من حق كل أحد بل واجب عليه أن يحب وطنه، فحب الوطن فطرة في النفوس، وحين أمر الله نبيه محمداً بالهجرة، خرج من مكة، ووقف على شفير خارجها، ليقول: "والله إنك لأحب البقاع إلى الله، ووالله إنك لأحب البقاع إليّ، ولو أن قومك أخرجوني ما خرجت"، إنه الحب الفطري الذي يجب أن يظهر في كل موقف ومناسبة، ليعبر الإنسان فيها عن امتنانه وحبه لوطنه. يتشكل كل وطن من ثقافات متعددة، وحين يكون الوعي حاضراً يتم استثمار الثقافة، لأجل إنسان الوطن، أما حين يغيب الوعي فإن الثقافات تتحول إلى صراعات ونزاعات تمزق معطيات الإنسان داخل وطنه. لكل وطن ما يتقاطع به مع أوطان أخرى، وله ما يختص به من مزايا، ونحن في المملكة العربية السعودية نحتفي بأكبر المزايا وأعظم العطايا، حين نتحدث عن وطننا نتحدث عن مركز العروبة ومنطلق الإسلام، وهو ما يجعلنا نعتز بهذه المنح الربانية، ونتحمل مسؤوليتنا الدينية والأخلاقية والثقافية، لنعكس رابطة العروبة وروح الإسلام في سلوك إنساني يحسن الشهود الحضاري والمشاركة العالمية في الوجود. ولكي تتحقق المشاركة والشهود فثمة وقفات مهمة تنتج خطوة المستقبل، وتكون في الوقت نفسه آلة قياس تنموي. أولاً: حال الوعي الديني في الإفتاء والقضاء والتعليم، ونحن وطن الإسلام ومنبع رسالته، دين فتح القلوب وأسلمت له النفوس، يجب أن يبقى كذلك، وألا نسمح باختطاف جماله من الأفكار المتشددة أوالعقول المتحجرة أو من المؤدلجين لخدمة الطائفية والحزبية! إننا في هذا الوطن ومن منطلقات ديننا دعاة سلام إنساني، ننشر رسالة الإسلام السامية، محبةً ورحمةً للعالمين، ويجب أن نكون صريحين وواضحين في هذا الأمر. ثانياً: مدخلات التعليم ومخرجاته التي يجب أن تكون واعية ومدركة لإنسان هذه العصر وقوة المعرفية والاتصالاتية التي تتجاوز حدود الأقلمة، فالتعليم الذي ينتظم أحدث النظريات في محتواه، ويرتقي بأسلوبه وطُرقه، سيكون تعليماً مشاركاً في الفاعلية العالمية بما يخرج من طلاب وطالبات، لديهم ممكنات الجدارة للتحديث والتطوير من قوة العلم وأخلاقيات المعرفة، وهؤلاء هم صدى الوطن ورجع صوته، فكما يصنعهم التعليم يفعلون. ثالثاً: المحتوى الثقافي والإعلامي الذي يعتبر هو البوابة، يدخل منها العالم إلينا كل من مكانه، خصوصاً في واقع إعلام اليوم الجديد والمذهل، والحق أن محتوانا الثقافي والإعلامي لا يزال قاصراً عن أن يعكس العمق الوطني بقوة أبعاده وأبعاد قوته! رابعاً: أخلاقيات التعاملات التجارية والاقتصادية التي تصبح ضرورة لوطننا الإسلامي العربي الإنساني، وهو ما يحتم وجود مواثيق أخلاقية للتعامل التجاري والاقتصادي، يلتزم به المواطن، ويحترمها العالم المتعامل معنا، وبذلك يمكن للتجارة والاقتصاد أن يحققا أهدافاً وطنية استراتيجية لا تقف عند حدود الكسب المادي. هذا بعض القول وللوطن كل الحب. * عضو مجلس الشورى. [email protected] @alduhaim