تواصلت الجلسات الترتيبية للحوار الوطني التونسي لليوم الخامس على التوالي منذ افتتاحه رسمياً بحضور الرؤساء الثلاثة والمنظمات الراعية للحوار والأحزاب السياسية في الحكم والمعارضة السبت الماضي. ويهدف الحوار إلى إيجاد صيغة للخروج بالبلاد من الأزمة السياسية التي تعيشها منذ أكثر من شهرين عندما اغتال متشددون نائباً معارضاً للإسلاميين. واتفق المتحاورون، في جلسة أمس الجمعة، على التوصل إلى حل للهيئة العليا المستقلة للانتخابات قبل الانطلاق في التطبيق الفعلي لخريطة الطريق التي اقترحها الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) والمنظمات الاجتماعية. وكانت المحكمة الإدارية (محكمة فض النزاعات التشريعية والإدارية) قد أصدرت حكماً في وقت سابق يقضي ببطلان عملية انتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي تم انتخاب ثمانية أعضاء فيها من أصل تسعة، ما يستوجب إعادة النظر فيها. واقترح القيادي في «جبهة الإنقاذ» المعارضة رافع بن عاشور إعادة عملية الانتخاب وإعادة الأشخاص الذين لم تُقبل ترشحاتهم إلى القائمة التي تتكون من 400 مرشح تختار لجنة الفرز 36 منهم قبل أن تنتخب الجلسة العامة للمجلس التأسيسي تسعة أعضاء يكونون الهيئة الانتخابية التي ستشرف على الانتخابات المقبلة. وأوضح رافع بن عاشور أن هذه العملية يمكن أن تستغرق خمسة أيام. ووفق تصريح الأمين العام للتحالف الديموقراطي محمد الحامدي إلى «الحياة»، فإن «الأطراف المتحاورة في الحكم والمعارضة وافقت مبدئياً على قبول المقترح المتعلق بإعادة انتخاب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات»، مشدداً على ضرورة الإسراع في إنهاء الجلسات الترتيبية والانطلاق في تطبيق خريطة الطريق المقترحة مباشرة إثر عطلة عيد الأضحى والتوافق على رئيس لحكومة الكفاءات المقبلة»، وفق ما قال. وحذّر مشاركون في الحوار من إطالة الجلسات التمهيدية للحوار الوطني حتى لا يفقد معناه ولا يعطي المجال للائتلاف الحاكم ل «المناورة»، بحسب عدد من نواب المعارضة. وعلى رغم الإعلان عن انطلاق الحوار قبل أسبوع وتوقيع جل الأحزاب السياسية على خريطة الطريق التي قدمها الرباعي الراعي للحوار الوطني (الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمات رجال الأعمال والمحامين وحقوق الإنسان)، إلا أن هناك عقبات أخرى لا تزال تعوق تقدم التوافق بين الفرقاء السياسيين، وأهمها تعهد الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية بالاستقالة قبل الانطلاق في تطبيق خريطة طريق الحوار الوطني. وتتضمن خريطة الطريق المقترحة من قبل المنظمات الراعية للحوار «القبول بتشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة تحلُّ محلّ الحكومة الحالية التي تتعهد بتقديم استقالتها، وتكون للحكومة الجديدة الصلاحيات الكاملة لتسيير البلاد». وفي السياق نفسه، عبّر الأمين العام لحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» (حزب رئيس الجمهورية) عماد الدايمي، في تصريح إلى «الحياة»، عن استغرابه من تحوّل الحوار إلى «نقاش» بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة «النهضة»، مجدداً تمسك حزبه بالإبقاء على صلاحيات المجلس التأسيسي (البرلمان) كاملة حتى في صورة تشكيل حكومة كفاءات جديدة. وإلى حد الآن لم تُصدر الحكومة أي تعهد بالاستقالة وفق ما تنص عليه خريطة الطريق، في الوقت الذي يتمسك فيه نواب المعارضة بعدم الانطلاق الفعلي في الحوار إلا من خلال ضمانات تتمثل في تعهد من رئيس الحكومة علي العريض بالاستقالة في حال الاتفاق على حكومة جديدة تُنهي ما تبقى من الفترة الانتقالية التي انطلقت منذ سقوط حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي عام 2011.