اذا كان من حق المغنية مايا نصري اختيار الأنواع الفنية التي تحترفها ان غناءً، او تمثيلاً في مسلسلات، أو بحثاً عن تلفزيونيات استعراضية اذا أمكن، فإن من حق الجمهور ان يلتبس عليه أمرها، ذلك أن كثرة الخيارات قبل ان ينضج خيار محدد منها تحقق مايا من خلاله النجومية التي تريد، قد تؤدي الى تشويش الصورة، والى ضياع التركيز، ليس فحسب في ما يعرض عليها أو ما تطلبه من الأعمال الفنية، بل أيضاً في نظرة الجمهور إليها وهي تعبر من هنا الى هناك بحيث يصح عندها السؤال هل هي مغنية أم ممثلة ام طامحة الى استعراض راقص أم ماذا؟ تملك مايا نصري من المواهب ما يجعلها مؤثرة إن هي غنت أو مثلت او رقصت، وتعرف أنها لا تعتدي على الفنون التي تخوض فيها. وكذلك يعرف الجمهور أن مايا لا تغامر في دخول مساحات فنية او تجارب قد تؤدي بها الى الفشل أو الى الحكم عليها بأنها مدعية «أدوار» في الغناء والتمثيل، نظراً الى تمكنها مما تفعل. لكن هذا لا يكفي. فالجمهور الذي يسمعها تغني لا يكاد يبني رأيه النهائي على صوتها، حتى تفاجئه بدور تمثيلي في مسلسل أو فيلم، فيذهب رأيه في اتجاه التمثيل، وفي المحصلة لا تحقق مايا النجومية «العليا» التي يحققها نجوم الغناء المعروفون في لبنان والعالم العربي، كما لا تحقق النجومية «العليا» التي يحققها أبطال المسلسلات او الأفلام. ماذا تحقق؟ تحقق حضوراً جيداً في الغناء يوازي حضوراً جيداً في التمثيل، انما بما لا يتجاوز الصف الثاني في أحسن الأحوال بين أهل الغناء والتمثيل. ربما لم تكن مايا نصري قادرة على انتظار النجومية الغنائية الموعودة وقتاً أطول مما انتظرت، فاختارت ان تسند شهرتها الغنائية بشهرة تمثيلية، على اعتبار ان الجمهور العربي التلفزيوني الذي يتابع الكليبات ويقيم محبة بينه وبين «أبطالها» يتابع بالقدر نفسه، وأحياناً أكثر المسلسلات الدرامية والأفلام السينمائية، الا ان تشعب اهتماماتها وتوزع طاقاتها أديا الى ان تبقى غنائياً حيث وصلت منذ أربع سنوات على الأرجح، والى ان لا تبرز تمثيلياً بأكثر او بأقوى مما برزت غنائياً. أي أنها وقفت في وسط الطريق، غير قادرة على بلوغ الختام، وغير منطقي ان تعود الى حيث بدأت! وكي تخرج مايا نصري من هذا «الموقع» المحير ينبغي أن تقوم بأحد أمرين: اما ان تتخلى – لمدة من الوقت – عن الغناء فتركز على التمثيل حتى تبلغ مكانة تدخل بها نادي النجمات فيحل الغناء عندها ثانياً في التراتبية فيعرف الجمهور أنها ممثلة تغني، وإما أن تتخلى – لمدة من الوقت – عن التمثيل لتركز على الغناء حتى تصل الى خانة النجمات الغنائيات، فيحل التمثيل عندها ثانياً في التراتبية فيؤمن الجمهور بأنها مغنية – ممثلة. اما البقاء في حالة بين – بين – أي على طريقة المثل اللبناني الشعبي: رجل في الفلاحة ورجل في البور، فذلك لن يؤدي الا الى المزيد من التشتت في صورتها. لم يحدث، قبل مايا نصري أن اختار فنان خطين في وقت واحد لمسيرته، الا وكان خط «يأكل» من الخط الآخر، وبالعكس، وكانت النتيجة الاستقرار في اللا استقرار! واذا كان الفنان نفسه قادراً على إحداث توازن نفسي عنده بين الخطين – وهذا صعب – فمن سيقدر على إحداث التوازن في نفس الجمهور ؟ !