من قلب الحدث الوطني، من وسط المدرسة التي نبني لتبني، جاءتني رسالة من أحد منسوبيها، تؤلم، وتثبت أن كثيراً مما نروم من التعليم لا يزال بعيداً بعد المهنية من بعض مسؤولي وزارة التربية والتعليم. تقول الرسالة: «ما زالت العملية التعليمية في مدرسة عبدالله خياط (شرق الرياض) غير ثابتة، حيث الربكة الدائمة بين الطلاب ومعلمي المدرسة منذ العام الدراسي، ولم تستقر حتى الآن، المعلمون يتهربون من حصص الانتظار، والهروب من الحصص لمنازلهم لأعمالهم الشخصية، إدارة المدرسة تستخدم طريقة الرفع الرسمي لمكتب التربية والتعليم في قرطبة، ولكن يتم تجاهل إفادات مدير المدرسة». عدد طلاب المدرسة 1100 طالب (وقائمة الانتظار 100 طالب)، إضافة إلى اندماجها مع مدرسة أخرى في المبنى نفسه، وكذلك وجود مرحلة متوسطة في المبنى يبدأ الدوام الدراسي فيها الساعة 12 ظهراً، وأولياء الأمور تذمروا من عدم سير الدراسة بانتظام والفوضى العارمة التي تمر بها المدرسة. عدد معلميها 65 بين معلم وإداري، 25 منهم معلمون مكلفون من مدارس أخرى، وبنهاية العام يتم إخلاء طرفهم من تلك المدرسة. التجهيزات معدومة، على رغم مخاطبة إدارة التقنيات والتجهيزات المدرسية بتأمين تلك الأجهزة منذ العام الماضي. اللجان التربوية في مكتب التربية والتعليم في قرطبة لا تبالي بالوضع، إذ يقوم مدير المدرسة بإرسال خطابات إلى مكتب الإشراف، لكن تلك اللجان لا تتخذ الأنظمة الرادعة في تسيب هؤلاء المعلمين. وفي ختام الرسالة حديث عن «احتكاك» بين أولياء الأمور والمعلمين بسبب عدم سير العملية التعليمية. حسناً، هذه حال طازجة، ويمكن للوزارة الاستنفار لإنقاذ 1100 طالب، ومساعدة 1100 أسرة، وإدارة 65 معلماً كما يجب، أو يمكنها إرسال نفي على طريقة «كلو تمام»، وكثير من يعرف أنه «مش كلو تمام» في كثير من مفاصل الوزارة، وعلى أرض الواقع هناك في المدارس. يبدو لي أن إحدى أهم مشكلات التعليم هي تحول منسوبيه إلى موظفين يشبهون الآلات، لا يتحركون إلا بتعميم، ولا يملكون من أمرهم شيئاً، وهذا مرده مركزية عتيقة بآلية ضربت أطنابها في هيكل الوزارة، وحرص عليها بعض ممن تهمهم إدارة المشهد من خلف الكواليس، الإدارة الفكرية التي تعرفون. المشهد في مدرسة الخياط أعلاه ليس جديداً أو غريباً، وهناك مشاهد أكثر أو أقل في كل مكان، مشاهد ترسخ في ذهن الطلبة صورة عن وطنهم وتعليمهم، وفي وجدان أولياء الأمور الرضا بالحد الأدنى دائماً، حد توافر «الكرسي» وانتظام الدراسة، للوصول إلى الشهادة، والدخول في النسق الاجتماعي المعروف، أما التعليم والتربية فالأمور دائماً «طيبة»، وواقع الحال والأخلاق لدى البعض يثبت أنها ليست كذلك. هي شكوى من أحد فريق العمل في المدرسة، مواطن له أبناؤه وطموحاته، وهي مؤشر على أن الأداء على صفحات الصحف يختلف كثيراً عن الأداء على أرض الواقع، أرض المدرسة التي يفترض أن تكون صاحبة مكانة حقيقية في وجدان كل إنسان تصنعه.. لا تصفعه. [email protected] mohamdalyami@