادر الحريات العامة «عند الضرورة»!.. هل هذا هو فهم السلطة بعد 25 يناير و30 يونيو؟». وكان نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان عبدالغفار شكر انتقد مشروع القانون، داعياً الحكومة إلى عرضه على الحوار المجتمعي قبل تمريره، كما اعتبر القيادي في حزب النور طلعت مرزوق أن قانون التظاهر لا مسمى له سوى «منع التظاهر»، مؤكداً أنه يتعارض مع المعاهدات والمواثيق الدولية الخاصة بالحقوق والحريات. وكانت قوات الشرطة اشتبكت مساء أول من أمس مع مسيرة من مشجعي النادي الأهلي المصري «ألتراس الأهلي» في شارع صلاح سالم، تجاوز عددها ما يقرب 500 شخص، وذلك بعد قيامهم بقطع الطريق وتعطيل حركة مرور السيارات بطريق صلاح سالم من جهة كوبري الجلاء، ما دعا قوات الشرطة للتدخل لفض المسيرة بإلقاء الغاز المسيل للدموع، فتفرقت المسيرة إلى اتجاهات عدة بمصر الجديدة. وكان الألتراس وجه نداء لأعضائه للتجمع بمنطقة شيراتون والكلية الحربية للقيام بمسيرة للمطالبة بالإفراج عن زملائهم الذين تم إلقاء القبض عليهم مساء الأحد والبالغ عددهم 25 لقيامهم بأعمال شغب وعنف أثناء استقبالهم فريق كرة اليد للنادي الأهلي، حيث استخدموا خلال استقبالهم الشماريخ والخرطوش والبلي مما أدى لإصابة 13 من رجال الشرطة وعاملي النظافة بالصالة.