عندما اندلعت الثورة الليبية ضد نظام معمر القذافي، وتبنى مجلس الأمن قراراً بالتدخل العسكري لحماية الشعب الليبي، خرجت المذيعة الليبية الشهيرة «هالة مصراتي» على شاشة تلفزيون بلادها، مؤكدة أمام ملايين المشاهدين أن تصرف مجلس الأمن «غير جائز»، لأن التبني حرام في الإسلام، هذه ليست نكتة بل حقيقة، ويمكن مشاهدة فيديو على «يوتيوب» لحديثها بعنوان «هاله مصراتي - التبني حرام بالأدلة الشرعية»، وذلك للتأكد أو لاقتطاع حصة من اليوم للضحك. تذكرت حكاية المذيعة الليبية مع التبني بعد تصريح المتحدث باسم مجلس الشورى السعودي عن عدم موافقة المجلس على تبني التوصية التي تقدمت بها ثلاث عضوات، لتمكين المرأة السعودية من حقها في قيادة السيارة، والحق أقول: إنني توقعت للحظات أن المجلس الموقر رفض «تبني التوصية»، بحجة أنها حرام أيضاً، لكن ولحسن الحظ، تبين أنه يملك حجة مختلفة، تتمثل في أن «التوصية» لا علاقة لها بالموضوع الذي كان يناقشه تقرير وزارة النقل. وبالتالي، فإن قبولها يعتبر تضييعاً للوقت! اللافت حقاً إلى أن التصريح جاء سريعاً جداً على غير المعتاد، وبثته «واس» قبل مرور 24 ساعة على نشر بعض الصحف أخباراً عن التوصية، وهو ما يكشف ربما عن عاصفة هلع ضربت قاعة المجلس بسبب تسرب الموضوع، عاصفة هلع جعلت رد الفعل مشابهة لانتفاضة أية امرأة عجوز في صحارينا، لسماعها ما لا يليق صارخة: «واعيباه.. واخزياه». أشرت أكثر من مرة وفي أكثر من مكان إلى أن الرهان على تحرك الشورى باتجاه حلحلة القضايا العالقة التي تمس حياة الناس وحاجاتهم الملحة هو بالضبط ما يمكن وصفه ب«تضييع الوقت»، وما زال السعوديون يتذكرون جيداً موقف هذا المجلس من تغيير إجازة نهاية الأسبوع، ومن صرف إعانة للعاطلين عن العمل، ومن صرف بدل سكن للمواطنين، حتى وصل الأمر إلى أن يعتقد كثير من الناس أن مهمة المجلس لا تتجاوز الوقوف ضد أي تغيير يحسّن حياتهم. من الواضح أن مسألة منع النساء من حق قيادة السيارات في السعودية باتت مملة جداً ومثيرة للسخرية ومسيئة للمملكة داخلياً وخارجياً، والجميع في الداخل والخارج يتساءلون هل يُعقل أن قضية تافهة كهذه تستغرق أكثر من عقدين من الزمان من دون حلّ، لمجرد أن كل جهة تتبرأ من علاقتها بها أو تقذف بها في الأدراج بحجة تضييع الوقت؟ أليس عقدان من الزمن وقتاً ضائعاً من عمر مجتمع كامل؟ ما الذي سيختلف لو شارك المجلس الموقر في لعبة ضياع الوقت، وتبرع بساعتين من وقته، لمناقشة التوصية أو إحالتها إلى اللجنة المختصة، لدرسها ومن ثم التصويت عليها؟ يجب أن يعي مجلس الشورى أن تاريخنا الوطني لن يرحم أحداً، وأنه سجل بالأمس 3 أسماء من ذهب في سجلاته، هي: أسماء اللاتي تقدمن بالتوصية وهن «لطيفة الشعلان، وهيا المنيع، ومنى آل مشيط»، وما زال المجال مفتوحاً لبقية الأعضاء، للحاق بركبهن إن تصالحوا مع عصرهم ومجتمعهم، وما ذلك على الله بعزيز. [email protected] @Hani_Dh