انتهى اليوم الأول على شلل إدارات الدولة الفيديرالية في الولاياتالمتحدة كما بدأ بمأزق سياسي مع اتهام الرئيس باراك أوباما خصومه بخوض «حملة أيديولوجية» كلفت الدولة شللاً في إداراتها أدى إلى خسارة مئات آلاف الموظفين رواتبهم. وحض الرئيس الجمهوريين في الكونغرس على التصويت بلا تأخير من أجل وضع حد لهذا الشلل الأول منذ 1996. وقال من حديقة البيت الأبيض: «ذلك لن يتم، إلا عندما يفهم الجمهوريون أنهم لا يملكون الحق باحتجاز الاقتصاد رهينة لأسباب أيديولوجية». وعمد الجمهوريون الذين يهيمنون على مجلس النواب إلى تغيير استراتيجيهم أول من أمس بعد فشل محاولتهم لإقرار قانون مالية في مجلس الشيوخ يبطل قانون أوباما الصحي المعروف ب «أوباماكير». غير أن مشروعهم الجديد دفن في المجلس بعد تصويت سلبي ثلاث مرات على قوانين مالية صغيرة تهدف فقط إلى «إعادة فتح» ثلاثة قطاعات من الدولة الفيديرالية وهي الحدائق العامة والنصب الوطنية والخدمات الخاصة بالمحاربين القدامى وخدمات مدينة واشنطن. ويرفض البيت الأبيض هذا النهج «المجتزأ» الذي لا يحل الوضع بالنسبة إلى الوكالات الأخرى مثل البحوث أو التعليم واعترض عليها أوباما مستخدماً حق الفيتو. وظهرت أولى أثار هذا الشلل في النصب والمتاحف الوطنية في واشنطن وتمثال الحرية في نيويورك والحدائق العامة الطبيعية الشاسعة التي بقيت مغلقة أمام السياح. لكن مجموعة من المحاربين القدامى الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية تحدوا هذا المنع وبدعم من برلمانيين اقتحموا الحواجز التي كانت تمنعهم من الدخول إلى نصب في واشنطن. وبسبب الشلل في موازنة البلاد أرجأ أوباما زيارة مقررة إلى ماليزيا كما أعلن رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق في تصريحات أوردتها الوكالة الماليزية الرسمية. وكان من المقرر أن يزور أوباما ماليزيا في 11 تشرين الأول (أكتوبر) من ضمن جولة في جنوب شرقي آسيا للمشاركة، خصوصاً في «قمة مجموعة دول آسيا والمحيط الهادئ» (أبيك) في جزيرة بالي الإندونيسية اعتباراً من الاثنين. وفي العاصمة الأميركية الفيديرالية حمل بعض الموظفين الذين طلب منهم البقاء في منازلهم، على نواب الكونغرس، مثلما فعلت كريستين بوغمان في الخمسين من العمر الموظفة في وكالة حماية البيئة. وقالت لوكالة «فرانس برس»: «كان أمامهم ستة شهور للتصويت على الموازنة لكن ذلك لم يكن كافياً على ما يبدو!». وكان أمام حوالى 800 ألف موظف اعتبروا غير أساسيين من أصل أكثر من مليونين، أربع ساعات صباح أول من أمس للتوجه إلى مكاتبهم وترتيب شؤونهم وإلغاء اجتماعاتهم والعودة إلى منازلهم من دون ضمان بقبض رواتبهم مع مفعول رجعي. وخفضت كل الإدارات، من الدفاع إلى التعليم، عدد موظفيها إلى الحد الأدنى. ويعمل البيت الأبيض بربع موظفيه. وهذا الإغلاق «شات داون» وفق العبارة الأميركية التي تعني الشلل الجزئي للخدمات الفيديرالية، يأتي تتويجاً ل33 شهراً من التجاذبات والمواجهات في شأن الموازنة بين الديموقراطيين والجمهوريين الذين استعادوا السيطرة على مجلس النواب في كانون الثاني (يناير) 2011 بعد انتخاب عشرات الأعضاء من التيار الشعبوي المتشدد المعروف ب «حزب الشاي». فهؤلاء يشددون منذ أشهر على التصويت على موازنة تعود بطريقة أو بأخرى إلى إصلاح الضمان الصحي أبرز إنجاز اجتماعي قام به الرئيس ويحظى بدعم الديموقراطيين. وشق مهم من القانون المتعلق بهذا الإصلاح دخل حيز التنفيذ أول من أمس، وبات بإمكان ملايين الأميركيين المحرومين من الضمان الصحي تقديم طلب على الإنترنت للحصول على تغطية مدعومة اعتباراً من كانون الثاني 2014. واليوم الأول للتسجيل تسبب باكتظاظ الكثير من المواقع. وأشار استطلاع «كينيبياك» إلى أن 77 في المئة من الأميركيين يرفضون أي لجوء إلى إغلاق جزئي لأنشطة الدولة بهدف تعطيل تطبيق الإصلاح. ومع تأجيل لصيانة السفن والطائرات الحربية وإلغاء عمليات تدريب والاستغناء عن بعض المهام الإدارية، يستعد الجيش الأميركي للتكيف مع صدمة الشلل في موازنة الولاياتالمتحدة، وهو ما يخشى أن يحمل في حال استمراره طويلاً إلى تأثيرات جذرية في المؤسسة العسكرية الأميركية، وفق تحذيرات مسؤولين. وعلى رغم أن اليوم الأول من الشلل في الموازنة لم يحمل أي أثر ظاهر على الجيش الأميركي، إلا أن مسؤولين عسكريين يؤكدون أنهم سيواجهون صعوبات في القيام بالمهام ذاتها بعد منح نصف الموظفين المدنيين ال800 ألف في البنتاغون إجازة غير مدفوعة.