بيروت - «الحياة»، أ ف ب - كشف مسؤول في مؤسسة «روس أتوم» المسؤولة عن مجمع الصناعات النووية والمواد المشعة في روسيا في حديث إلى «الحياة» تفاصيل عن شحنة المواد المشعة القوية التأثير التي تم نقلها نهاية الشهر الماضي من لبنان إلى روسيا بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبطلب من الجانب اللبناني. وأشار المسؤول إلى أن الشحنة التي اشتملت على جهاز إشعاع حوى 36 قطعة من مادة «كوبالت» المشعة القوية جرى تصنيعها في روسيا عام 1995 وهي صالحة للعمل مدة 15 سنة. وتم إرسالها الى لبنان بناء على اتفاق وقعته مؤسسة «ايزاتور» التابعة للوكالة الروسية للطاقة مع الجانب اللبناني، بهدف العمل في مشروع زراعي في بيروت. وبعد نفاد فترة صلاحيتها الأولى، أوفدت موسكو خبراء بطلب من لبنان لتقويم وضع المواد المشعة وقرروا تمديد فترة صلاحيتها لخمس سنوات أخرى. لكن العمل أوقف في المنشأة اللبنانية منذ سنوات، لذلك طلبت بيروت من الشركة الروسية نقل الجهاز والمواد المشعة من لبنان. وبناء على اتفاق بين «ايزاتور» ومركز «بطرسبورغ للطوارئ وأعمال الإنقاذ والصيانة» تم التوصل إليه في آذار (مارس) من العام الحالي بدأ التحضير لنقل الشحنة بالتعاون مع الوكالة الدولية. وكلفت عملية النقل بحسب المصدر الروسي مبلغ 200 الف يورو دفعتها الشركة الروسية. والشحنة التي استعادتها موسكو لن يكون مصيرها الدفن، وقال المسؤول في «روس أتوم» إنها يمكن أن تخدم لسنوات أخرى في مجال الأبحاث والدراسات لذلك فهي سلمت إلى «معهد الدراسات الفيزيائية الفنية». ولفت المتحدث إلى أن روسيا تقوم سنوياً بإعادة كميات كبيرة من المواد المشعة الخطرة إليها، من المناطق السوفياتية السابقة بناء على إتفاق روسي - أميركي لتقليص مخاطر إنتشار المواد المشعة تم توقيعه عام 2004. وخلال العام الماضي وضمن البرنامج ذاته استعادت روسيا 470 كيلوغراماً من مواد شديدة الخطورة من 12 بلداً لم يحدد المصدر ما إذا كان بينها بلدان عربية. لكنه أشار إلى معطيات روسية بأن الجانب الأميركي نقل بعد الحرب في العراق «بعض المواد الشديدة الخطورة» من هذا البلد. وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أعلنت أمس على موقعها على الانترنت أن كمية من مادة كوبالت -60 المشعة الخطرة نقلت من لبنان الى روسيا، لتجنب إساءة استخدامها لا سيما في ظل انعدام الاستقرار السياسي في البلاد. وقال روبين هيرد الخبير في مصادر الطاقة النووية في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا ل «الحياة» أن تنفيذ مشروع نقل المواد القوية الإشعاع من قبل الوكالة تم بناء على طلب قدمته الحكومة اللبنانية للوكالة قبل سنوات. وأفاد الخبير بأن تنفيذ مشروع ضخم من هذا النوع يحتاج إلى فترة عامين على الأقل بسبب البيروقراطية المرتبطة بالحصول على تراخيص من الجهات المعنية ونظراً الى أهمية التخطيط الدقيق ووضع آلية لكيفية نقل هذه المواد بطريقة آمنة، إضافة إلى أهمية توفير الظروف المناسبة لإتمام المشروع. ورداًَ على سؤال، حول اختيار التوقيت لتنفيذ مشروع النقل، أكد إنه لا أبعاد سياسية تتعلق بالأمر، مفيداً بأن هذه المواد كانت قيد الاستعمال في مشروع زراعي في لبنان وبأنها على رغم خطورتها فهي مصادر نووية محفوظة في شكل آمن داخل الآلات التي كانت تعمل بها. وأشار روبين إلى أن إتمام مشروع نقل هذه المواد الخطرة واجه تحديات كبيرة على الصعيد الأمني، مشيراً إلى أن قصف إسرائيل مطار بيروت في حرب تموز عام 2006 كان مباشرة عقب وصول فريق الوكالة في أول مهمة له إلى لبنان. وأوضح روبين أن التريث لحين عودة الأوضاع إلى طبيعتها هو سبب نقل المصادر القوية الإشعاع إلى خارج البلاد. وفي بيروت، اكد الامين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية معين حمزة في مؤتمر صحافي ان عملية نقل الجهاز الذي يحتوي على كوبالت «انجاز كبير يعتز به لبنان». وأشار الى انها تمت ضمن برنامج للاتحاد الاوروبي يشمل عدداً من الدول ويهدف الى مساعدتها على اخراج المواد المشعة من ارضها واعادتها الى بلد المنشأ وتخزينها لمنع تسربها. وقال حمزة ان الجهاز استخدم لفترة قصيرة جداً من اجل «تعقيم ذكور الحشرات وبهدف الحد من استخدام المواد الكيماوية في الزراعة»، ولم يمس منذ 1995. وأوضح رئيس الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية التابعة للمجلس بلال نصولي في المؤتمر رداً على سؤال، ان التأخير سببه، بالاضافة الى عدم استقرار الوضع الامني في لبنان عام 2007، الاجراءات الكثيرة والاتفاقات التي تشمل منظمات ودولاً عدة والتي تطلبها اتمام العملية. واكد ان اي تسرب اشعاعي لم يحصل من داخل الجهاز، كون «مصادر الكوبالت مقفلة». وشرحت رئيسة قسم النفايات المشعة في الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية مزنه عاصي ان مصادر الكوبالت صغيرة الحجم، ووزعت في ثلاثة مستوعبات يزن الواحد منها ثلاثة اطنان كونها مصنوعة من الرصاص.