على رغم اختلاف مسميات الخبز «الصامولي» بين «الهوت دوغ» الأوروبي، وال«فينو» في الدول العربية، إلا أن هذه القطعة «الأنبوبية» المخبوزة أخذت مسماها السعودي من الخباز الأفريقي عيسى الصومالي الذي أدخل طريقة عجنها إلى الأراضي السعودية قبل نحو 50 عاماً، مصمماً إياها على الشكل الحالي في مخبزه القديم في حي العمارية (جنوبجدة) الذي كانت تعمل فيه مجموعة من الخبازين الصوماليين. وكان المخبز نفسه يدعى «مخبز الصومالي». وانمحى أثر المخبز، ليبقى مسماه وشكل عجينته الغربية آنذاك عالقين في شفاه السعوديين، ووجبة رئيسة لإفطارهم كل صباح. «العيش الحجري»، كما كان يطلق على «الصامولي» قديماً، مع اختلاف التصميم السابق، مُنع من وزارة الصحة في ذلك الوقت، بدعوى عدم «نضوج» محتواه من الداخل، بحسب رجل الأعمال فائز صالح حمادة، الذي قال ل«الحياة» إنه يعمل في تجارة الخبز منذ نحو 4 عقود. وأضاف أن مسمى «الصامولي» لم يعلق في أذهان السعوديين فحسب، بل تجاوز ذلك ليصل إلى المهتمين بصناعة المخابز الآلية في أوروبا، إذ إن مسمى «الصامولي» أصبح معروفاً لديهم عند مجيئهم إلى السعودية للتفاوض مع خبازي المملكة. ولم يرد في ذهن عيسى الصومالي أن خبزه العجيب، وما صنعه من كميات الدقيق المعجونة بالماء وبقية المكونات سيرافق 5 ملايين طالب لنحو 34 ألف مدرسة في السعودية يومياً. وتصل كميات «الصامولي» المنتج في جدة وحدها إلى مليوني قطعة في اليوم، بحسب ما رجّح حمادة، الذي عزا ذلك الاستهلاك الكبير إلى تغير نمط غذاء الأسر السعودية، باستثناء المطاعم التي تستعين بالصامولي في الوجبات التي تعدها، وتستهلك هذه المطاعم يومياً 350 ألف قطعة منه خلال الأيام العادية، وتتضاءل هذه الكمية في مواسم الإجازات إلى نصف ما ينتج أثناء المواسم الدراسية، ليتراجع الإنتاج الملكي للخبز الصامولي إلى نحو 750 ألف حبة فقط. وقدّر علي جازع الشهري - أحد ملاك المخابز في جدة - كميات «الصامولي» المنتجة في منطقة مكةالمكرمة ب6 ملايين قطعة يومياً، إذ إن ارتفاع إنتاج المخابز للصامولي في المواسم الدراسية يزيد على الأيام العادية، بنسبة 30 في المئة. ويرتبط «الصامولي» في عرف الأسر السعودية بقرع ناقوس الحصص المدرسية، ويكون موجوداً في حقائب الطلاب والطالبات، ملتصقاً ب«الزمزمية» التي يختلف محتواها من طالب إلى آخر، وفي هذه الأثناء تعمل المخابز في المدن السعودية المتفرقة جاهدة لاستيعاب الطلبات المتزايدة والكثيفة. وقال تركي أحمد بدر - مالك مخبز في مكةالمكرمة - ل«الحياة» إن العدد التقريبي المستهلك في العاصمة المقدسة لحبات «الصامولي» مليون حبة يومياً، إذ إنها وجبة إفطار دائمة لكثير من الأسر. ولا تؤثر الكميات الكبيرة التي تنتجها المخابز السعودية من الصامولي في كميات الدقيق الذي توفره المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق، وبحسب ما قاله المتحدث باسم المؤسسة المهندس أحمد الفارس ل«الحياة»، فإن العام الدراسي لا يؤثر في كميات الدقيق التي تزوّد بها المؤسسة المخابز في السعودية، إذ إن ازدياد الطلب على «الصامولي» من زبائن المخابز يتم حسابه من خلال معادلة داخلية من المخابز نفسها، فهي تزيد إنتاج الخبز «الصامولي» على حساب الخبز المفرود، ولفت إلى أن المؤسسة خصصت كميات محددة بناءً على طاقات المخابز، وتتم زيادة هذه الكميات في منطقة مكةالمكرمة خلال موسمي رمضان والحج، مع زيادة أعداد المعتمرين والحجاج.