دقت ثلاث مؤسسات دولية تعمل في لبنان أمس ناقوس الخطر بالنسبة إلى مستقبل مساعدة النازحين السوريين إلى لبنان في ضوء تراجع التمويل الدولي مقابل ارتفاع عدد النازحين وحاجاتهم وضعف قدرة لبنان على الاستيعاب وتلبية الحاجات. في مقر المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في محلة الجناح في ضاحية بيروت الجنوبية، حيث يتكرر يومياً مشهد مئات النازحين وقد اصطفوا طوابير كبيرة أطفالاً ونساء ورجالاً ومسنين ينتظرون في قطعة أرض مقابلة للمقر مواعيدهم للدخول من أجل التسجيل لدى المفوضية، عقدت كل من ممثلة برنامج الغذاء العالمي في لبنان لين ميلير وممثلة المفوضية نينيت كيلي وممثلة منظمة «يونيسيف» انا ماريا لوريني مؤتمراً صحافياً عرضن خلاله واقعاً وصفنه ب «المأسوي» و «الدراماتيكي» وبدون شديدات التشاؤم في قدرات المنظمات الدولية المعنية على تلبية الحاجات الآنية والمستقبلية. وكان الإعلان عن خفض بعض المساعدات إلى النازحين إحدى الخلاصات التي أعلنت خلال المؤتمر. وإذ أشارت كيلي إلى أن المفوضية تسجل أسبوعياً ما بين 11 و15 ألف نازح لديها وقدرت أن يتجاوز عدد النازحين في لبنان مليوناً و200 ألف نازح في نهاية السنة، لفتت إلى أن استيعاب دول أميركا وكندا وأستراليا ودول أوروبية للنازحين لم يتجاوز 4 آلاف نازح أي أنه عدد صغير جداً لا يحل مشكلة علماً أن لهذه الدول معاييرها الأمنية والصحية عند الموافقة على الاستيعاب. وتحدثت لوريني عن الضغط الذي تشكله طبابة النازحين ولا سيما الولادات وأمراض الأطفال على المؤسسات الصحية التابعة للدولة اللبنانية والتي تفوق قدراتها، في حين توقفت ميلر عند التحديات المقبلة في ضوء تراجع التمويل. وأجمعت المسؤولات الثلاث على أن التوجه لدى المنظمات الدولية هو للتركيز على الأشخاص الأكثر هشاشة والأكثر حاجة وعلى الحالات الطارئة التي تتوقف عليها حياة الأشخاص، فلم يعد ممكناً تغطية كلفة عملية لنازح مصاب إن لم تكن عمليته لإنقاذ حياته مثلاً، والتوجه الآن هو لمعالجة سوء التغذية وهو يعني في هذه الحال توفير الفيتامينات والتلقيح وتوفير المياه النظيفة، أما تأمين المأوى لفصل الشتاء المقبل من خلال إقامة مخيمات فدونه قرار سياسي لبناني. وقالت كيلي: «لا توجد موافقة سياسية على إقامة أي شكل من أشكال مخيمات للنازحين ونقطة على السطر، لذا مسألة المأوى أزمة مستفحلة. هناك نازحون يعيشون في أمكنة مأسوية. قد نساعد في سقف مكان إذا كان مشيداً إنما لا يحق لنا إقامة بيوت لهم وعلينا أن نجد حلولاً قبل الشتاء». وقالت لوريني: «هناك نحو 400 ألف طفل في عمر المدرسة والتحدي أمامنا كيف ندخل هؤلاء إلى المدرسة وبأي طريقة نستجيب لمتطلباتهم. وعمالة الأطفال خصوصاً في البقاع تحصل أمام عيون الجميع. وتلبية الحاجات عبر القطاع العام في لبنان الذي يقدم أقصى ما عنده، باتت تهدد في الوقت نفسه النازحين واللبنانيين على حد سواء». ولفتت كيلي إلى أن «الأعداد النهائية للنازحين يصعب تحديدها، نعمل مع البنك الدولي من أجل معرفة السيناريو المحتمل الذي ينتظرنا خلال السنة المقبلة، لكنه غير دقيق لأن الوضع في سورية غير دقيق، هناك تقدير ل 1.6 مليون نازح وفقاً لإحدى المداخلات وقد يرتفع إلى نحو مليونين وهذا رقم كبير جداً وفي ضوء المساعدة التي تقدم إلى لبنان قد لا نستطيع أن ندبر أمورنا، واستقرار لبنان على المحك». وقالت: «طلبنا 1.6 بليون دولار لكن جرى تمويل 20 في المئة فقط وهذا الأمر محزن، وإذا تخلينا عن مشاريع وضعتها الحكومة فان الموازنة قد تغطي 30 في المئة من مشاريع المنظمات غير الحكومية، ما يعني عندنا 40 في المئة من الحاجة لملاقاة حاجاتنا وهذا يجعلنا نأخذ خيارات تراجيدية. صحيح أننا حصلنا في هذا البلد على مساعدة كريمة أي أكثر من 55 مليون دولار أنقذت مئات آلاف الأرواح من الجوع ووفرت عناية صحية وتلقيحاً ومأوى وإدخال أطفال إلى المدارس لكن الحاجة المتواصلة لن نستطيع تلبيتها». وإذ لفتت ميلر إلى أن المساعدة الشهرية المقررة 27 دولاراً شهرياً ستبقى للجميع، تحدثت عن «تحدي إدخال 100 ألف تلميذ إلى المدارس بعدما نجحنا في إدخال 30 ألفاً السنة الماضية علماً أن هناك 270 ألف طالب بحاجة للدارسة، لا نستطيع إدخال الجميع بسبب الضغط الهائل على القطاع التعليمي اللبناني». وفي السياق، أعلنت الولاياتالمتحدة عن وصول سفينة محملة بشحنة من القمح مقدمة منها إلى مرفأ بيروت تكفي لتوفير الغذاء لأكثر من 3.5 مليون سوري لمدة شهر، ضمن عملية المساعدات الغذائية الطارئة لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة.