وصل رئيس وزراء البانيا ايدي راما اليوم الاثنين، الى بلغراد في اول زيارة لرئيس حكومة البانية الى صربيا منذ 68 عاماً، تأتي في اجواء تصعيد للتوترات بين الصرب والالبان في البلقان. وقد استقبل راما نظيره الصربي الكسندر فوسيتش في حفل مع كل التشريفات العسكرية امام قصر الحكومة في بلغراد. وسيعقد المسؤولان اجتماعاً منفرداً في اطار الزيارة التي سيتم خلالها التوقيع على اتفاقات عدة. وهذه الزيارة التاريخية قد تسمح بتهدئة التوترات التي تلقي بظلالها على العلاقات الثنائية بسبب الخلاف القديم المتعلق باستقلال كوسوفو وايضاً مطالب الاقلية الالبانية في صربيا بمزيد من الحكم الذاتي او حتى بضمها الى اقليم كوسوفو المأهول بغالبية من الالبان. وكانت زيارة راما مقررة في الاصل في 22 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، لكنها تأجلت لثلاثة اسابيع على اثر احداث خطيرة ادت الى وقف مباراة لكرة القدم بين صربيا والبانيا في إطار التصفيات المؤهلة إلى بطولة أمم أوروبا "يورو 2016". وتلك الاحداث -التي اعتبرتها صربيا "استفزازاً سياسياً"- والناجمة عن تحليق طائرة بدون طيار ترفع علم "البانيا الكبرى" فوق ارض الملعب في بلغراد، تسببت بأزمة سياسية غير مسبوقة مصحوبة بتبادل كلامي حاد بين بلغراد وتيرانا مما يبرز هشاشة العلاقات بين الجانبين. و"البانيا الكبرى" هي مشروع قومي يرمي الى توحيد كل الالبان في دولة واحدة تضم ايضاً كوسوفو الاقليم الصربي السابق المأهول بغالبية البانية والذي اعلن استقلاله في 2008 وترفض بلغراد، خلافاً لتيرانا، الاعتراف به. وامام تصميم الاتحاد الاوروبي الحازم على دفع الصرب والالبان الى تطبيع علاقاتهما، سعت صربيا والبانيا اللتان تطمحان الى الانضمام للاتحاد الاوروبي الى التهدئة. وغداة الاحداث اتفق راما ونظيره الصربي الكسندر فوتشيتش الحريصان على الحفاظ على الاستقرار الاقليمي، على إبقاء زيارة رئيس الوزراء الالباني الى صربيا على رغم "الخلافات الجلية" حول الاسباب الكامنة وراء الاحداث. وتؤكد تيرانا ان راما سيتوجه الثلثاء الى وادي بريشيفو بجنوب صربيا حيث يعيش حوالى 60 الف الباني، لكن بلغراد لم تؤكد ذلك حتى الآن. وهذه المنطقة الغارقة في الفقر والبطالة، والمهملة عمداً من قبل سلطات بلغراد التي تتهم بانتظام الالبان بتطلعات انفصالية، غالباً ما كانت مسرحاً لتوترات شديدة وحتى نزاع مسلح قصير لكنه عنيف في 2001. كما يرغب سكانها الالبان بالانضمام الى دولة كوسوفو المجاورة. لكن على رغم رفض بلغراد الاعتراف باستقلال كوسوفو، فقد تحقق تقدم كبير بخاصة ابرام اتفاق يعتبر "تاريخياً" برعاية بروكسيل حول تطبيع العلاقات بين بلغراد وبريشتينا. وتستقبل بلغراد راما على امل ان تعطي زيارته الفرصة لإجراء "محادثات صريحة" تسمح ب"طي الصفحة (...) في اطار هدف مشترك للمحافظة على الاستقرار في البلقان".