بطعمه النباتي الأقرب الى نكهة الكاكاو الطبيعية ومع أقل نسبة تحميص ممكنة، بدأ الشوكولا "الخام" بجذب الكثير من المعجبين على الرغم من ثمنه الباهظ، مدفوعاً بانتشار حركة "الأطعمة الخام" التي تنادي بتناول الأغذية من دون طهوها بحثاً عن لذة الأكل الحقيقية. ودعا الفرنسي المتخصص في تصنيع الشوكولا الخام فريديريك مار، زوار جناحه في معرض الشوكولا الذي استضافته باريس الأسبوع الماضي، قائلاً: "هل تريدون تذوق (الشوكولا)؟ إذاً اقتربوا. إنه سوشي الشوكولا". وأثارت ألواح الشوكولا المتنوعة بأشكالها وأنواعها اهتمام عدد من الفضوليين. وعوضاً من التحميص التقليدي القائم على غلي حبوب الكاكاو على حرارة تصل الى 140 درجة، يعمد هذا الحرفي الى طحنها داخل مجلخة، مستخدماً حجراً مقاوماً للحرارة على حرارة أقل من 40 درجة في مشغله في مونتروي في ضواحي باريس. وأوضح صاحب شركة "راو" لوكالة "فرانس برس"، أن "تفادي التحميص يسمح بالحفاظ على كل المواد الغذائية الموجودة في الكاكاو، وأيضاً بالإبقاء على نكهات أكثر نباتية وسلاسة عادة ما يقضي عليها الطهي". وأقر فريديريك مار بأن أصناف الشوكولا الخام التي يصنعها "لا تتناسب مع أذواق الجميع لا سيما لضعف مستويات السكر فيها". ومن بين زوار جناحه في المعرض، ثمة من ساءه الطعم المر للأصناف التي يقدمها، في حين لم يتوان آخرون عن التعبير عن إعجابهم بهذا الصنف الجديد واشتروا كميات كبيرة من "الشوكولا الخام" رغم سعره المرتفع: 5 يورو للوح الواحد بزنة 45 غراماً. وهذا السعر مرده الى طول فترة التخمير والتنشيف بالمقارنة مع صناعة الشوكولا التقليدي، وأيضاً الى أصل حبوب الكاكاو التي يستقدمها فريديريك مار من غابة الأمازون. وتلقى الأطعمة "الخام" الفاخرة، المصنعة غالباً بمواد عضوية، اهتماماً متزايداً في العالم بعد أن كانت بداية محط إعجاب في البلدان الناطقة بالإنكليزية وأوساط محبي الأطعمة النيئة الذين يمنعون طهو الطعام، لتفادي حصول عملية أكسدة للمواد الغذائية يعتبرونها مضرة للصحة. وفي هذا الإطار، أكدت لورن باندي، المحللة في مؤسسة "يورومونيتور انترناشونال" الاستشارية في لندن، أن الشوكولا الخام "يحقق شعبية متزايدة في السنوات الأخيرة" على الرغم من كونه لا يزال محط اهتمام فئة محدودة من المستهلكين. وأشارت الى أن "مبيعات الشوكولا الأسود في العالم تسجل نمواً سنوياً بنسبة 7 في المئة، وهذا مؤشر إلى الإمكانات الواعدة المتوافرة أمام الشوكولا الخام". وانضم ريمي هنري إلى هذه الموجة في مشغله ومحله لبيع الشوكولا في منطقة كولومب في ضواحي باريس، حيث يصنع ألواح الشوكولا وحلويات أخرى باستخدام كتل من الشوكولا الخام تضم ما بين 70 في المئة و100 في المئة من الكاكاو. وقال هنري: "اذا ما عرفتم كيفية تقديمه للتذوق والتحدث عنه، سيصبح الناس سريعاً من محبي الشوكولا الخام". وبحسب كريس ماك غوان من شركة "رو تشوكليت كومباني" البريطانية التي تأسست سنة 2006، فإن هذه الموضة تجسد الحرص المتزايد لدى المستهلكين على معرفة مصدر المنتجات التي يستهلكونها. وقال: "بعد الفضائح الغذائية، لم يعد لدى المستهلكين ثقة بالشركات الكبرى". وأشارت لورانس أليمانو صاحبة متجر للشوكولا في باريس، إلى أن هذه الأنواع الجديدة من الشوكولا تتميز "باختلافها الشديد في ما بينها"، اذ تستخدم فيها وصفات متنوعة تستخدم فيها منتجات مثل زيت جوز الهند وشراب الصبار وقصب السكر الكامل والفاكهة المجففة. وتعرض أليمانو التي تخصصت في علوم الأحياء، منتجات في متجرها آتية من بلدان عدة، بينها أستراليا وهولندا وبريطانيا وفرنسا والإكوادور. وأكدت أليمانو التي صدر لها في نيسان (أبريل) كتاب وصفات بعنوان "شوكولا خام"، أن لهذا النوع من المنتجات فوائد غذائية، كما أنها تساعد حتى على زيادة شعور الإنسان بالسعادة. وقالت: "كل منافع الشوكولا موجودة بشكل أكبر بكثير في الشوكولا الخام، لأن المواد النافعة التي يحويها تعرضت لضرر أقل". إلا أن هذه الحماسة لم يشاطرها إياها الطبيب الاختصاصي في التغذية لوران شوفالييه، الذي مع أنه يقر بأن "التحميص الخفيف أفضل من التحميص القوي"، يشير إلى أن "الفوائد الغذائية المنسوبة للشوكولا لا تسري إلا على تناول كميات كبيرة جداً، إذ إن مضادات الأكسدة موجودة بكميات متناهية الصغر". وأضاف "الشوكولا ليس له منافع غذائية إذا ما تناولتموه بشكل معقول، أما إذا تناولتم الشوكولا بكميات تفوق المعقول فإن وزنكم سيزيد".