سندريلا على الجليد بدت أكثر سحراً من أي وقت مضى، فتحت قبة مركز المعارض في أبوظبي الحارّة نسبياً في هذا الوقت من السنة، حل عرض خيالي لفريق «إمبريال آيس ستارز»، ليقدم قصة سندريلا تزحلقاً على ساحة جليدية صنعت خصيصاً لهذا الغرض وبطرح قصصي مختلف، جعلها تبدو وكأنها تروى للمرة الأولى. قدمت العروض أربع ليالٍ انتهت أمس، وغصّت القاعة بالحضور كل ليلة، لمشاهدة الحكاية التي تبدأ بغلالة رقيقة تغطّي المسرح بينما سندريلا تبكي أمها ووالدها يحاول التخفيف عنها، ومن ثم أظلمت القاعة، لتظهر ساعة كأبرز ما يشعّ في المسرح، بينما سندريلا تؤدي رقصة الألم لفراق أمها. موسيقى المسرحية كانت متفردة، وأبدع الملحنان المعاصران تيم إي دوكان وإدوارد بارنويل في ابتكار أسلوب حصري أدته الأوركسترا السينمائية في موسكو، بمشاركة مؤدين فرديين من الأوركسترا السيمفونية في مانشستر (إنكلترا). أبرز الحركات المعبرة أدتها زوجة الأب الشريرة التي دخلت حلبة الجليد برداء أحمر داخله القليل من الأسود، وطبع أداءها حضور قوي للشخصية وحركتها الانسيابية على الجليد جعلت الشر والقسوة يتجسدان، برفقة ابنتيها اللتين أدتا عرضاً خطراً إذ كان عليهما تمثيل حركات السقوط في تعبير عن سوء أدائهما مقارنة بسندريلا، لكنهما أدّتا مع والد تلك الأخيرة عرضاً متميزاً حين رفع إحداهما على رقبته بينما أمسكت الأخرى بساقيها ودار الثلاثة معاً وبدت الأختان تحلقان. «أجمل ما في العرض كان التحليق، حين حملت إحدى الراقصات البالونات وارتفعت إلى أعلى فبدت القصة خيالية أكثر»، تقول ميسون ميلود (23 سنة) التي حدثتنا بحبور عن العرض، «أما الأكثر إبهاراً فكان رؤية سندريلا تطير بينما الأمير يراقصها ممسكاً بقدمها تارة وبيدها تارة أخرى، فبدت سندريلا قادمة من كتاب حكايات خيالي يفتح للمرة الأولى». صفق الجمهور مطولاً بظهور الأمير على الواجهة في منتصف العرض مؤدّياً حركات أكروباتية مميزة، لكن الإثارة احتدمت في عرض لإثني عشر راقصاً ارتدوا الأسود وتزينوا بقلائد ذهبية كبيرة وبدوا كعقارب الساعة حين حان موعد رحيل سندريلا، فأبعدوها عن الأمير بينما صارعت هي وذلك الأخير لبلوغ يدي بعضهما بعضاً. جمع العرض الذي قُدّم مرتين في اليوم بين التزلج على الجليد والرقص الاستعراضي والباليه والجمباز والحركات البهلوانية، واستمر قرابة الساعتين جاذباً الجمهور حتى آخر لحظة. ويقول لاينوس راين (27 سنة): «رقصات سندريلا كانت خلابة، الحركة على الجليد تمنح حكايات الجنيات بعداً آخر من الجمال، كأداء العرّافة الغجرية التي كانت كالملاك الحارس لسندريلا»، واستطاعت الغجرية لفت الانتباه بأدائها الناعم وثيابها الملوّنة التي طفت حرفياً مع رقصها على الجليد. «بأداء 25 بطل تزلج على الجليد، من جنسيات مختلفة، يعد «سندريلا على الجليد» من أكثر العروض المسرحية كلفة وصعوبة في التنفيذ من الناحية الفنية»، وفق مبتكر هذا العمل المسرحي ومصمم رقصاته توني ميرسير الذي يضيف: «اهتممنا بأدق التفاصيل في هذا الإنتاج الرائع الذي يجمع بين فن تصميم الرقصات والأسلوب الإبداعي القوي في رواية القصص، والديكورات المذهلة والأزياء الغريبة والمؤثرات الخاصة على حلبة تزلج على الجليد تمتد على مساحة 170 متراً مربعاً». سندريلا وبحيرة البجع وإلى جانب كل من جيمس كوندال وتوني ميرسير مؤسسي شركة «إمبريال آيس ستارز» وهما من أبرز الأسماء في قارتي أوروبا وأستراليا، يتضمن الفريق الإبداعي للشركة كلاً من إيفجني بلاتوف الحاصل على ميداليتين ذهبيتين أولمبيتين وبطل العالم أربع مرات، وأليكسي نيموف الحاصل على أربع ميداليات ذهبية أولمبية في الجمباز، وثنائي بطل العالم مرتين البلغاريين ألبينا دينكوفا وماكسيم ستافيسكي. كان هناك شيء من وهج كلاسيكية أخرى هي «بحيرة البجع»، فقد اختلفت الحبكة في قصة سندريلا هذه المرة، إذ في الإنتاج المعدل تشارك مع ابنتي زوجة الأب الشريرة في عرض باليه، وبينما فشلت الأختان، استطاعت هي أن تكمل العرض وتحوز اهتمام الجمهور. وهنا رآها الأمير الذي كان بين الحضور، والذي حوّر في العرض ليصبح ابن اللورد مايور الذي يعتبر أفضل شبان المدينة. وتنافسها الأختان من طريق حيل أمهما الشريرة التي تعمل مدربة لفرقة رقص محلي، لكن الحب ينتصر في النهاية بمساعدة القوى السحرية للعرافة الغجرية ووالد سندريلا الحنون الذي يعمل صانع ساعات في المدينة. وأدى أعضاء فريق «إمبريال آيس ستارز» تدريبات يومية لمدة تسع ساعات على مدى شهر ونصف الشهر، لضمان تقديم مسرحية خالية من أي أخطاء بما يرقى إلى مستوى توقعات جمهور أبوظبي الذي انضمّ إلى أكثر من أربعة ملايين شخص شاهدوا عروض هذا الفريق في 19 بلداً.