شيّع مسؤولون ومواطنون جثمان العريف مظلي تركي رشيد الرشيد، الذي استشهد خلال مواجهة أمنية مع عناصر إرهابية في حي المعلمين بمدينة بريدة (وسط المملكة) أول من أمس، إلى مثواه الأخير بمقبرة صديان في مدينة حائل. وفي مدينة بريدة (وسط السعودية)، شيّعت جموع غفيرة الشهيد النقيب محمد العنزي أحد منسوبي قوات الأمن الخاصة بالقصيم أمس (الأربعاء)، الذي قضي خلال مواجهة أمنية مع مطلوبين تحصنوا بإحدى الاستراحات بحي المعلمين (شمال بريدة) أول من أمس، بعد صلاة الظهر من جامع محمد بن عبدالوهاب في بريدة إلى مثواه الأخير، وتقدم المشيعين أمير منطقة القصيم فيصل بن بندر، ونائبه الأمير فيصل بن مشعل، وعدد كبير من القيادات الأمنية ورؤساء الدوائر الحكومية في المنطقة. وأدى مئات المصلين ظهر اليوم صلاة الجنازة في جامع الراجحي بمدينة حائل على جثمان شهيد الوطن تركي رشيد الرشيد، قبل دفنه في مقبرة «صديان» في حائل، يتقدمهم أمير حائل سعود بن عبدالمحسن، وسط حضور مسؤولين ومشايخ وأعيان وأقارب وأنساب وأصدقاء الشهيد، الذين اكتظت بهم ساحات المقبرة الداخلية والخارجية. ونقل أمير منطقة حائل سعود بن عبدالمحسن تعازي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده، وولي ولي العهد، والشعب السعودي أمس، لذوي شهيد الواجب العريف مظلي تركي رشيد الرشيد، الذي استشهد أول من أمس في بريدة خلال مواجهة مع عناصر إرهابية. وأوضح الأمير سعود بن عبدالمحسن خلال مشاركته في الصلاة على الفقيد في حديث خاص ل«الحياة»، أن الشهيد تركي الرشيد هو شهيد الوطن بأكمله، وقال: «نعزّي أنفسنا قبل أن نعزي ذوي شهيد الواجب الذي قضي وهو يدافع عن وطنه»، مؤكداً أن طفلة شهيد الواجب هي طفلته، معرباً عن اعتزازه بالشهيد وبكل من يضحي من أجل الوطن، داعياً الله للفقيد وكل شهداء الواجب بالرحمة والمغفرة، وأن يلهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان، وأن يمنّ على بقية المصابين بالشفاء العاجل. من جهتهم، شكر ذوو الشهيد تركي الرشيد أمير منطقة حائل على مواساته لهم في فقيدهم، معربين عن اعتزازهم باستشهاد ابنهم في ميدان الدفاع عن الوطن ومحاربة الفئة الضالة. وتحدث والد الفقيد رشيد الرشيد ل«الحياة»، عن أن ابنه كان مخلصاً ومتفانياً في عمله ومواظباً على الصلاة، وحكى عن دماثة خلقه وسيرته الحسنة وحبه لعمل الخير. وأشار إلى أن الشهيد تركي الرشيد (31 عاماً) هو ابنه الأكبر، والتحق بالعسكرية في 2007، قبل أن يتزوج العام الماضي، ويُرزق قبل ثمانية أشهر بالمولودة «نورة»، مشيراً إلى أن ابنه أدى فريضة الحج برفقة زوجته أخيراً، وكان يعمل في محافظة رفحاء حتى نقله قبل خمسة أشهر إلى مدينة بريدة. وأضاف: «نحمد الله على قضائه وقدره، وقع الصدمة علينا بعد سماع خبر استشهاده كان شديداً، إلا أننا فخورون جداً بأن ابننا أسهم في الدفاع عن أرض الوطن، ورد كيد الذين يسعون إلى الفساد»، لافتاً إلى أن استشهاد ابنه تركي «وسام شرف واعتزاز منحه لي ابني، كما أن الشهادة كانت بمثابة الحلم وحقق الله أمنيته، وكلنا فداء لهذا الوطن الغالي». يذكر أن آلاف المغردين تداولوا على نطاق واسع خلال الساعات الماضية عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» تغريدة سابقة للشهيد الراحل تركي الرشيد يتمنى من خلالها الشهادة، بالقول: «ما عطفت إلا على ناسي الصلاة.. وما حسدت بدنيتي إلا الشهيد، ما أبي من هالحياة إلا النجاة.. وما أبي إلا العفو يوم الوعيد». وبحسب زملاء للشهيد العنزي تحدثوا ل«الحياة» أثناء وجودهم بالمقبرة، فإنه أصرّ على المبادرة باقتحام الوكر الذي كان يتحصن بداخله المطلوبون شخصياً متقدماً أفراد فرقته، ما جعله في مرمى طلقات المطلوبين النارية. وقالوا: «بعد فشل محاولات طويلة من فرقة قوات الأمن الخاصة التي كان يترأسها العنزي لإقناع المطلوبين بالاستسلام، أصرّ على اقتحام الاستراحة التي يتحصن فيها الإرهابيون للقضاء عليهم، وتطهير البلاد والعباد من شرهم، لكنه أصيب بسيل من الطلقات النارية الغادرة، ووافته المنية على الفور في مكان الحادثة». وأوضحوا أنه بعد محاولات طويلة لأكثر من نصف ساعة استطاع زملاؤه نقله خارج الاستراحة بعد قتل إرهابيين والقبض على البقية. يذكر أن النقيب محمد العنزي أصيب بطلق ناري في كعب القدم أثناء أداء مهماته في مواجهة إرهابيي محافظة الرس، وعاد بعد ذلك لممارسة عمله، والتحق بدورة خارجية في مدينة سيدني الأسترالية مدة عام لتعلم مبادئ اللغة الإنكليزية، وعاد بعدها ليتولى إدارة التدريب في قوات الأمن الخاصة بالقصيم، ولكنه لقي حتفه عصر الثلثاء، وهو أب لطفلين ومن سكان محافظة عنيزة.