أكد وزراء الخارجية العرب أن عملية السلام عملية شاملة لا يمكن تجزئتها، وأن مبادرة السلام العربية لن تبقى طويلاً على الطاولة. وشددوا على عدم شرعية المستوطنات في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، محذرين الدول المصدرة للمهاجرين إلى إسرائيل من خطورة الهجرة اليهودية على السلام والاستقرار في المنطقة، وعلى علاقتها ومصالحها مع الدول العربية. وفي خصوص العراق، دان الوزراء التفجيرات «الإرهابية» التي شهدتها بغداد في 19 الشهر الماضي، واعتبروا أن هذه الأعمال تشكل تهديداً للسلام والأمن وفقاً لقرار مجلس الأمن. وعن لبنان، أكد الوزراء حق الدولة في حماية حدودها ومراقبتها من كل الاختراقات والتعديات، بما في ذلك تسريب السلاح. ورحبوا بما تم إنجازه على صعيد العلاقات اللبنانية - السورية واستكمال المسار الذي يحقق مصالح البلدين. وكان وزراء الخارجية عقدوا اجتماعات دورتهم العادية 132 في القاهرة أمس برئاسة سورية ومشاركة 19 وزيراً للخارجية ووزير دولة للشؤون الخارجية. ومثل مصر في الاجتماع وزير خارجيتها أحمد أبو الغيط، والسعودية وزير الدولة للشؤون الخارجية نزار بن عبيد مدني، ولبنان وزير الخارجية فوزي صلوخ. وفيما سيطر الخلاف السوري - العراقي على أروقة الاجتماعات وكانت اللقاءات المتعلقة بتسوية هذه الخلافات الحدث الأبرز في الاجتماعات، لم تغب قضايا فلسطين والسودان عن النقاش، وإن توارت ولم تشهد أمراً جوهرياً، وإنما أعاد الوزراء التأكيد على قرارات كانوا اتخذوها. وخلت مشاريع القرارات التي أقرها المندوبون الدائمون في الجامعة العربية ورفعوها الى وزراء الخارجية لإقرارها في جلستهم الختامية مساء أمس، من أي ذكر لموقف في خصوص الدعوات إلى تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل، ومطالبة الولاياتالمتحدة الدول العربية باتخاذ خطوات ذات مغزى في اتجاه إسرائيل. لكن مصدراً شارك في الاجتماعات قال ل «الحياة» إن هذا الأمر على رغم أنه ليس مدرجا على جدول أعمال الوزراء، إلا أن أروقة الاجتماعات شهدت مناقشات في شأنه تناولت غالبيتها رفض «التطبيع المجاني»، وأكد الوزراء أن سقفهم هو المبادرة العربية للسلام التي تطلب انسحاباً إسرائيلياً إلى حدود عام 1967 في مقابل تطبيع العلاقات. وأضاف: «أي خطوة سيتخذها العرب في هذا الصدد ستتلو خطوات تتخذها إسرائيل، إن أرادت سلاما ... وأي دولة ستخالف ذلك بالتأكيد ستقابل خطوتها برفض عربي ورد فعل قوي». وأكدت مشاريع القرارت التي رفعها المندوبون الدائمون لوزارء الخارجية لإقرارها في ختام اجتماعاتهم التي بدأت مساء أمس وحصلت «الحياة» على نسخة منها أن «السلام العادل والشامل هو الخيار الاستراتيجي للدول العربية، وأن عملية السلام عملية شاملة لا يمكن تجزئتها ومبادرة السلام العربية المطروحة اليوم لن تبقي طويلاً على الطاولة». وشددت على عدم شرعية المستوطنات التي تمثل انتهاكا للقانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة والاتفاقات الدولية. ورحبت بجهود مصر الرامية لتحقيق المصالحة الفلسطينية، مطالبة الأطراف الفلسطينية بالتجاوب مع الجهد المصري. وأكدت ضرورة احترام الشرعية الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس واحترام المؤسسات الشرعية للسلطة الوطنية المنبثقة عن منظمة التحرير، بما في ذلك المجلس التشريعي الفلسطيني المنتخب. وأكد مشروع القرار الخاص بفلسطين ضرورة استمرار دعم منظمة التحرير الفلسطينية في المفاوضات الجارية في شأن قضايا الوضع النهائي، والتأكيد على أن قطاع غزة والضفة الغربيةالمحتلة، بما فيها القدسالشرقية، هي وحدة جغرافية واحدة لا تتجزأ لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على كافة الأراضي التي احتلت عام 1967. ورفض مشروع القرار كل المحاولات الرامية إلى تفتيت وحدة الأراضي الفلسطينية وكل الإجراءات الأحادية الجانب التي تتخذها إسرائيل، وعلى رأسها ممارسات الاستيطان ومحاولات تهويد القدس. ودعا الولاياتالمتحدة إلى تحمل مسؤولياتها للدفع بجهود السلام وإلزام إسرائيل بوقف الاستيطان. ورحب مشروع القرار الخاص بالعراق بالخطوات الجادة التي تتخذها الحكومة في تنفيذ الخطة الأمنية لفرض القانون، وأعرب عن دعم إجراءات الحكومة في سحب السلاح غير الشرعي. وقال إن «أسس التصور العربي للحل السياسي والأمني لما يواجهه العراق من أهمها احترام وحدة العراق وسيادته وهويته العربية والإسلامية ورفض أي دعاوى لتقسيمه، وأن تحقيق استقرار العراق وتجاوز الأزمة الراهنة يتطلب حلاً أمنياً وسياسياً متوازياً يعالج أسباب الأزمة ويقتلع جذور الفتنة الطائفية والإرهاب، وتحقيق العملية السياسية بما يضمن مشاركة كاملة لمكونات الشعب العراقي المختلفة». وأكدت مشاريع القرارات مساندة الدول العربية الحازمة لمطلب سورية العادل في استعادة كامل الجولان. وأشادت بالدور الوطني الذي يقوم به الجيش اللبناني في جنوب لبنان وفي كل المناطق اللبنانية. وأكدت دعم مهمة هذا الجيش كما قررها مجلس الوزراء اللبناني لجهة بسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها وصون السلم الأهلي. وحضت على ضرورة تعزيز قدرات الجيش اللبناني والقوى الأمنية لتمكينهما من القيام بالمهام الوطنية الملقاة على عاتقهما. وأكد الوزراء ضرورة انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية. وعن الحصار «الجائر» المفروض على سورية والسودان من الولاياتالمتحدة في خصوص شراء أو استئجار الطائرات وقطع الغيار ونتائج هذا الحصار التي تهدد سلامة وأمن الطيران المدني، أكد مشروع قرار حق جميع الدول العربية في تطوير أسطولها الجوي ضمن أجواء حرة وتنافسية بعيدة عن أي اشتراطات وحظر سياسي يعيق ذلك. وبناء على طلب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، قرر الوزراء العرب إدراج بند خاص تحت عنوان «الأوضاع الإنسانية في دارفور» على اجتماعات المجلس. ودعا المجلس اللجنة الوزارية العربية الافريقية في اجتماعها المزمع عقده في نيويورك يوم 24 الشهر الجاري إلى تحديد تاريخ بدء الجولة النهائية لمحادثات السلام بين حكومة السودان وحركات التمرد الدارفورية المسلحة في الدوحة، وكذلك السقف الزمني لهذه الجولة. وطالب كل الحركات المسلحة إلى نبذ العنف والتصلب في المواقف والتجاوب الفوري مع الجهود الدولية والإقليمية المبذولة لاستئناف العملية السلمية وإقرار السلام في دارفور.