يأتي الدخول المدرسي والجامعي في المغرب لهذه السنة في ظل مجموعة من المستجدات السياسية والتربوية وعلى رأسها الخطاب الملكي الأخير الذي قدم فيه العاهل المغربي خريطة طريق من أجل إصلاح المنظومة التعليمية بعيداً من الصراعات والمزايدات، داعياً كل الفاعلين في القطاعات السياسية والاقتصادية والتربوية إلى التفكير في الحلول وترجمة ما جاء في الخطاب إلى مخطط على أرض الواقع. ويأتي الخطاب الملكي بعد جملة من التقارير الوطنية والدولية صادرة عن البنك الدولي ومنظمة «يونيسكو» أو المجلس الأعلى للتعليم، وتؤكد أن المغرب لا يزال يواجه العديد من المشاكل في قطاع التعليم. وفي نسخة 2013، أكد ترتيب الجامعات على الصعيد العالمي المنجز من قبل جامعة جياوتونغ في شنغهاي بقاء الجامعات الأميركية في الصدارة، بينما هناك فقط 3 جامعات جنوب أفريقية احتلت الرتب 201 و301 و401 بالإضافة إلى مصر التي احتلت جامعة واحدة فيها المرتبة 401. ويعتمد هذا الترتيب أساساً على البحوث المنجزة في مجال العلوم الدقيقة والتكنولوجيا، ويأخذ في الاعتبار عدد جوائز نوبل الممنوحة لخريجي الجامعة المعنية والباحثين المشتغلين بها، وعدد ميداليات «فيدلز» المعادلة لجائزة نوبل في الرياضيات وكذا عدد المقالات المنشورة في المجلات العلمية وعلى الخصوص مجلات مثل «Nature» و «Science». وبغض النظر عن المعايير المعتمدة في هذا التصنيف فإن وزارة التعليم العالي والبحت العلمي وتكوين الأطر في المغرب، قررت تجميع الجامعات ومدارس الهندسة المغربية في أقطاب، وفق ما كان يدعو إليه الوزير لحسن الداودي منذ قدومه إلى وزارة التعليم العالي، من أجل منافسة الجامعات الأجنبية. وبدأ تطبيق هذا القرار في جامعتي محمد الخامس السويسي وأكدال وجامعتي الحسن الثاني عين الشق والمحمدية، وكذلك مدارس الهندسة على المستوى الجهوي، بالإضافة إلى اعتماد نظام إجازة ماستر ودكتوراه في كليات الطب والصيدلة خلال الموسم الجامعي 2014/2015. وتعتزم حكومة عبد الإله بنكيران، من خلال هذا القرار، إنشاء أقطاب للامتياز تساهم في تجميع وتعبئة الموارد البشرية والمادية وخلق التعاضد والتكامل اللازمين لتمكين الجامعات المغربية من احتلال مراتب متقدمة على المستوى العالمي وجعلِها قادرة على التنافس مع نظيراتها الأجنبية حيث يشكل الطلاب المغاربة 17 في المئة من الطلاب الأجانب في فرنسا وحدها. وتأتي الخطوة على خلفية قراءة أنجزتها وزارة الداودي لنتائج ترتيب الجامعات على الصعيد العالمي، وعللت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قرارها الذي ترمي من ورائه إلى «إعادة تنظيم الجامعات ومؤسسات التعليم العالي بالمغرب وتمكين بعضها من ولوج الترتيب وإبرازها على الصعيد الدولي»، بقولها إن سياسة تجميع المؤسسات الجامعية والبحث تتيح تلقائياً البروز أكثر على الصعيد الدولي. ولاحظت الوزارة المعنية تقدم مراتب جامعات فرنسية هي جامعة «بيير وماري كوري» وجامعة باريس والمدرسة العليا للأساتذة بالإضافة إلى تقدم جامعة ستراسبورغ إلى المركز 97 كثمرة لتجميع جامعات ستراسبورغ 1و 2و 3 وصعود جامعة بوردو إلى المرتبة 208 نتيجة اندماج جامعات بوردو1 و2. في المقابل أوضحت دراسة أنجزتها مؤسسة Campus France، أن 284 ألفاً و600 طالب أجنبي يدرسون في الجامعات والمعاهد العليا الفرنسية إلى حدود نهاية 2012، وأن فرنسا أصبحت رابع وجهة جامعية لمتابعة الدراسات العليا في العالم. وكشفت الدراسة أن 12 في المئة من الطلاب الجامعيين هم من الأجانب وأن عدد الطلاب الجامعيين المغاربة يتصدرون قائمة الطلاب الأجانب في فرنسا، يتبعهم الطلاب الصينيون ثم الجزائريون فالتونسيون والسينغاليون والألمان. ويتصدر الطلاب المغاربة كذلك قائمة الطلاب الأجانب الجامعيين المنحدرين من الدول الخمس عشرة الأولى «المصدّرة» للطلاب الجامعيين في فرنسا. ووفق الدراسة، فإن الطلاب المغاربة يتجمعون في جامعات باريس بأكثر من 2100 طالب، وفي جامعات ليل ومونبولييه وبوردو بأكثر من 1500 طالب في كل منها، وفي جامعتي تولوز وليون بأكثر من 1400 طالب في كل منهما، وفي جامعة فرساي بأكثر من 1700 طالب. وفي الجامعات والمعاهد العليا الفرنسية يتصدر المغاربة أيضاً المثلث الذي يضم الصينيين والجزائريين والذي يشكل غالبية الطلاب الأجانب في فرنسا.