إن احتجت يوماً إلى مراجعة نظام ما، وبحثت عنه في كل مكان، وسألت عنه كل صديق، ومع ذلك لم تجده، فلا تقلق؛ فهي حالة شائعة تحدث للمواطن العادي، وللمتخصص في الأنظمة، بل وللمعنيّ بتنفيذها. فالموقع الإلكتروني لهيئة الخبراء بمجلس الوزراء تنقصه بعض الأنظمة وبعض المراسيم والأوامر المتعلقة بها، وموقع حاضنة الوثائق الرسمية- المركز الوطني للمحفوظات والوثائق -يفوته الكثير منها، ومواقع الوزارات والإدارات الحكومية في أحسن أحوالها تحتوي على الأنظمة الرئيسة المرتبطة بعملها من دون ما يستجد عليها من تعديل وإلغاء، أو إضافة وتفسير. أما الصحيفة الرسمية صحيفة أم القرى، فربما لم تسمع بها من قبل، أو أنك سمعت بها ولم ترها في حياتك قط، وهذه ليست المشكلة، فأنت تمثل الغالبية من الشعب السعودي، المشكلة التي يجب أن تحيط بها علماً أنك مؤاخذ نظاماً بما ينشر فيها، ويفترض النظام علمك واطلاعك عليها. أخيراً، إذا وجدت النظام الذي تبحث عنه، فتمهل قبل فرحك به، فإذا سلمت من التعليمات الإدارية غير المعلنة الموازية في قوة نفاذها النظام، فاعلم أن لكل نظام ملحقات، تستثني منه وتستدرك عليه، وتقرمط في تفسير نصوصه على وجه يجعل ظاهر معنى النص النظامي غير مقصود. لنشر الأنظمة مقاصد تتعدى إقامة الحجة القانونية على المواطنين، كتعزيز مستوى الشفافية في الأنظمة والإجراءات. وهذه لا تتحقق إلا بجعل كل الأنظمة وما يتعلق بها من أوامر ولوائح وقرارات قابلة للنشر من دون استثناء، مع تبسيط سُبل الحصول عليها للمعنيين إلكترونياً، وتبسيط موادها وأحكامها بالأدلة الإرشادية والرسوم البيانية للعامة من غير المتخصصين. مستوى وعي المواطنين بنظام ما يعكس مستوى وعي الجهاز الحكومي المنوط به تطبيقه، فالفاعلية الإدارية تحتم الحرص على استجابة المواطنين للنظام بعد علمهم به واستيعابهم له، لا على تحصين الجهاز الحكومي في مواجهة المواطنين بحجة نشر النظام في الصحيفة الرسمية. * القاضي بديوان المظالم سابقاً. [email protected]