من على صعيد عرفات، علت أصوات تكبير وتلبية 3500 حاج سوري، في صورة الجسد الواحد، حاملين «الهم» الواحد، يطلبون من الله النصر والتمكين، والسلامة للشعب السوري كافة، الذي يظل صامداً على مدار عامين ونصف العام من بدء الحرب مع نظام الأسد. فما إن دعا الإمام في خطبته بيوم عرفة على النظام «الطاغية» انهالت أصواتهم رجالاً ونساءً ب «التأمين» والدعاء عليه بعدد سماعهم لأصوات القصف ودوي الانفجارات في سورية، وبحجم الألم الذي طالهم من فقد أبنائهم وعدد شهدائهم في الحرب. مخيمٌ ضم جميع الطوائف الإسلامية في سورية، دونما تفرقة أو تحيز، وفي أحد جنبات المخيم أخذ علماءٌ موالون لنظام الأسد مكاناً «قصياً»، إذ يؤكد رئيس لجنة الحج العليا في الائتلاف الوطني السوري الدكتور محمد شكري أن بعثة الحج لهذا العام ضمت طوائف سنية وشيعية، إضافة إلى «علماء السلطان» كما يصفهم، مستثنين منها من تلطخت أيديهم بالدم السوري. ويروي الدكتور محمد شكري خلال حديثه إلى «الحياة» أن تشكيل اللجنة العليا للحج في الائتلاف الوطني السوري جاء بعد اعتراف الحكومة السعودية بالائتلاف الوطني السوري ممثلاً وحيداً للشعب السوري، إذ تم استقبال 3500 حاج سوري من الدول المجاورة لسورية لبنان، الأردن، تركيا، والمناطق المحررة في الداخل مثل إدلب، الحسكة، الرقة، حلب، دير الزور. ويضيف: «حاول النظام السوري أن يشوّه سمعة بعثة الحج مثل نشر إشاعات ببيع التأشيرات الممنوحة من السلطات السعودية، وتسليط من يعبث بسيارات البعثة بكتابة عبارات مستفزة عليها مثل بشار الأسد إلى الأبد». من جهة أخرى، يروي أحد قادة الكتائب العسكرية التابعة للجيش السوري الحر عبدالله الحاج قصة تنقلاتهم من الداخل السوري وصولاً إلى الأراضي المقدسة في مكةالمكرمة، التي وصفها بالوعورة والخطورة، إذ تم اغتيال الكثير من القيادات العسكرية للجيش الحر في الميادين كانت تنوي حج هذا العام، مؤكداً أن الحالة المعيشية للسكان في المناطق المحررة من النظام تعيش مأساة حقيقية. وأضاف: «واجهنا صعوبات عدة في التنقل من الداخل السوري وصولاً إلى الحدود التركية ومنها ذهاباً في رحلة الحج، إذ سلكنا طرقاً عدة لتفادي استهدافات النظام لبعثة الحج، والتنقل بسرية تامة». ويشير الحاج إلى أن الوضع المتردي الاقتصادي في المناطق المحررة انعكس سلباً على الصحة، المعيشية، والتعليم، معتبراً أنها تمر بمرحلة البناء والتنمية و«الشفاء» من سلطة الأسد.