كان قدراً أن تبقى شعرة معاوية مضرباً للمثل إلى وقتنا الحاضر، حتى على حساب المواضيع الصحافية والمجتمعية التي اختلط حابلها بنابلها، في ظل رغبة بالحصول على الانفراد ببث المعلومة عبر قنوات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، غير آبهين بصدقية الخبر ومدى تأثير وقعه على المتلقي. فالسعي إلى «السبق الصحافي» قبل التأكد من المعايير المهنية ذات الاعتبار الأول كما يصفها مدير تحرير صحيفة «الوطن» في الطائف ساعد الثبيتي، «يفقد ناقل الخبر الصحافي صدقيته ويحرج مؤسسته الإعلامية». ويقول الثبيتي: «هناك مشكلة لدى بعض المواقع التي تنظر إلى الإعلام على أنه سبق صحافي والحصول على المعلومة سريعاً من دون التثبت منها، بينما لو أنها تثبتت من صحة المعلومة لخرجت بخبطة صحافية أجمل من الإثارة التي تُحدث ضجة وتنعكس على الصحافي والمؤسسة والموقع الذي ينتمي له». وأضاف: «لصنع المادة الصحافية المختلفة، يجب الدمج بين المهنية والسبق الصحافي. وفي حال الرغبة في تقديم إحداهما على الآخر، فيجب أن تقدم المهنية على حساب السبق. فالخبر غير الموثوق يسيئ إليك حتى وإن كان صحيحاً، فإن لم يكن لدى الصحافي ما يثبت صحة الخبر واستخدمه دافعاً عنه، فهو يحيل الخبر إلى فئة الأخبار غير الصالحة للنشر». وذهب الثبيتي في حديثه مع «الحياة» إلى أن طريقة التثبت من المعلومة «أصبحت في الوقت الحاضر أسهل من ذي قبل، لوجود المتحدثين الإعلاميين في مختلف الجهات الحكومية، وسهولة التوصل إلى أي شخص عبر مواقع التواصل الاجتماعي». ولفت إلى أن «بطء تفاعل المتحدث الرسمي مع الإعلام ينعكس على الصحافي. فبعض المتحدثين الرسميين لا يدركون أهمية عامل الوقت في عصر «تويتر»، وعلى رغم ذلك لا يعفى الصحافي من تقديم تقرير على حساب الصدقية والمهنية». بدوره، يرى مدير الإعلام الخارجي في منطقة مكةالمكرمة والأكاديمي المختص بالإعلام الجديد سعود كاتب، «أن اختلاق الإشاعات والأخبار المغلوطة التي يتضح أنها لم تتجاوز الإشاعة وأحياناً يتضح أنها قصص حقيقة، يعود تفسيرها إلى أن استجابة الجهات المعنية بالتعليق عليها كانت بطيئة في رد الفعل، ليتقاسم الطرفان وزر الخطأ». وأضاف: «عدم خروج المتحدثين الرسميين بمعلومة تقتل كل مجال للتأويل والتهويل يؤكد وجود بطء لديهم، إضافة إلى وجوب التثبت من المعلومة من المصدر الرسمي المؤكد لها». ويصف الأخصائي الاجتماعي الدكتور أبوبكر باقادر، الإشاعات الصحافية بأنها «تلاعب بالعقل، حتى وإن كانت معلومة صحيحة من دون تأكيد مصدر رسمي، التي عادة ما تتأثر بجدية الحدث والملء بالإثارة»، داعياً الجهات الرسمية إلى أن «تكون هي المبادرة لتقديم المعلومة، لكيلا تسمح لمصادر الإشاعات بالتحدث، إضافة إلى كسب الصدقية في المعلومات التي تصدرها حتى لا يلتفت الناس إلى الأخبار المغلوطة ظناً منهم بأنها هي الحقيقية».