شهد السودان يوماً خامساً من الاحتجاجات التي بدأت كتنديد برفع الحكومة الدعم عن أسعار المحروقات وتحوّلت بسرعة إلى مطالبات بإسقاط حكم الرئيس عمر البشير، خصوصاً في ظل الارتفاع الكبير في أعداد القتلى في المواجهات التي عمّت مناطق في عمق البلد بالإضافة إلى العاصمة الخرطوم. وأفادت معلومات في الخرطوم fأن تظاهرات مختلفة حصلت عقب خروج المصلين من المساجد في ما أطلق عليها ناشطون إسم «جمعة الشهداء». وسُمع دوي رصاص في أماكن متفرقة من العاصمة حيث انتشرت قوات الأمن في شكل مكثف حول المنشآت الحيوية واستخدمت أحياناً القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين، في حين أعلنت السلطات أنها أوقفت نحو 700 شخص شاركوا في التظاهرات واتهمتهم بالتخريب ونهب الممتلكات. وأفاد موقع «التغيير الآن» بأن «الحصر الأولي لعدد شهداء اليوم (أمس) بلغ 40 شهيداً في ولاية الخرطوم وحدها». لكن هذا الرقم لم يمكن التحقق منه من مصادر مستقلة، علماً أن الحكومة تقدّم دوماً أرقاماً أدنى بكثير من أرقام الضحايا التي يروّج لها المعارضون. وجاء استمرار الاحتجاجات في وقت أعلن السودان أنه استدعى القائم بالأعمال الأميركي في الخرطوم للاحتجاج على عدم منح الرئيس البشير حتى الآن تأشيرة دخول للولايات المتحدة لحضور اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك. واستبق متظاهرون الصلاة في «جمعة الشهداء» بعدما حددوا مساجد معينة للإنطلاق منها وخرجوا في بعض الأحياء مثل امتداد ناصر وبري في الخرطوم والدروشاب في الخرطوم بحري والفتيحاب في أم درمان، وأحرقوا إطارات السيارات في الطرقات ورددوا هتافات مناهضة للحكومة وتطالبها بالرحيل. لكن الشرطة تصدت لهم بالغاز المسيل للدموع والهراوات ما أدى إلى إصابة بعضهم. وخرجت تظاهرات أيضاً في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في وسط البلاد والأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان في غربها. وقالت المعارضة إن قتيلين سقطا في مدينة ود مدني التي شهدت مقتل 18 في الأيام الماضية. وقال وزير الداخلية إبراهيم محمود إن حصيلة الأيام الأربعة الماضية من الاحتجاجات بلغت 29 قتيلاً، موضحاً أن السلطات أوقفت نحو 700 من المحتجين لتورطهم في نهب وحرق الممتلكات العامة والخاصة وستجري محاكمتهم الأسبوع المقبل. وقالت مصادر سودانية تحدثت هاتفياً إلى «الحياة» في الدوحة إنه كان لافتاً تظاهر مصلين عقب صلاة الجمعة من مسجد عبدالرحمن المهدي في حي ودنوباوي، وهو موقع تاريخي لحزب الأمة وكيان الأنصار الذي يقوده رئيس حزب الأمة المعارض الصادق المهدي، على رغم أن أجهزة الأمن منعت بعض المصلين من التوجه إلى المسجد من إحدى مداخل مدينة أم درمان. وفي هذا الإطار، وجّه الصادق المهدي في كلمة عقب صلاة الجمعة انتقادات شديدة لما وصفه ب «غياب الادارة المالية الرشيدة في البلاد، ما أدى لعجز الموازنة فقرروا الزيادات (في الأسعار)». وأعلن مجدداً «تأييد التعبير السلمي للمواطنين»، لكنه دان أي «أعمال تخريبية». وقال: «نعتقد أن هناك جهات مدفوعة الثمن لتضر بهذا كي تعطي مبرراً للبطش الذي حدث». وشدد على أن «هذا النظام قررنا منذ منذ عام ونصف العام أنه لا يمكن ترقيعه ولا بد من تغييره وفق ميثاق جديد». ودعا في هذا الإطار إلى «حكومة انتقالية لتضع الدستور ولتعقد اتفاقات سلام مع كل جبهات القتال حتى نتمكن في الفترة الانتقالية من تحقيق السلام الشامل والتحول الديموقراطي الكامل». وشدد على أن «شعب السودان في غالبيته الساحقة يريد نظاماً جديداً». في غضون ذلك، أكدت مصادر سودانية أن جهاز الأمن منع صحفاً وأجهزة إعلام محلية من نشر أخبار عن التظاهرات ووجّه الإعلام الحكومي للتركيز على «المخربين وعمليات التخريب». وفي هذا الإطار، جرى مصادرة صحيفتي «السوداني» و «المجهر» ومنع صدور «الوطن». كما أغلقت السلطات مكتب قناة «العربية» واستدعت مراسلها سعد الدين حسن لكنها عادت وأفرجت عنه. كما اتخذت الخرطوم مساء اجراءات مماثلة ضد قناة «سكاي نيوز عربية» (مقرها أبو ظبي).