حذّر المغرب من تداعيات استمرار نزاع الصحراء على أمن المنطقة واستقرارها بأسرها، وقال وزير الخارجية المغربي سعد الدين العثماني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن مخاطر اللاحل «توفّر أرضية خصبة للإرهاب والتهريب والجريمة المنظّمة» ما يهدد أمن دول المنطقة واستقرارها. وشاطر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قلقه الذي ضمّنه تقريره الأخير حول الصحراء، عند إبداء مخاوفه من «التأثير السلبي لعدم الاستقرار في الساحل». وجدّد المسؤول المغربي التزام بلاده المضي قدماً في المفاوضات التي ترعاها الأممالمتحدة لإيجاد حل سياسي وفاقي للنزاع القائم منذ حوالى أربعة عقود، مؤكداً أن صيغة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب تشكّل فرصة سانحة لطي الملف، بخاصة أن قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وصفتها بالصدقية والجدية. وأعرب عن أسفه حيال« تعنت الأطراف الأخرى وتمسكها بمنطق متآكل لا يتماشى والظرف الدولي»، داعياً إياها - من دون ذكر اسمها - إلى «التحلّي بالواقعية وروح الوفاق» كما بلورته القرارات الدولية. وحضّ على تفعيل الاتحاد المغاربي «ليرقى إلى مستوى بقية التكتلات الإقليمية ويصبح قوة فاعلة على الصعيدين الإقليمي والدولي، ويساهم في تحقيق شراكة مثمرة» لتكريس الأمن والاستقرار لدول المنطقة والجوار.واجتمع رئيس الديبلوماسية المغربية إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والوسيط الدولي كريستوفر روس. وشكّلت تطورات ملف الصحراء محوراً بارزاً في المحادثات، عشية بدء روس جولة مكوكية جديدة إلى المنطقة تقوده إلى المغرب والجزائر وموريتانيا ومخيمات تندوف في وقت لاحق حاملاً أفكاراً جديدة لتفعيل خطته في المفاوضات غير المباشرة في انتظار استئناف جولات جديدة. لكن المناخ الإقليمي، برأي أكثر من مراقب، لا يساعد في إمكان إحراز تقدم كبير. وسبق لبان كي مون وروس أن دعَوَا إلى تحقيق انفراج في العلاقات بين المغرب والجزائر، إلا أن أجواء الحذر وعدم الثقة تراوح مكانها. وخطا المغرب قدماً في إزالة حواجز نفسية لدى سماحه بمشاركة وفد من شباب «بوليساريو» في مؤتمر حزبي للاتحاد الاشتراكي، كما زار وفد مغربي مخيمات تندوف للمرة الأولى واجتمع بقياديين في الجبهة، فيما تعوّل الأممالمتحدة على إجراءات أكثر فعالية لمعاودة بناء الثقة. وبعد أن كان تبادل الزيارات يقتصر على أشخاص ينحدرون من أصول صحراوية، أصبحت الطريق سالكة أمام لقاءات غير رسمية لنشطاء في المجتمع المدني والأحزاب السياسية. على صعيد آخر، أقر حزبا الاستقلال والاتحاد الاشتراكي اعتبار مرشحيهما إلى دائرتين انتخابيتين في سطات ومولاي يعقوب «مشتركين»، ودعوَا مناصريهما إلى التصويت لفائدتهما في اقتراع جزئي ينظّم اليوم الخميس. وعلى رغم أن حيازة مقعدين ألغى المجلس الدستوري نتائجهما في وقت سابق لن يغيّر شيئاً في الخريطة الحزبية الموزعة بين الموالاة والمعارضة، يرى مراقبون أن الاقتراع الجزئي بمثابة طبعة مصغّرة لما يمكن أن تؤول إليه التطورات السياسية، في حال الدعوة إلى إجراء انتخابات اشتراعية سابقة لأوانها. وكان لافتاً أن رئيس الحكومة زعيم العدالة والتنمية عبدالإله بن كيران رعى شخصياً مهرجاناً شعبياً لفائدة مرشحه في دائرة مولاي يعقوب التي كان يُنظر إليها بوصفها مركز نفوذ الاستقلالي حميد شباط. وخاطب بن كيران مناصريه قائلاً إن المعركة لا تطاول مقعداً نيابياً بل هي قائمة «بين من يريد الإصلاح ومن يريد الفساد». وقلّل من تداعيات الإجراءات الحكومية حول رفع الأسعار والتي «قد تكون قاسية» لكن «لا بد من إنقاذ السفينة من العاصفة»، على حد تعبيره. وجاء كلامه في وقت تحوّلت الإجراءات إلى صراع كسر عظم بين الحكومة والمعارضة، ودعا الاتحاد الاشتراكي المعارضة إلى مهرجان احتجاجي حاشد السبت، في حضور مركزيات نقابية وفاعليات يسارية، إضافة إلى حليفه المحوري الاستقلال. ولاحظت المصادر أن التصعيد الاجتماعي والسياسي الراهن يسبق افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان التي يرأس افتتاحها العاهل المغربي الملك محمد السادس في الجمعة الثانية من تشرين الأول (أكتوبر) الحالي. وسيلقي خطاباً يعرض فيه تطورات الأوضاع السياسية والإقليمية. ويتساءل مراقبون عن مآل الموازنة المالية للعام المقبل، إذ يفترض أن تكون ضمن جدول أعمال الدورة الاشتراعية الجديدة. فيما لا يزال بعض الغموض يلف المشاورات الجارية لتشكيل الطبعة الثانية لحكومة عبدالاله بن كيران. وأصدرت قيادة الاستقلال أمس بياناً وصفت فيه تأخير الإعلان عن الحكومة بأنه «يدفع البلاد إلى أزمة اقتصادية».