في ظل الثورة المعلوماتية وعصر الإنترنت لم تعد المعرفة حكراً على شخص بعينه، يلزم من ذلك السفر إليه أو جهة بعينها، يسبق الالتحاق بها شروط معقدة أو تسديد رسوم مالية باهظة، بل أصبح من اليسير الوصول إلى المعلومة ومقدمها بأسهل الطرق من دون عناء أو جهد يبذل وفي أي زمن. قامت أكاديمية «رواق» الجديدة بأسلوب أكاديمي مختلف وغير مسبوق يتجاوز كل الحدود «الزمان والمكان والسنّ ونوع الجنس والجنسية» وغيرها من الشروط والتعقيدات الأكاديمية التي تقدم المعرفة بلا نكهة في معظم الأحيان في سبيل نشر الوعي الفكري وخلق جيل يستوعب العلم الحديث ونظرياته والواقع وظروفه في شكل يناسب ظروف العصر، وذلك من خلال تقديم أهم المواد العلمية التي يحتاجها «الجيل الجديد والقديم على حد سواء» في ظل الانفتاح الكوني، والحرص على اختيار وترشيح نخبة مميزة قادرة على تقديم مواد دسمة في تخصصاتهم. الذي يبعث الأمل والسرور كثيراً في النفس أن هناك أشخاصاً يقدمون الجمال للناس، ويعملون بصمت وإخلاص، بعيداً عن الظهور الإعلامي أو انتظار مكافأة معينة، فهمهم الأول أن ينتشر الوعي والنور والنضج المعرفي والأخلاقي، وأن ينعكس هذا الجهد العظيم والجبار داخل المجتمع، وتبقى الحروف أضعف من أن تعبر عن هذا الكفاح الجميل والعمل التطوعي. من أكبر أهداف فريق عَمَلِ رواق كما ذكرت ذلك في موقعها المميز أنه: «يسعى إلى توسيع دائرة المُستفيدين من مخزونهم العلمي والمعرفي المتخصص، لإيصاله لمن هم خارج أسوار الجامعات عبر مواد دراسية أكاديمية مجانية باللغة العربية في شتى المجالات والتخصصات، يقدمها أكاديميون مميزون من حول العالم العربي»، وعلى سبيل الذكر لا الحصر هُناك «كورس» بعنوان: «كيف تفكر الآلات، مقدمة في تقنية الحوسبة يقدمه الدكتور أشرف فقيه، أستاذ علوم الحاسب الآلي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وكورس الأسس المكونة للموهبة والإبداع والتميز يقدمه الأستاذ الدكتور عبد الله الجغيمان، أستاذ تربية الموهوبين وتنمية التفكير في جامعة الملك فيصل، وكذلك كورس مبادئ تأسيسية في طبيعة النص القرآني يقدمه الدكتور مصطفى الحسن، أستاذ التفسير بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وأيضاً كورس البحث عن دين الفطرة يقدمه الدكتور محمد بن المختار الشنقيطي، الأستاذ المُشارك لتاريخ الأديان بكلية قطر قسم الدراسات الإسلامية»، والأكاديمية قامت مشكورة بوضع مقدمة تعريفية ومختصرة لكل مادة علمية وتاريخ بدايتها، والمدة المتبقية للانطلاق في الموقع التي يقدمها أساتذتها المتخصصون. خلاصة القول، أن ظروف الزمن ومتغيرات الواقع أصبحت تحتم على الجهاز التعليمي استثمار الثورة المعلوماتية والاستفادة منها وتوظيفها في ما ينعكس على المؤسسة التعليمية وواقع الطلاب والطالبات، وبالمناسبة نقلت «الشرق الوسط» في العدد 12175 في 29 مارس 2012 تقريراً عن إحدى وكالات الإعلام مسابقة أقامتها وزارة التعليم الأميركية الشهر الجاري بالتعاون مع مؤسستي «كريتيف كومونز» و«أوبين سوسايتي إنستيتيوت». وقيمة الجائزة المقدمة خلال هذه المسابقة 25 ألف دولار لأفضل مقطع مصور قصير، يوضح النفع الذي سيعود على الطلبة والمعلمين والمدارس من إتاحة المواد التعليمية على الإنترنت. وستتولى لجنة تقويم الأعمال المقدمة. وفي خطاب إعلان المسابقة، قال وزير التعليم الأميركي آرن دنكان عن إتاحة المواد التعليمية، إن ذلك «لن ييسر ويثري التعلم فقط، بل سيقلل أيضاً من تكاليف المدارس والأسر والطلبة في شكل كبير». * كاتب سعودي. [email protected] alzghaibi@