أعلن مسؤولون في المؤسسات الأميركية الحكومية، المكلفة قيادة بحوث الطاقة، ومراقبة نشاط أسواق صفقات السلع الآجلة، انتهاء عصر تحميل منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» مسؤولية كاملة عن أي ارتفاع في أسعار الوقود، واستبداله بحقبة جديدة تعترف بأهمية درس أسواق المال، لا سيما المضاربات، في فهم محركات أسعار الطاقة وتحليلها. وتوج الإعلان رئيس مجلس إدارة لجنة تجارة صفقات السلع الآجلة غاري غينزلر اول من أمس، بتعيين الخبير المالي المتخصص في المشتقات والمؤشرات المالية ستيفن شويفيلد، رئيساً لإدارة مراقبة سوق الصفقات الآجلة، معرباً عن أمله في أن يسهم بخبرته في تحقيق مهمة اللجنة، في حماية الشعب الأميركي بخفض أخطار الاتجار وتعميق الشفافية والحفاظ على نزاهة السوق. وتزامن الإعلان مع عقد اللجنة جلسات استماع مكثفة عن الدور المحتمل للمضاربات في أسواق النفط، من دون التوصل حتى الآن إلى نتيجة قاطعة، إذ شهدت أحدث جلسات الاستماع التي عقدت الشهر الماضي، صداماً بين مشرعين وخبراء جزموا بأن المضاربات لعبت دوراً مهما في دفع أسعار النفط إلى حدود 150 دولاراً للبرميل في تموز (يوليو) 2008، والأكاديمي فيليب فرليجيه الذي عزا الحدث إلى أسباب عدة يتصل معظمها ب «أوبك». لكن نظرية المضاربات وجدت أقوى مناصر لها في شخص الخبير الاقتصادي في معهد بيترسون، مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى السابق في صندوق النقد الدولي محسن خان، الذي نشر الثلثاء الماضي، دراسة أكد في إحدى أبرز نتائجها بأن المضاربات ساهمت بنحو 57 الى 67 دولاراً، اي 39 إلى 46 في المئة من السعر التاريخي الذي بلغه الخام الخفيف الأميركي في 11 تموز (يوليو) 2008. ورأى خان، الذي يعترف بصعوبة إيجاد دلائل دامغة على نشاط المضاربات في أسواق الصفقات الآجلة، أن حمى المضاربات شكلت فقاعة في أسعار النفط في النصف الأول من عام 2008، ودفعت بها من 90 دولاراً للبرميل في كانون الثاني (يناير) إلى 140 دولاراً في حزيران (يونيو)، ومن ثم إلى 147 دولاراً في بداية الأسبوع الثاني من تموز (يوليو)، معرباً عن اعتقاده بأن الأسعار لم تكن لتتجاوز 80 إلى 90 دولاراً لولا المضاربات. وبالتزامن مع لجنة تجارة صفقات السلع الآجلة، أطلقت وزارة الطاقة بدورها عبر ذراعها الإحصائية، إدارة معلومات الطاقة، عدداً من المبادرات تضمنت تشكيل فريق من محللي الطاقة وأسواق المال، لتعزيز قدراتها في مجال تحليل أساسيات سوق النفط، «لتحقيق فهم وتحليل أفضل لمحركات أسعار النفط»، بحسب ما أعلنه رئيسها الجديد ريتشارد نيوول، الذي قال في بيان: «إن التغطية التقليدية التي تضطلع بها إدارة معلومات الطاقة للأساسيات، مثل استهلاك الطاقة والإنتاج والمخزون والطاقات الإنتاجية الإضافية، والأخطار الجيوسياسية، هي أمور جوهرية»، داعياً الإدارة إلى ان «تخطو في اتجاه تحليل عوامل أخرى، مثل المضاربات والتحوط والنشاط الاستثماري وأسعار الصرف، في محاولتنا للتوصل إلى فهم أعمق لحركة أسعار الطاقة». ويأمل نيوول بأن تعمل مبادرات إدارته التي تشمل جمع المعلومات الحيوية عن العوامل المؤثرة في أسعار الطاقة والتحليل المعمق لسلوك السوق، وتشجيع مشاركة تشكيلة واسعة من الخبراء في درس العلاقة بين الطاقة وأسواق المال، على «تحسين» شفافية سوق الطاقة وزيادة كفاءتها وزيادة الوعي العام بآلية عملها، إضافة إلى تعزيز عملية وضع السياسات السليمة. وكشف أن إدارته التي ترصد مخزون الغاز الطبيعي، تعتزم توسيع نطاق جمع المعلومات مطلع العام المقبل، ليشمل مخزون النفط التجاري، والطاقات الاستيعابية لمخزون المشتقات النفطية، مشيراً إلى أن الإدارة ستنسق مع لجنة تجارة صفقات السلع الآجلة، والصفقات المالية المرتبطة بها لتحليل أثرها في أسعار الطاقة. ووعدت إدارة معلومات الطاقة تحسين مكونات تقريرها الشهري عن توقعات الطاقة في المدى القصير، اعتباراً من الشهر المقبل، بحيث تعكس في شكل أفضل التقلبات والضبابية في أسعار الطاقة عبر مقياس الثقة في أسعار الصفقات الآجلة للنفط والغاز الطبيعي، بالاعتماد على معلومات مستقاة من حركة الصفقات الآجلة والخيارات.