بمقطوعة «مراكب»، انطلقت أمسية «الثنائي سبيل»، بتنظيم من معهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى، واحتضنها متحف محمود درويش في رام الله. وعلى مدار ساعة ونصف ساعة، قدم عازف العود الفلسطيني أحمد الخطيب وعازف الإيقاع يوسف حبيش ابن الجليل، برفقة عازف الكونترباص الفرنسي أوبير دوبون مجموعة من المقطوعات الموسيقية التي عكست أسماء بعضها الواقع الفلسطيني الذي عايشه الخطيب. وتتميز مقطوعة «مراكب» للخطيب بنكهة تلامس إلى درجة كبيرة الموسيقى الصوفية، لينتقل العازفون الثلاثة بعدها إلى «سفر الخروج» التي قدموها في حركتين موسيقيتين، أولاهما بعنوان «كنعان» والثانية «نهرين». و«قال» الخطيب ورفيقاه بعدها «كلمة عتب» التي ألفها عازف العود لفرقة «كرلُمة» التي أسسها هو ومجموعة من أساتذة معهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى العام 1999، بهدف الاستكشاف والتجربة وإعادة الترتيب وأداء أنماط الموسيقى الشرقية بطرق مختلفة. وكان لنشطاء السلام الذين رافقوا «أسطول الحرية» العام 2010، نصيب في الأمسية من خلال مقطوعة «فلوتيلا» التي أراد الخطيب من خلالها توجيه رسالة محبة واحترام اليهم والى دمائهم التي سالت وأرواحهم التي أُزهقت. ولم يبتعد العازفون الثلاثة في مقطوعاتهم عن الألم والحزن كثيراً، فمع مقطوعة «صدى» التي حملت اسم الاسطوانة الثانية للخطيب التي أطلقها العام 2005، عادوا بالحضور إلى العام 2002 وعاشوا للمرة الثانية مع أجواء اجتياح رام الله. وتفاعل الجمهور مع المعزوفات والمزج المدروس بينها، وتجلى هذا المزج المنسجم في مقطوعات من قبيل «فنتازيا شهينار»، و«عرس» التي تحاكي التراث في بلاد شام، وانتقل العازفون بعدها إلى أجواء أوروبا الباردة فعاشوا «غربة» الخطيب بعد تركه رام الله وانتقاله إلى السويد، فيما كان ختام العرض عربياً بامتياز حين قدم الثلاثي «من القدس إلى بغداد» التي أراد الخطيب أن يرسم عبرها للحضور صورة تاريخية لمشهد حضاري تمتعت به عاصمة العراق قبل سقوطها. يذكر أن ريع العرض خصص لمشروع «معهد الموسيقى» لتعليم الموسيقى عبر الانترنت، وهو مشروع مشترك بين معهد ادوارد سعيد و «بيت الموسيقى» في مدينة شفاعمرو، ومدرسة «غيلدهول» للموسيقى والدراما في لندن، تسعى الجهات الثلاث من خلاله إلى تحقيق تكامل ثقافي، والترويج للمخزون الثقافي الفلسطيني التراثي، وكذلك إلى تقديم المواد التعليمية المتطورة وتعزيز التعاون والتبادل الدوليين. وسيشتمل المشروع على موقع إلكتروني متطور يتضمن مواد موسيقية مكتوبة ومصورة ومسجلة، لتعليم المقام والتقسيم الموسيقي العربي لطلبة الموسيقى العرب المتقدمين، إضافة إلى مواد تعليمية أخرى حول الإيقاع الموسيقي العربي والتخت الشرقي، أشرف على تجهيزها وتسجيلها عدد من الموسيقيين العرب، وهم: خالد محمد علي حمدون من العراق، وشربل روحانا من لبنان، وأحمد الخطيب من فلسطين. ويتضمن المشروع الذي ينفذ بدعم من الاتحاد الأوروبي ومؤسسة عبدالمحسن القطان، إقامة مجموعة من الورش حول الموسيقى العربية، بهدف إنشاء قسم للموسيقى الشرقية في معهد «بيت الموسيقى» من خلال نقل تجربة معهد ادوارد سعيد إليه. كما يشمل المشروع تعليم الموسيقى، والإدارة الموسيقية، وإصدار منهج لتعليم الإيقاع، وتطوير القدرات في كل من «بيت الموسيقى» ومعهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى.