بدأ مفتشو الأممالمتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية أمس تدمير الترسانة الكيماوية السورية في إطار التأكد من منع نظام الرئيس بشار الأسد من استخدام هذه الأسلحة قبل نهاية الشهر الجاري. وقال مصدر في الفريق الدولي رفض كشف اسمه إن أعضاء من البعثة المشتركة «توجهوا إلى موقع حيث بدأوا عملية التحقق وتدمير» الأسلحة. وأضاف: «اليوم (أمس) هو اليوم الأول للتدمير حيث سنقوم بتسيير آليات ثقيلة على الأسلحة، وتالياً تدمير الرؤوس الحربية للصواريخ والقنابل الكيماوية التي يمكن إلقاؤها من الجو، ووحدات المزج والتعبئة الثابتة والمتحركة». وكان مسؤول في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي تتخذ من لاهاي مقراً، قال في وقت سابق هذا الأسبوع إن الأولوية ستتمثل في التأكد من أن مواقع إنتاج الأسلحة لن تكون صالحة للاستخدام قبل نهاية الشهر الجاري أو بداية الشهر المقبل. وأوضح أنه لهذه الغاية ستستخدم طرق «سريعة» تبعاً لكل وضع. ومن الخيارات الممكنة «تدمير شيء بمطرقة» و «سحق شيء بدبابة» و «استخدام متفجرات» أو «صب إسمنت». وكان الفريق وصل إلى دمشق الثلثاء الماضي لبدء التحقق من تفاصيل اللائحة التي قدمتها دمشق في 19 أيلول (سبتمبر) الماضي. وتشمل مواقع الإنتاج والتخزين. وقال المصدر في الفريق أمس إن «المرحلة الأولى التي تشمل كشف المواقع من قبل السوريين شارفت على نهايتها، ونحن الآن نتقدم في اتجاه المرحلة الثانية، التحقق والتدمير والتفكيك». ويرجح الخبراء امتلاك سورية حوالى ألف طن من الأسلحة الكيماوية، بينها غاز السارين والأعصاب والخردل، موزعة على حوالى 45 موقعاً. ويقوم الفريق بمهمته في إطار قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2118، الذي صدر على أثر اتفاق روسي - أميركي لتدمير الترسانة الكيماوية السورية. ووفق القرار، من المقرر أن يتم الانتهاء من تدمير الترسانة السورية بحلول منتصف عام 2014. وأتى الاتفاق بعد هجوم بالأسلحة الكيماوية في ريف دمشق في 21 آب (أغسطس) الماضي، اتهمت الولاياتالمتحدة والمعارضة السورية نظام الرئيس بشار الأسد بالوقوف خلفه، وهو ما نفته دمشق أكثر من مرة. ولوحت واشنطن بشن ضربة عسكرية ضد نظام الأسد رداً على الهجوم، إلا أن الحديث عن الضربة تراجع بعد الاتفاق الروسي - الأميركي. ووافقت دمشق على هذا الاتفاق الذي أكد الرئيس الأسد في تصريحات صحافية خلال الأيام الماضية التزام بلاده تنفيذه. ونشرت مجلة «ديرشبيغل» الألمانية على موقعها الإلكتروني مقابلة مع الأسد، أكد فيها أن حكومته «شفافة جداً» في التعامل مع الفريق الدولي. وقال: «في إمكان المفتشين الذهاب إلى كل موقع. سيحصلون على كل المعطيات منا، سيتأكدون منها، ومن ثم في إمكانهم تقويم صدقيتنا». وفي مقابلة مع صحيفة «تشرين» الحكومية أمس، قال الأسد: «من ينظر إلى أن تسليم سورية السلاح الكيماوي والتوقيع على الاتفاقية الدولية بالنسبة لهذا السلاح يحميان سورية من حرب، فهي نظرة ضيقة الأفق وساذجة لأن الولاياتالمتحدة بتاريخها العدواني والتخريبي على مدى عقود من الزمن وفي شكل خاص بعد الحرب العالمية الثانية ليست في حاجة لمبررات. هي تستطيع إيجاد مبررات كل يوم». وزاد أن موافقته على المبادرة الروسية لتفكيك الترسانة الكيماوية «لا علاقة لها بالتهديدات الأميركية. هذه التهديدات لم تكن مرتبطة عملياً بتسليم السلاح الكيماوي. بل كان التهديد هو ضربة عنوانها منع سورية من استخدام السلاح مرة أخرى. وحقيقة الأمر أن المبادرة كانت مفاجأة للجانب الأميركي. الدليل أن (وزير الخارجية الأميركي) جون كيري طرح لاحقاً على خلفية عرض المبادرة تسليم السلاح السوري خلال أسبوع وكان يتوقع بأن سورية لن تستجيب (لكن) فوجئ بالاستجابة التي تمت خلال ساعات». وتابع الأسد أنه عندما كان وزير الخارجية السوري وليد المعلم في موسكو «لا يمكن دولة أن تفكر بموضوع كبير من هذا النوع خلال ساعة مثلاً. الموضوع كان محضراً مسبقاً. ولم يكن مطروحاً من قبل الولاياتالمتحدة. فلم تكن الموافقة تنازلاً لمطلب أميركي، ولم يكن هذا المطلب موجوداً أساساً. إنما كانت مبادرة استباقية في جانب منها لتجنيب سورية الحرب والمنطقة معها، لكن الجانب الأهم هو أن تكون الخريطة السياسية الموجودة في العالم هي في خدمة المصالح السورية والاستقرار في المنطقة».