في 26 الشهر الجاري موعد جديد لمحاولة نسائية سعودية لإطلاق حرية قيادة المرأة السيارة، إذ أطلقت ناشطات سعوديات مبادرة جديدة باسم «مبادرة 26 أكتوبر» (تشرين الأول)، وكانت الناشطات خصصن موقعاً إلكترونياً للمبادرة تعرّض للحجب بعدما وصل عدد المشاركين فيه إلى 12 ألف مؤيد ومؤيدة. وتوقعت الأوساط السعودية أن تحقق «مبادرة 26 أكتوبر» نجاحاً جزئياً لتحريك المجتمع السعودي في شأن إبراز أحد أهم الحقوق التي تسعى إليها المرأة السعودية التي لا تزال ممنوعة من قيادة السيارة في أرجاء المملكة. وتعد المرأة السعودية الأنثى الوحيدة في العالم التي لم تمنح هذا الحق. وكان العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز قال في 2007 إن قيادة المرأة للسيارة تعد قراراً اجتماعياً ودور الدولة هو توفير المناخ الملائم له. وكانت 47 سيدة سعودية يعملن في مناصب مرموقة في القطاعات الحكومية انطلقن في مسيرة «السادس من نوفمبر النسائية» بمركباتهن في العاصمة الرياض عام 1990 التي كانت التحرك النسائي الأول والأبرز لرفع الحظر عن قيادة المرأة السيارة في البلاد. وأكدت الدكتورة فوزية البكر، إحدى المشاركات في مسيرة «السادس من نوفمبر النسائية»، أنها لن تشارك في «مبادرة 26 أكتوبر»، معتبرة أنها قامت بدورها في هذا الملف عام 1990، «ويأتي الدور اليوم على أكتاف الجيل الجديد». ورأت أن «مبادرة 26 أكتوبر» تعبّر عن حاجة مرحلة، فيما كانت حركة عام 1990 تعبيراً عن حلم، منوهة بأن الوقت الراهن يشير إلى تغيّر المرأة السعودية الجديدة ومن يقف خلفها من ذويها في شكل كبير، وبالتالي بدأ المجتمع ينظر إلى القيادة على أنها حق طبيعي واختياري، فمن ترغب في ممارسة حقها تمارسه، ومن لا ترغب فيه... من حقها ذلك كبقية نساء العالم». ووصفت البكر المبادرة بالطبيعية جداً، واعتبرتها أقل ما يمكن أن يعبر عن المرأة السعودية الجديدة التي يجب أن يستعد المجتمع للتغيرات التي ستطاول طموحاتها ورؤيتها للحياة وموقفها من المجتمع والزوج والوظيفة. وشددت على أن قيادة المرأة سيارتها تعد إحدى الآليات التي تسهّل وتيسر مبادرة التنمية في البلاد التي يقودها الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وتوقعت أن تجد المبادرة قبولاً أكثر من الحركة التي قادتها مع 46 سيدة عام 1990، لأسباب عدة أهمها التهيئة الذهنية للمجتمع بالتزامن مع القبول الرسمي والاجتماعي للمسألة. وأوضحت أن وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت للمبادرة ما لم يتح لحركتهن السابقة لجهة التواصل مع الناس وحشد المؤيدين، إلى جانب حملات التوعية «الإيجابية» لمصلحة المبادرة. وشددت البكر على ضرورة أن تصدر القوانين لحماية النساء من التحرش والإيذاء. أما نورة الغانم، التي كانت ضمن قائمة ال47 مشاركة في مسيرة 1990 للمطالبة بحق المرأة في القيادة، فذكرت أن الفارق الزمني بين مسيرتهن والمبادرة الجديدة قد يساهم في دعم الأخيرة لمصلحة النساء في السعودية وتتحقق مطالبهن التي بدأت قبل 23 سنة. وأضافت أن شبكات التواصل الاجتماعي لعبت دوراً في توعية المجتمع المحلي بأهمية القيادة للنساء التي أصبحت أمراً بديهياً، وأبدت قلقها من بعض المعارضين من المتطرفين وأصحاب الفتاوى المثيرة للجدل. ولفتت الغانم إلى أن المبادرة لن تجد رفضاً حكومياً بعدما صرحت السلطات السعودية بأن قيادة السعوديات للسيارة رغبة اجتماعية ويحددها المجتمع، خصوصاً بعد خروج عدد من السعوديات خلال السنوات الماضية ولم يجدن ردود فعل عنيفة، ما يعني أن القبول موجود. وقالت إنها لن تشارك في «مبادرة 26 أكتوبر» كونها أدت دورها سابقاً، وما تبقى هو على الشابات المتحمّسات، منوهة بأنها متحمسة وتتابع بشغف كل ما يجري حول المبادرة المرتقبة. وزادت أنها تعتقد أن المبادرة لن تكون مسيرة ولا ثورة، بل ستقوم النساء في السعودية ب «مشاويرهن» الخاصة بأنفسهن، من دون الاعتماد على الرجل، متسائلة هل ستوفر لهن حماية أمنية أم لا؟ وبدأت موجات مناهضة للمبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً «تويتر»، في محاولة لإجهاضها، ولعل أبرزها ما ذكره الشيخ صالح اللحيدان، أحد رجال الدين السعوديين، إذ قال إن هناك أثراً سلبياً لقيادة السيارة في بعض الخصائص الفزيولوجية للمرأة. واستبقت سعودية «مبادرة 26 أكتوبر» بقيادة سيارتها في شارع التخصصي وسط العاصمة الرياض، وفق مقطع فيديو بث على موقع «يوتيوب»، ويرجّح أنها قامت بذلك ظهر الجمعة الماضي. وأظهر المقطع وقوف المرأة بسيارتها أمام إشارة مرورية، ولم يحدث ذلك أي ردود فعل غاضبة من المارين بمركباتهم في الشارع، مع التزامها قوانين السير في البلاد. ولم تكن تلك الحادثة الوحيدة، إذ تبعتها سيدة قادت سيارتها في مدينة جدة. وقالت السيدة في مقطع فيديو تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي إنها تقود سيارتها برفقة محرّم، ولم تتعرض للمضايقات والمعاكسات ولم يستوقفها أحد»، في إشارة إلى شرطة المرور. وطالبت السيدة سائر السعوديات اللواتي يملكن رخصة قيادة ب «التوكل على الله والبدء بقيادة سياراتهن».